أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المعارضة وخطوتان إلى الأمام دفعة واحدة.. هل تجرؤ على إعلان الاستقلال؟

لا يخفى على الباحثين والمحللين السياسيين والمعارضين التحولات الكثيرة والانعطافات الخطيرة التي طرأت على مسار الثورة السورية، لكن الملاحظ بوضوح أنهم كانوا على الدوام في طور المتابعة لما يجري من تطورات وأحداث ميدانية ومواقف سياسية إقليمية ودولية ومن ثم البناء عليها في تحليلاتهم وتصوراتهم لحقيقة الأحداث ومجرياتها والتوقعات القريبة والمستقبلية على مسار الثورة السورية وعلى سورية الوطن. 

لم نشهد دراسات أكاديمية رصينة أو حتى سيناريوهات محتملة ومتوقعة قامت المعارضة بتوقع حدوثها بناء على المعطيات العملية والتحليل السياسي الرصين، وبالتالي تكييف سلوكها وبرامجها السياسية بناء عليها.

وكان سلوك وعمل المعارضة أشبه ما يكون بموقف المتابع للأحداث وليس صانعها أو المؤثر عليها؛ ومن هنا كانت اجتماعات مؤسسات المعارضة مناسبات للاختلاف بسبب المحاصصة السياسية والاستقطاب الإقليمي والدولي وكان معظم الوقت يضيع على ذلك؛ وفي المقابل لم نشهدها تعقد اجتماعات تخصصية لمناقشة تقارير استراتيجية لبناء سياساتها وفقها.

الأداء الهزيل للمعارضة جعلها تتحول مصدرا للشفقة والرثاء في أحيان كثيرة، لا بل وحتى للسخرية وصولا حتى لعدم الاعتراف بشرعية تمثيلها من قبل أطراف معارضة كثيرة وخاصة في الداخل السوري.

منذ البداية وبعد تشكيل المجلس الوطني واجهت مؤسسات المعارضة أزمة الشرعية والتمثيل الحقيقي للثورة، ولكنها واجهت ذلك بوسائل ملتوية عبر عمليات توسيع مستمرة في صفوفها دون أن تتطرق أو تعالج الجذر الحقيقي للمشكلة المتمثل بالفجوة الواسعة بين المعارضة والداخل الثوري الذي لم يقتنع بأحقية وجدارة هذه المعارضة في تمثيله خاصة في ظل عدم قدرتها على تحقيق أي شيء ملموس للداخل على مختلف الأصعدة.

لتجاوز حالة الاستعصاء أمام الدول الصديقة التي وصل إليها المجلس الوطني وأنه لا يمثل كافة أطياف المعارضة؛ فقد دفعت تلك الدول لإنشاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ليكون الممثل الجديد للمعارضة ومن ثم الاعتراف به وتقديم كافة أوجه الدعم والمساندة له.

ظهر بسرعة أن الائتلاف مجرد فكرة هشة تم الإعداد لها وتسويقها بشكل مبالغ فيه؛ فسرعان ما ظهر أنه ليس أفضل حالا بل ربما حتى أسوأ من المجلس الوطني السابق؛ فهو لم يعدُ كونه طريقة جديدة في التمثيل والمحاصصة، وحتى ممثلي الداخل فيه من مجالس محلية وثورية وعسكرية تم اختيارهم وفقا لحالة المحاصصة والاستقطاب وكذلك الأمر بالنسبة للكتل السياسية الجديدة التي انضوت تحت راية الائتلاف.
بديهي أن تظهر الاختلافات الحادة في صفوف الائتلاف عند كل استحقاق يمر به مما يجعل وجوده مهددا باستمرار؛ وحصل ذلك على وجه التحديد في استحقاقات انتخابات رئيس للائتلاف والتصويت على الحكومة وقرارالمشاركة في جنيف2؛ وهذه ربما تكون مجمل الأعمال التي قام بها الائتلاف، إضافة لمشاركته في الاجتماعات وإصداره بعض البيانات المتعلقة بأحداث طارئة.

بعد الاعتراف به كممثل للثورة السورية من دول الأصدقاء أراد الائتلاف فرض هيبته وسطوته على باقي هيئات المعارضة وخاصة الحكومة المؤقتة التي انبثقت من خلال موافقته عليها؛ ولكن طريقة عمله كانت أقرب لعمل البرلمان وفي أوقات محدودة وفي باقي الأوقات يكون رئيس الائتلاف هو المهيمن على القرار.
أراد الائتلاف أن تهتم الحكومة المؤقتة بالأمور الخدماتية بشكل رئيسي والابتعاد عن التدخل أو المشاركة في المواقف والقرارات السياسية ضمن صلاحيات محدودة لرئيس الحكومة؛ ولكن رئيس الحكومة المؤقتة الدكتور أحمد طعمة الذي تم تمرير تعيينه هو وحكومته ضمن نظام المحاصصة وقع بالفخ أخيرا وأصدر قرارا بإقالة رئيس الأركان وأعضاء المجلس العسكري الأعلى وإحالتهم للمحاسبة وهو أمر ليس من صلاحياته وأدى ذلك للإطاحة بالحكومة فيما بعد.

اعتقدت المعارضة في البداية أن المظاهرات الضخمة ستؤدي لإسقاط النظام خاصة مع الإعلانات المتكررة لرؤساء الدول الصديقة بأن الأسد فقد شرعيته وأن أيامه باتت معدودة؛ وعندما بدأ الثوار يحققون انتصارات ميدانية حاسمة بدأت المعارضة تحضر نفسها لاستلام السلطة عبر الحسم العسكري واعتبرت أن ذلك عملية وقت لا أكثر؛ لكن الدعم العسكري للمعارضة تراجع مع وصول دعم عسكري واسع للنظام واستمرت المعارضة في تلقي الوعود فقط من الأصدقاء؛ مما سبب بتراجع واسع للجيش الحر لصالح النظام وقوى القاعدة المتشددة وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية؛ وهذا أدى لخروج المعارضة من عملية الحسم العسكري، وكان مفهوما مسارعتها للمشاركة في جنيف2 بدون أي شروط مسبقة وفي مخالفة للنظام الأساسي للائتلاف الذي لا يسمح بالتفاوض مع النظام بشكل مباشر.

بعد فشل المعارضة بإسقاط النظام وفق النموذج التونسي أو المصري عبر المظاهرات وكذلك وفق النموذج الليبي عبر إسقاطه عسكريا وكذلك أيضا الفشل في إسقاطه وفق النموذج اليمني عبر حل سياسي؛ تكون المعارضة قد استخدمت أوراقها كاملة رغم عد استتخدامها الورقة الاقتصادية بالشكل المناسب؛ ولم يبقَ لديها أي ورقة معلنة تستطيع الضغط بها أو اللعب عليها، ويبدو المشهد الآن بين قوتين رئيسيتين في الميدان هما النظام وتنظيم الدولة الإسلامية الذي تحول لدولة الخلافة.

بقاء المعارضة في موقف المتفرج والمتابع للأحداث كما فعلت باستمرار سيعمق حالة تهميشها في الداخل والخارج وخروجها من معادلة الأقوياء أو المشاركين في رسم مستقبل سورية.
أضاعت المعارضة الكثير من الفرص السانحة والمتاحة لها لتصدر المشهد وإحراز السبق فيه؛ لكنها كانت باستمرار ترجع خطوة للوراء في الوقت الذي كان يفترض فيه تقدمها خطوتين للأمام؛ لكنها لم تتحلَّ بالشجاعة الثورية المطلوبة خاصة مع عدم وجود قائد لها بشخصية قوية يستطيع توجيه دفة المعارضة باتجاه مصالح الثورة وتحقيق انتصارها.

تأخرت المعارضة في الاعتراف بالعمل العسكري ومن ثم تأخرت بطلب الدعم والتدخل الدولي وحتى في إجراء تحالفات وشراكات عضوية ومصيرية مع دول صديقة لإسقاط النظام، وكانت تقع باستمرار في الفخ الذي يضعه لها النظام بخصوص السيادة الوطنية؛ وعندما كانت تصل لقناعة بمرحلة ما، يكون قد فات أوانها والفائدة المرجوة منها.
لإنقاذ ما تبقى من الوطن على المعارضة أن تتحلى بالحس الوطني والشجاعة اللازمة وأن تقوم بدراسة الخيارات الواقعية والممكنة والمتاحة أمامها بكل صدق وأن تتوجه للناس بعد هذه المراجعة النقدية الشاملة وتضعهم في صورة الحقيقة والموقف الواجب اتخاذه.

ربما يرى مؤيدو مبادرة الشيخ معاذ الخطيب أنه يفكر بواقعية وأنه لا بد من الحوار مع النظام في نهاية المطاف، وربما ما ينقص مبادرة الشيخ معاذ هو الصراحة مع الناس وتوضيح الهدف النهائي للمبادرة وآليات تنفيذها وإمكانية تحقيق ذلك.
في ظل عدم اكتراث المعارضة بمبادرة الشيخ معاذ وعدم تقديمها أي مبادرة جديدة وخسارتها لأوراقها باستمرار، ماذا عليها أن تفعل لتلافي ذلك كله؟

لماذا لا تقوم المعارضة ولو مرة واحدة بالمبادرة من طرف واحد وقلب الطاولة والأوراق كلها لتعود لاعبا أساسيا في المعادلة.
حتى لا نبقى ندور في الفراغ لنسمي الأشياء بسمياتها وبوضوح؛ لماذا لا تقوم المعارضة بإعلان الاستقلال في بقعة جغرافية محررة مهما كانت صغيرة والانطلاق منها لتحرير باقي سورية المحتلة.

خطوة كهذه ستسمح لدول صديقة بالاعتراف وتقديم كافة أشكال الدعم دون أي قيود؛ وربما البعض يتذرع بأن خطوة كهذه ستؤدي لتقسيم البلاد، وكأن البلاد الآن في أفضل حالاتها وغير مقسمة.
هل ستستجمع المعارضة قوتها وتمضي ولو مرة واحدة بخطوتين إلى الأمام؟!

(122)    هل أعجبتك المقالة (117)

محمد

2014-08-12

المشي خطوة خطوة أفضل من خطوات غير محسوبة تنتهي بالسقوط . ماذا لو انقلب السحر على الساحر و الدول الداعمة للنظام زادت من دعمها له دون قيود في حين استمرت الدول الداعمة للمعارضة كعادتها ببيع الكلام . ماذا لو تحولت هذه الخطوة الغبية لمصيدة تحشر الثوار في رقعة من الأرض تجعل تجاوزها خرقا للقرارات الدولية . الأفضل مراجعة الخطوات السابقة التي قامت بها الثورة و تصحيح ما يمكن من خطوات خاطئة أوصلت الوضع لما هو عليه . بدل خطوات جديدة متهورة.


وليد

2014-08-12

أخونا بدو يصنع في سوريا غزة و ضفة ثانية حتى ننسى الكلام عن سوريا ... مثل فلسطين تماما.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي