وصف بطريرك أكبر كنيسة في العراق أمس متشددي تنظيم الدولة الإسلامية الذين أجبروا المسيحيين على مغادرة مدينة الموصل بأنهم أسوأ من قائد المغول جنكيز خان وحفيده هولاكو اللذين نهبا وخربا بغداد في العصور الوسطى.
وقاد بطريرك الكلدان الكاثوليك لويس روفائيل ساكو موجة إدانة متشددي "داعش" الذين خيروا المسيحيين بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو مواجهة الموت بحد السيف.
وفي الفاتيكان ندد البابا فرنسيس بما وصفه باضطهاد المسيحيين في مهد عقيدتهم بينما قال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون إن تصرفات تنظيم الدولة الإسلامية تمثل جريمة ضد الإنسانية.
وغادرت المئات من العائلات المسيحية الموصل قبل انتهاء المهلة التي حددها تنظيم الدولة الإسلامية اليوم السبت وجردت الكثير منها من ممتلكاتها بينما فر افرادها للنجاة بحياتهم. وهذه العائلات هي ما تبقى من عشرات الآلاف من المسيحيين الذين كانوا يعيشون بالمدينة ذات يوم.
وفر منتمون للطوائف المختلفة مثل الشيعية واليزيدية والشبك من المتشددين الذين نسفوا أضرحة واستولوا على ممتلكات أبناء الأقليات الهاربين.
وقال ساكو في قداس خاص أقامته الكنيسة في شرق بغداد انضم خلاله 200 مسلم للمسيحيين للتعبير عن تضامنهم، إن الجريمة الشنعاء التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية ليست ضد المسيحيين وحسب بل ضد الإنسانية.
وتساءل كيف يجبر الناس في القرن الحادي والعشرين على ترك منازلهم لمجرد أنهم مسيحيون أو شيعة أو سنة أو يزيديون. وقال إن العائلات المسيحية طردت من منازلها وسرقت ممتلكاتها الثمينة ونهبت منازلها وأملاكها باسم الدولة الإسلامية.
وقال إن هذا لم يحدث قط في التاريخ المسيحي أو الإسلامي بل إن جنكيز خان أو هولاكو لم يفعلا هذا.
ورفع المسلمون في القداس لافتات كتب عليها "أنا عراقي. أنا مسيحي" وكتب البعض عبارات على ملابسهم.
وكتب البعض حرف النون وهو الحرف الأول من كلمة "نصراني". ووضع تنظيم الدولة الإسلامية حرف النون على بيوت المسيحيين ليحددها للاستيلاء عليها.
ودعا الأسقف شليمون وردوني، وهو أحد نواب البطريرك، المجتمع الدولي إلى التحرك، وقال إن على العالم أن يتحرك ويتكلم بصراحة ويضع حقوق الإنسان في اعتباره.
وقال إن الدولة العراقية ضعيفة وتعاني انقسامات وإن الزعماء المسلمين يلتزمون الصمت.
وقال لرويترز إنه لم تصدر أي تصريحات عن رجال الدين من جميع الطوائف أو من الحكومة مشيرا إلى أنه تجري التضحية بالمسيحيين من أجل العراق.
وندد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالمعاملة التي يلقاها المسيحيون وما وصفها بالهجمات على الكنائس في الموصل، وقال إنها تظهر الإجرام المفرط والطبيعة "الإرهابية" لهذا التنظيم.
وأشار المالكي إلى أنه أعطى تعليماته للجنة حكومية تشكلت لدعم النازحين في العراق لمساعدة المسيحيين الذين باتوا بلا مأوى ولكنه لم يقل متى سيحاول الجيش استعادة السيطرة على مدينة الموصل.
من جهته عبر البابا فرنسيس في قداسه الأسبوعي اليوم الأحد عن قلقه بشأن الإنذار الأخير الذي وجهته الدولة الإسلامية للمسيحيين.
وقال "تلقيت بقلق كبير النبأ الذي ورد من السكان المسيحيين في الموصل ومناطق أخرى في الشرق الأوسط حيث يعيشون منذ مهد المسيحية وحيث قدموا إسهامات كبرى لخير مجتمعاتهم".
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون في بيان تلاه المتحدث باسمه "بأقوى العبارات الاضطهاد الممنهج للأقليات في العراق من جانب الدولة الإسلامية والجماعات المسلحة المرتبطة بها".
وقال إن أي هجوم ممنهج على المدنيين بسبب خلفيتهم العرقية أو معتقداتهم الدينية يمثل جريمة ضد الإنسانية يجب محاسبة المسؤولين عنها.
ونزح أكثر من مليوني شخص في العراق وتقول بعثة الأمم المتحدة هناك إن 400 أسرة نازحة وصلت صباح أمس إلى مدينتين بإقليم كردستان شبه المستقل بشمال البلاد.
وأضافت أن من المتوقع وصول 700 أسرة أخرى إلى أربيل على بعد 80 كيلومترا من الموصل.
ووصف مسيحي غادر الموصل الأسبوع الماضي كيف فر مع عائلته حين علم بالمهلة التي حددها تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال سلوان نويل مسكوني (35 عاما) "جمعنا كل متعلقاتنا واتجهنا الى المخرج الوحيد. كانت هناك نقطة تفتيش على الطريق وكانوا يوقفون السيارات هناك".
وأضاف أنه حين رأى المتشددون أنهم مسيحيون طلبوا الذهب والمال. في البداية قالت العائلة إنها ليس معها شيء لكن أحد المقاتلين هدد بخطف ابنها البالغ من العمر أربعة أعوام.
وقال مسكوني "أفرغت شقيقتي حقيبة يدها التي كان بها مالنا وذهبنا وبطاقتها الشخصية. سمحوا للسيارة بالمرور وتركوا لنا الطفل".
وأضاف أن عائلات مسيحية قليلة هي التي بقيت ويختبىء أفرادها عند جيران مسلمين يستضيفونهم. لكنه في الوقت الحالي يستبعد احتمال العودة مع أسرته.
وقال "إذا غادرت الدولة الإسلامية فإننا سنعود على الأرجح ولكن إذا بقيت فإن عودتنا مستحيلة لأنهم سيذبحوننا".
رويترز
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية