أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"دفاتر العشاق" فيلم وثائقي يروي حكاية حيطان سراقب!

يروي فيلم دفاتر العشاق وهو وثائقي طويل من إخراج "إياد الجرود" وإشراف "عليا خاشوق" و"علي سفر" حكاية حيطان سراقب خلال ثلاث سنوات من عمر الثورة السورية تحت سقف الميغ والهاون، حيث صوت الحرية يعانق السماء. ويحكي الفيلم عن مجموعة من شباب سراقب الذين داروا سوية في شوارع المدينة يكتبون تاريخهم الحاضر على حيطان بيوتهم وأزقة المدينة التي نالها من القصف والدمار ما نالها، كما قال الفنان إياد الجرود لـ"زمان الوصل":
وحول السر في اختيار حيطان سراقب موضوعاً لهذا الفيلم، وهل تختلف هذه الحيطان عن دفاتر عشاق الثورة الأخرى يوضح الجرود أن حيطان سراقب هي إحدى أيقونات الثورة السورية التي أوجدت لنفسها مكاناً واضحاً في خطابات الثورة كطريقة مقاومة سلمية، وليس من اختلاف بينها وبين أي محاولات مشابهة في المدن السورية الأخرى سوى كثافتها واستمرارها الذي شكل منها ظاهرة سميت (حيطان سراقب) ويشابهها في الحضور والقوة لافتات "كفرنبل" مثلاً ومظاهر الرقص في المظاهرات التي أصبحت أيضاً طقساً جماعياً ثورياً سلمياً حاضراً كعلامة فارقة في مظاهرات حمص أولا ومختلف المدن والبلدات السورية في المرحلة السلمية من عمر الثورة. 

وعن توجه العبارات المدونة على حيطان سراقب لكل سوريا، وعدم اختزالها بالمكان الذي كتبت فيه وما دلالة ذلك على مستوى الثورة والوعي الجمعي يوضح الجرود أن حيطان سراقب عكست خطاب الشارع الحقيقي، الخطاب الوطني الذي يرى سوريا أرضاً واحدةً و شعباً واحداً، الشعب الذي أراد أن يدافع عن خصائص المجتمع السوري بكل تعدديته وتمايزاته "خطاب الهوية"، إن صح التعبير، رغم كل محاولات النظام عبر عقوده حكمه السابقة على هتك هذه الهوية وتفتيتها بطرق شتى. ويضيف : من هنا جاءت كل أشكال المقاومة السلمية في بدايات الثورة بذات الخطاب لتجعله حاضراً رغم اختلاف أشكالها وأماكنها.


اكتشاف البطل في دواخلنا !
وفيما إذا كانت تجربة تصوير الفيلم قد تحولت إلى جزء من المغامرة تحت سقف الميغ والهاون يجيب الفنان إياد الجرود قائلاً: كل تجارب الشباب الإعلاميين الذين أفرزتهم الثورة كانت تجارب للنقل الحي والمباشر والحقيقي تحت خطر الموت واحتمالاته الكبيرة كما يعرف العالم كله، وليس من مكان للاكتشاف هنا، ولكن توصيف الأمر بكلمة مغامرة كما جاء في سؤالك لا نراه دقيقاً، هناك توصيف أفضل وهو البطولة..! وبالمناسبة هذا أمٌر يطرحه الفيلم ويناقشه -أي البطولة- وليس طبعاً المصورين أو الإعلاميين فقط، بل جميع من قام بخدمات للثورة على اتساع أنواع هذه الخدمات، لقد كانوا جميعاً يمارسون البطل الذي في داخلهم، والذي ربما خبأوه لهذه المرحلة..! وهنا بدأت الاكتشافات؛ أي اكتشاف الكم الهائل من الأبطال السوريين الذين تسابقوا جميعاً بالبطولة. تم تصوير الفيلم عبر ثلاث سنوات في سراقب.

كانت الأفلام التي يصنعها الهواة والمحترفون قبل زمن الثورة أفلاماً مغتربة عن أوطانها، وهنا في دفاتر عشاق سراقب استعاد فريق العمل –كما جاء في التعريف به- الشكل الطبيعي لصناعة الفيلم وحول ماهية هذا التحول النوعي و دلالاته يقول الفنان الجرود: حديثنا هذا كان نوعا من المجاز، ذهبنا فيه نحو نقد الصيغة التي كانت تقدم فيها الأفلام السورية، فعلى صعيد الأفلام الروائية أنتم تعلمون أن أغلب الأفلام كانت تنتمي إلى سينما المؤلف، أي تلك السينما التي توغل في الذاتية، حتى وإن كانت مفتوحة على "الهم" الجماعي، وكذلك كان الفيلم الوثائقي ينطلق من فكرة محددة في رأس صاحبه، ليدور بعدها في عمليات التصوير ملاحقاً للشذرات الذهنية المبثوثة في الواقع. كلامنا هنا هو مجاز لتصويب الواقع الذي نعمل فيه، فكل الأفلام الوثائقية وربما الروائية التي أنتجت وستنتج في زمن الثورة، وما بعده، ستكون واقعية ولا تنتمي إلى الأفكار الذهنية..! وإذا شئنا أن ندلل على رؤيتنا من خلال الفيلم ندعوكم للاستماع إلى شخوص الفيلم وهم يروون حكاية الثورة، حكاية حيطان سراقب، وحكايتهم الشخصية. الفيلم هنا لم يعد مغترباً عن واقعه بل هو ابن هذا الواقع، فكلما دققت في الواقع الراهن للثورة وللمدن التي تعيشها ترى كيف أن التفاصيل تقول لك أنا فيلم بحد ذاتي، هات الكاميرا واتبعني، وإذا أردنا الإسهاب في تحليل دلالات هذا التحول، فإن علينا أن نشرع البحث واسعاً كي نقرأ حقيقة تقول بأن الثورة كفعل جماعي تعيد إنتاج العقل، وبالتأكيد تعيد صوغ رؤيتنا للفن، ودوره، الثورة هي فعل أفقي وعمودي، إنها تخترق كل شيء وإن بقي أمرٌ ما متخلف عن ركب التغيير، فإن هذا سيجعل الثورة ناقصة، ولكن هذا لا يحدث دعونا نتأمل بالمزاج السوري، كي نرى كيف تغير كل شيء.. 


أرواح تتجول في الحيطان !
لكل حائط حكاية وصوت وصدى وأرواح تتجول فيه ولكن هل هناك حائط استوقف فريق العمل أكثر من غيره وأحسسوا أنه يختصر دفاتر العشاق يوضح الجرود أن الفيلم يريد أن يقول إن الحيطان هي شخصيات، لها روح وحضور الناس أنفسهم.

فالمارة والعابرون، يستندون على خطابها كحامل لأحلامهم وأفكارهم، وأثناء السنوات الثلاث من عمر الثورة كانت الحيطان بكتاباتها ترسم صدى صوت الشارع المختلف والمتخالف، وهنا تكمن قيمتها وأهميتها، لا يوجد (برأي الفيلم) قيمة خاصة لحائط بعينه، وإنما القيمة(الفكرة) هي لحيطان سراقب بمجموعها كظاهرة كرست نوعاً من أنواع التواصل الاجتماعي وصنعت مرايا للمارة في الطريق، تتصادم وتتكسر أحياناً كثيرة في ظل التحولات التي عاشتها الثورة، ولكنها بقيت حاضرة في الراهن وفي الذاكرة. 

أخيراً فيلم "دفاتر العشاق" لا يختصر حيطان سراقب ولا يحاول أصلاً فعل ذلك الفيلم هو محاولة بسيطة لتكريم شباب سراقب الذين سجلوا بصمتهم في الفعل الثوري السلمي. علماً أن الفيلم الذي صُور في ظروف صعبة سيصبح جاهزاً للعرض بعد شهرين.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(146)    هل أعجبتك المقالة (173)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي