أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"منحبكجية" يثيرون الفتنة بين أهل حمص وحماه على "فيسبوك"

امتازت مدينتا حمص وحماة المتجاورتان منذ زمن طويل بالمناكفات الاجتماعية المحببة والطريفة في أحيان كثيرة التي لعب نهر العاصي دوراً كبيراً في إشعالها وتغذيتها، وخلقت هذه (العداوة السلمية) حرباً ضروساً سلاحها الكلام بين المدينتين كلاهما ترشق الأخرى بالنكات حتى أصبح الأمر أشبه بدراما كوميدية يومية أضفت على المدينتين نكهة خاصة وطابعاً فولكلورياً مميزاً.

وفي كل بلدان العالم يقولون (كل الحق على الطليان) أما في حمص فيقولون (كل الحق على الحمويين) ويبدو أن هذه الحالة من "العداوة السلمية" المستحكمة بين حمص وحماه ليست ابنة يومها بل إن لها جذوراً متأصلة في التاريخ، ففي زمن الفتح الإسلامي لبلاد الشام قُسّمت الأجناد وكانت حماه من نصيب جند حمص ثم دخلت في حكم الأمويين ولما حدثت معركة (مرج راهط) بين اليمنية أنصار (مروان بن الحكم) والقيسية أنصار بن الزبير غُلبت القيسية وكان سكان حماه منها، وبدءاً من هذا التاريخ "تأرّثت" المشاحنة بين أهل حمص وأهل حماه وبقي أوارها يشتعل ويشتد والخلفاء الأمويون يساندون حمص على حماه لأنها من أنصارهم. ويذكر الأديبان الراحلان (عبد المعين الملوحي) و(محي الدين الدرويش) في تحقيقهما لديوان (ديك الجن الحمصي) حادثة وقعت في حمص أشار إليها (ديك الجن) في شعره وهي أنه كان في حمص ثلاث أسر قيسية وكان خطيب الجامع منها فأنزلوه عن المنبر وضربوه وأخرجوا هذه الأسر الثلاث ومنذ ذلك الوقت درج المثل المشهور (أذل من قيسي في حمص).

وظلت حماه طوال حكم بني أمية تابعة لحمص ولما انهارت الدولة الأموية وخلفتها الدولة العباسية ظلت حماه تابعة لها حتى 290 هـ. 

وتذكر كتب التاريخ فيما بعد أن شيركوه ملك حمص أرسل في عام 635 م عساكره إلى سلمية القريبة من حماه فطردوا نواب ملك حماه منها وقطعوا ماء القناة التي كانت تجري من سلمية إلى بساتين حماه (قناة العاشق) فيبست البساتين ولحق الحمويين ضرر فاحش ولم يكتفِ ملك حمص بذلك، بل أرسل عمالاً من حمص إلى البحيرة فبنوا تجاه الماء سداً عظيماً حُوّل به ماء العاصي عن حماه إلى الأودية، فوقفت النواعير وكاد الماء أن ينفذ منها لكن الماء هدم السد وعاد إلى مجراه الأصلي وكان ذلك انتقاماً من ملك حماه لمعاونته الملك الكامل ملك مصر. 

هذه المناكفات البريئة التي تدل على شدة التشابه بين أهالي المدينتين سواء في طريقة التفكير أو الطباع أو ردود أفعالهم الذكية تحولت في زمن النظام الأسدي إلى مواقف تذكي الفتنة وتزرع الشقاق بين أبناء المدينتين المنتفضتين، من قبل المنحبكجية الذين يتبادلون الأدوار، كلُ يشتم أبناء المدينة الأخرى ليتيح لضعاف النفوس أن يردوا ويسيئوا الأدب والهدف من ذلك خلق حالة من العداوة الحقيقية وتكريس المبدأ الشيطاني المعروف "فرّق تسد". ففي صفحة على "فيسبوك" يقوم مؤيد أطلق على نفسه اسم (حموي واعتز) بتحريض مؤيد آخر من حمص يدعى HOOMS SYR على إذكاء العداوة بين الحماصنة والحموية وتبادل الأدوار بينهما فيقول الأول: "ليك خليك على نفس الوتيرة شغلهم ببعض وما تقصّر بالحموية" فيرد عليه الثاني: "يا زلمي نشرت عرضن بالمسبات بس شو قصة المحادثات وحسابي مبارح اتهكر كأنو انكشفنا يا معلم"، وهنا يقول له الحموي المعتز بـ "حمويته": "يتهكر ليشبع" ويطلب منه التمويه على شخصيته قدر الإمكان: "خليك عم تنكر أنو مو أنت وخليك عم تسب منشان يردو عليك بتضرب عصفورين بحجر واحد أول شي إذا تعرض حسابي لإبلاغات بالتعليقات بيقويه وخليهم عم يعلقو وبرد عليك".

ويردف بلهجة سوقية: "لك شعب جحش وخاصة ثورجية الفيس وأنا أول ما نزّلّ بوست بسرعة بلش تعليقات ومسبات طبعاً"، فتنشرح سريرة الشبيحHOOMS SYR ويطلق ضحكة فيسبوكية "ههههههه أي هيك معلم ليك بدي ياك تسلملي عالشباب وقولهم أنا خدّام الطيبيين"، ويستدرك قائلاً: "ليك بدي ضلّ علّق بين الحماصني والحموية، وطز فيهم وبالثورة لك نحن والشبيحة عاطول داعسين عليهم ههههههه".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(144)    هل أعجبتك المقالة (155)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي