أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رجالٌ حول القائد الأسد... خطيب بدلة

يندبن على حافظ الأسد عام 2000 - ارشيف

أعتذرُ، بدايةً، للعَلَّامة خالد محمد خالد لأنني أخذتُ عنوان كتابه "رجال حول الرسول"، وحَوَّرْتُ فيه حتى جعلتُه: "رجالٌ حول القائد الأسد". لقد فعلتُ ذلك لضرورات فنية لا بد أن تكتفشوها بأنفسكم في سياق هذه المقالة.

لدي قناعة تنتمي إلى ما يسميه البعثيون (الثوابت) مفادُها أن الرؤساء الذين يصلون إلى كراسي الرئاسة في بلادهم بموجب انتخابات ديمقراطية، ويحكمون دولاً مستقرة شبه خالية من الصعوبات، والعقبات، والمشاكل، إنما هم أناس عاديون، قليلو الأهمية، لا يمكن أن يُخَلِّدَهُم التاريخ.. بدليل أن الكاتب السوري "سامر قطان" كتب قصة قصيرة بطلُها مثقفٌ سوري زار سويسرا، وسهر، ذاتَ ليل، مع مجموعة من المثقفين السويسريين، وفجأة خطر له أن يسألهم: (مَنْ هو رئيسكم؟)، فأحرجهم السؤالُ، وأوقعهم في حيص بيص، وصار كل واحد منهم يلتفت نحو الشخص الجالس بجواره ويسأله: (صحيح والله، مَنْ هو رئيسُنا؟)!  

فإذا كان الرئيس نفسه، في هاتيك الدول- أمثال سويسرا وما شابه سويسرا- نكرةً غير مقصودة، لا يعرفه حتى أبناءُ شعبه، فمنذا الذي سيخطر بباله أن يحفظ اسم مستشارة الرئيس السويسري للشؤون الثقافية؟ أو اسم وزير الصحة السويسري؟ أو اسم رئيس اتحاد الكتاب العرب السويسري؟ أو اسم الأمين القطري المساعد السويسري؟!

وأستنتجُ، بموجب هذه القناعة، أن رؤساء دول العالم يمكن تصنيفهم في ثلاث خانات: الأولى: رئيس فقط. الثانية: رئيس يرقى إلى مستوى "القائد". الثالثة: رئيس يرقى إلى مستوى "القائد التاريخي"، وهذا الأخير- لعمري- أجودُ أنواع الرؤساء.

هذه القناعة، من جهة أخرى، تؤكد صحة الفرضية القائلة بأن الرجال الذين يحيطون بالرئيس يتناسبون، من حيث الأهمية، طرداً، مع الرئيس نفسه. ففي حالة القائد التاريخي، يمكننا أن نسمي المعاونين رجالاً تاريخيين، والعكس صحيح أيضاً.  

خذ مثلاً الأستاذ علي عقلة عرسان مثلاً، فهذا الرجل بقي يحكم اتحاد الكتاب العرب في دمشق إلى ما بعد رحيل القائد التاريخي حافظ الأسد بخمس سنوات.. فلو لم يكن رجلاً تاريخياً هو الآخر لسقط، منذ زمن طويل، على دروب النضال، ولذهب، كما تذهب الأشياء الخفيفة، في نهر العاصي.

لقد شاعت في سوريا، خلال السنوات الماضيات معادلات خبيثة أراد مطلقوها أن يقللوا من شأن نظامنا التاريخي الجميل... منها أن كل سوري عمره دون النصف قرن لم يعرف سوى حزب البعث في السلطة! وكل سوري عمره دون الخامسة والأربعين سنة ولد تحت حكم حافظ الأسد! وكل سوري عمره دون أربعة عشر عاماً ولد تحت حكم بشار الأسد! وكل سوري مهتم في الشأن الثقافي لا يتذكر من هو رئيس لاتحاد الكتاب غير علي عقلة عرسان!

إن أعضاء مجلس الشعب السوري، السيناتورات، مثلاً، كلهم، من دون استثناء، شخصيات ذات وزن سياسي واجتماعي، والواحد منهم يرقى، في منطقته، إلى مرتبة "الزعيم"... ولذلك، وعلى الرغم من المحبة الهائلة التي يكنها هؤلاء السيناتورات للقائد التاريخي حافظ الأسد ومن بعده القائد التاريخي الشاب بشار الأسد، فإن تمرير أي مرسوم، أو قانون في المجلس هو أمر بالغ الصعوبة والتعقيد. وقد بلغني، والعهدة على الراوي، أن العادة في المجلس قد درجت على أن يقول معظم السيناتورات حينما يُطرح أمامهم "مشروع قانون" لأول وهلة كلمة (لا)!... ثم تحتدمُ المناقشات الحامية التي يتخللها، بين الحين والآخر، تبادلُ كلمات بذيئة، وبعض اللكمات، والترافس بالأرجل، دواليك حتى يتمكن الوزير المتقدم بالمشروع من إقناع نسبة 51% منهم بأن يقولوا (نعم)، فيمر القانون، وفي معظم الحالات تكون النتيجة الرفض القاطع!

وإذا كان المتقدم بمشروع القانون، أو المرسوم، هو رئيس الجمهورية نفسه، يكون تمريره أكثر صعوبة، إذ أن لدى الأعضاء قناعة ثابتة تقول: هو رئيس وقائد تاريخي، نعم، على رأسنا، ولكن نحن أعضاء منتخبون من قبل الشعب السوري وتهمنا مصلحته.

أعضاء القيادة القطرية السوريون، لمن لا يعرفهم، أكثر صلابة وعناداً من السيناتورات المحترمين، فهؤلاء كانوا يعيشون، قبل تعديل الدستور، ضمن قناعة راسخة مفادها أن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع، وليس الرئيس، ولذلك كان حافظ، (ومن بعده د. بشار) يتحاشى الاصطدام بهم، ولا يزورهم إلا بشكل بروتوكولي.
(وللحديث صلة) 

من كتاب "زمان الوصل
(253)    هل أعجبتك المقالة (185)

واحد سوري

2014-08-17

واحد وقف فى زحمه المرور فلقى واحد بيخبط على الشباك قائلا له تم اختطاف بشار الاسد وطلب الخاطفون فديه 5 مليون دولار واما ان يحرقوه ببنزين هل انت تحب بشار بكم ستتبرع له فاجاب السائق كم الحد الادنى للتبرع فاجابه من 5 الى 10 لتر بنزين.


@@علي الأزرقي العراقي@@

2014-08-17

كان القائد التاريخي ومن بعده القائد البطيخي يختارون وزراء ومديري مؤسسات وشركات من أتفه وأغبى الأشخاص ضعيفي الشخصية ولصوص وذلك بهدف السيطرة عليهم وأضعاف الدولة ليظهر هو وكأنه القائد الوحيد.


واحد سوري

2014-08-17

لم تكن لحظة وفاة حافظ الأسد لحظة وفاة عادية عند السوريين. الإنسان العادي حين يموت ينفلق نصفَين: نصف ينزل إلى الأرض الجسد، ونصف يصعد إلى السماء الروح. لكنْ في حالة دكتاتور صنع سمعته من الرعب، فإن نصفه الثاني الروح سيرفض مغادرة الأرض. سينتشر بين البيوت ويتحوَّل إلى آذان وعيون. العاطفة لا مكان لها عند تلقّي خبر موته. وإذا كان ثمة من مشاعر فهي مشاعر غير واثقة، ولذلك هي غير صادقة. حتى الذين تألَّموا فعلاً للخبر طردت الصدمةُ مشاعرَهم الحقيقية وأجلستْ مكانها مشاعرَ مزوَّرة. حتى الذين سعدوا بهذا الخبر لم تكن سعادتهم حقيقية. حتى الذين شمتوا لم تكن شماتتهم صافية. إن إنساناً حُبس في القبو لمدّة أربعين عاماً حين يرى الشمس للمرّة الأولى لن يعرف كيف يستقبل ضوءها، ورغم كل الدفء الذي تبثّه في جسده إلا أنها حتماً ستُزعج عينَيه اللتين لن يستطيع فتحهما بسهولة لتلقّي هذه الكمّية الفائضة من النور. لقد أعمى بعضَنا الشعاعُ البازغ من خبر موت الدكتاتور، لقد جعلنا نغمض أعيننا. لذلك شعرنا بالخوف والريبة حين سمعنا الخبر، فأقفلنا بابَ البيت علينا..


واحد سوري

2014-08-17

هستيريا من النفاق والدَّجَل اندلعتْ فور إعلان خبر الوفاة. كان الشعراء في المقدّمة لرثاء الرجل الذي «لم يحلم بهِ في الملاحم الشعراءُ»! والذي لولاه «لكان العُرْب ما وُجدوا»! كتبتْ شاعرةٌ تقول إن حافظ الأسد هو الميِّت الذي يُحيي! وكتبتْ زميلةٌ لها تُطالب الأبجدية بأن تكون «مليارَ حرف» كي تستطيع إيفاء الأسد الراحل حقَّه! شاعرٌ آخر أقسم بأن الموت لم يكن موجوداً ولم يسمع به الناس حتى مات حافظ الأسد! وفي حومة الدَّجَل تلك، لم ينسَ هؤلاء المنافقون التبشير بالأسد الابن. أحد الشعراء أصدر حكمه المبرم بأن بشار الأسد، الذي كنا آنذاك لا نعرف عنه شيئاً، «أعدلُ مَن يسودُ ويحكمُ»! شاعر آخر تغزَّل بوجه الأسد الابن كما يتغزَّل شاعر بوجه محبوبته: «عشقتُ وجهَكَ يا بشار...»! قبل أن يتحدَّث عن «حرقةَ اللهب» التي تعتمل في قلبه! لم يتركوا شيئاً يمكن أن يُقال في مديح أبطال الحروب وأبطال السينما على السواء إلا وقالوه في الرئيس الوريث، حتى طوله كتبوا عنه وامتدحوه! حتى مجلس الشعب الذي عدَّل الدستور في خمس دقائق من أجل انتخاب الأسد الابن امتدحوه: «يا مجلس الشعب الوفيّ بجُلَّق»! أحد الشعراء قال بأنه حين سمع كلمة «نعم» في مجلس الشعب أُصيب بحالة انصهار عاطفي!.


التعليقات (4)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي