لم تستبعد مصادر خاصة لـ"زمان الوصل" أن يكون طرد الجماعات السورية المسلحة من البلدة اللبنانية عرسال هي المكافأة التي سيحصل بموجبها قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي على كرسي الرئاسة اللبنانية في ظل تجاذب مواقف وآراء الاحزاب والقوى السياسية في لبنان حيال الملف الرئاسي وعدم تمكنهم من الاتفاق على رئيس توافقي منذ أشهر عدة.
وتتابع المصادر ذاتها حديثها بأن حظوظ العماد قهوجي بكرسي الرئاسة تزداد شيئا فشيئا من جميع القوى السياسية اللبنانية .. بل إن المعارضين لإعادة تنصيب العسكر بمقعد الرئاسة باتوا لا يمانعون الآن في ذلك خاصة وأن قهوجي حاز على رضا حزب الله الطرف الأقوى في فريق 8 آذار. بل والجهة العسكرية والسياسية الأقوى على الأرض اللبنانية فهو الوحيد من يمتلك جميع القدرات العسكرية التي تمكنه من تحقيق ذلك في مختلف الظروف...؟ كما ان قوى الرابع عشر من آذار، بحسب المصادر ذاتها، والتي لم تتفق هي الأخرى على رئيس تواففي فيما بينها لا تعارض انتخاب العماد قهوجي رئيسا للبنان بسبب طول مدة الفراغ الرئاسي، ووصول التحركات إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد إلى طريق مسدود. خاصة وأن هذا الفريق هو أحد المشاركين الأساسيين مع فريق 8 اذار في حكومة تمام سلام..والأمر الذي يعزز هذه الفرضية، أي انتخاب قهوجي، كما كما يشير أحد المراقبين للشأن اللبناني هو الانعطافة الطفيفة في موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط -بعكس مواقفه السابقة- الذي ينفي فيه أن يكون تدخل حزب الله في سوريا ومساندته لنظام الأسد في قتل الشعب السوري هو السبب وراء دخول داعش والنصرة إلى لبنان الأمر الذي اعتبره مراقبون تغيرا مفاجئا في موقف وليد بك، المعروف عنه كثرة التقلبات في مواقفه السياسية،.. وهذا التغير الجنبلاطي قد يكون وراءه مستجدات سياسية ما قد يكون من ضمنها ملف رئاسة الجمهورية الشاغر منذ تسليم الرئيس ميشيل سليمان منصبه الرئاسي في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته إلى ما اصطلح عليه اللبنانيون فخامة الفراغ في إشارة إلى خلوّه من رئيس الجمهورية.
ويذكرنا الوضع السياسي الحالي في لبنان بالمرحلة التي تم من خلالها انتخاب قائد الجيش العماد ميشيل سليمان رئيسا للبنان بمباركة من بشار الأسد وحزب الله بعد نفذ. ما يريدونه وهو تدمير مخيم نهر البارد الفلسطيني بحجة محاربة منظمة "فتح الإسلام" التي كان يرأسها صنيعة نظام الأسد المدعو شاكر العبسي.. وتدمير مخيمات الفلسطينين في لبنان وقتل وتشريد قاطنيه هي سياسة ممنهجة دأب على تنفيذها نظام الأسد وحليفاه حزب الله وحركة أمل منذ سبعينيات القرن الماضي بإيحاء من حليفتهم في الخفاء إسرائيل والشواهد على ذلك كثيرة كصبرا وشاتيلا وغيرها.
ولم ينسَ حزب الله الموقف "المحايد" للجيش اللبناني من أحداث 7 أيار عام 2007 التي انتهك فيها "حزب المقاومة" حرمات أهل بيروت وفعل فيهم ما فعل من أفاعيل يندى لها الجبين..؟
أما لماذا جان قهوجي الآن. . فالجواب سهل ولا يحتاج إلى سرعة بديهة فبفضل هذا الرجل ومن حيث يدري أو لا يدري استطاع حزب الله أن ينفذ ما يريده، خاصة بعد أن تمكن منذ حوالي عام بالقضاء على ما أطلق عليه الإعلام اللبناني اسم ظاهرة الشيخ أحمد الأسير في صيدا الذي وقع في الفخ بعد أن استدرجه حزب الله إلى مواجهة مسلحة مع الجيش اللبناني في أحد مساجد المدينة المذكورة أدت المواجهات في النهاية إلى مقتل العشرات من الجانبين واختفاء الأسير مع المجموعة المقربة منه في جهة مجهولة.. وهذا الأمر اعتبره الكثيرون مكسبا لحزب الله واستفرادا بعاصمة الجنوب اللبناني ذات الغالبية السنية. خاصة وأن الشيخ الأسير كان يمثل خلال السنوات الماضية حجر عثرة أمام نفوذ الحزب في المدينة بكل ما يحمله من مدلولات طائفية وعسكرية تصب جميعها في نهاية المطاف في إطار مصالح حزبية خارج الدولة اللبنانية..
وثمة ما يعزز فرصة قهوجي بالحصول على كرسي الرئاسة هو الموقف "المحايد" للجيش اللبناني من تدخل حزب الله السافر في سوريا، وغضه النظر عن خروج ودخول ميليشيات الحزب والذخائر والأسلحة والآليات العسكرية من لبنان إلى سوريا وبالعكس .. وتضيف المصادر أيضا إلى أن العماد قهوجي قدم أيضا خدمة كبيرة للحزب والمتمثل بنشره للمئات من عناصر الجيش اللبناني على أطراف معقله في الضاحية الجنوبية للحيلولة دون دخول السيارات المفخخة والانتحاريين إليها خاصة بعدما انفجر الكثير منها في الضاحية الأمر الذي سبب إرباكا شديدا لحزب إيران في لبنان... وخطوة نشر الجيش اللبناني على الحواجز الأمنية للضاحية توفر على حزب الله نشر المئات من ميليشياته في المكان المذكور ويرسلهم بدلا من ذلك الى سوريا للوقوف إلى جانب قوات الأسد المنهارة معنويا وجسديا..
وأخيرا لن ينسى حزب الله ونظام الأسد من ورائه نجاح الجيش اللبناني الذي يترأسه العماد قهوجي في تطبيق الخطة الأمنية في عاصمة الشمال اللبناني طرابلس وبالتالي إنقاذ ميليشيات حليف الأسد علي عيد في جبل محسن من الانهيار المحتم بعد مواجهاتها الضارية مع التنظيمات السنية المسلحة في باب التبانة وبعد ثبوت تورط رفعت علي عيد في تفجيرات المسجدين في طرابلس والتي ذهب ضحيتها عشرات الشهداء من المدنيين.
ولم يكن تطبيق الخطة الأمنية في هذه المدينة المهملة مركزيا منذ عقود حرصا على الاستقرار والسلم الأهلي اللبناني الذي هو آخر ما يفكر به الموالون للأسد وإيران في لبنان، والدليل على ذلك هو ارتداد الوضع المأساوي في سوريا على الداخل اللبناني نتيجة التدخل الحزب اللاتي في دعم فريق ضد آخر في سوريا، وخير دليل على ذلك هو ما يحصل الآن في بلدة عرسال المحاذية للحدود السورية.
مأمون أبو محمد -زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية