أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رمضان اللاذقية بلا ماء ولا كهرباء

الصليبة

ما بين قطع الكهرباء وقطع المياه تعيش مدينة اللاذقية أسوأ أيامها في رمضان، وكعادته لا يسمي النظام الأشياء بمسمياتها، ويتعمد الكذب والتلفيق من أبسط الأمور إلى أعقدها. فقطع الكهرباء والماء عن بلد بأكملها يسميه تقنينا بدل قطع، يستبدل كلمة تحمل ما تحمل من معانٍ سلبية بكلمة إيجابية توحي بحسن التفكير والتدبير.

ولتسليط الضوء على أوضاع اللاذقية الصعبة هذه الأيام نقل ناشطون من المكتب الإعلامي في تنسيقية اللاذقية لـ"زمان الوصل" شهادات عدد من سكان المناطق الثائرة.

*ظلام وظمأ
حول معاناته مع انقطاع الكهرباء تحدث أبو رياض من حي "الصليبة" قائلاً: "بدأنا رمضان هذا العام بلا ماء ولا كهرباء، تقنين الكهرباء وصل حتى 12 ساعة في اليوم (من الخامسة حتى التاسعة صباحا، ومن الثالثة ظهراً وحتى السابعة مساءً، ومن التاسعة مساءً حتى الواحدة ليلاً). 

وأضاف أنه رغم أن هذا هو التقنين النظامي المعلن، إلا أن الكهرباء انقطعت في ثاني يوم من رمضان من التاسعة صباحاً وحتى الواحدة ليلاً ما عدا ساعتين وثلث خلال النهار، رغم أن المناطق المحيطة بنا كانت تنعم بالكهرباء تبعاً للتقنين المزعوم.

وعن كيفية تدبير أمورهم مع هذا الانقطاع الطويل قال أبو رياض: " نسعى خلال ساعتي التقنين إلى استهلاك كل دقيقة فيهما طولاً وعرضاً. بالطبع لا يمكننا تشغيل المكيف إذ تكون الكهرباء ضعيفة جداً، ونكتفي بالأمور الضرورية كالغسيل وتشغيل مضخة الماء وشحن الموبايلات. يقال بأن التقنين سيتغير اليوم من 4-2-4 الى 3-3-3- ونحن بالانتظار".

أم مروى من حي "الرمل الجنوبي" أعلنت نقمتها بشكل كبير على النظام والحكومة وعلى وزير الكهرباء بالذات. وبدأت كلامها بالدعاء عليهم ثم قالت: "لو توقف الأمر على الكهرباء، لكنا تحملنا ولكن انقطاع الماء أمر لا يحتمل. وبطبيعة الحال هما مرتبطان، إذ لا يمكن أن تصعد المياه إلى الخزان دون مضخة، وعندما تأتي الكهرباء يشغل الجميع مضخات الماء فلا تعود تصل إلينا. وأردفت: أرسل يومياً أولادي إلى الجامع القريب كي يجلبوا الماء من أجل الشرب والاحتياجات الضرورية،  وغالبا يعودون دون الماء". فهناك مناطق في حي "الرمل الجنوبي" قد لا ترى الماء لأيام عدة، وكذلك، "الصليبة" و"مشروع الصليبة"و"العوينة"، وبالمقابل هناك أحياء أخرى تأتيها المياه يومياً عند صلاة الفجر، ومناطق مثل منطقة المشفى الوطني والرمل الشمالي لا تكاد تنقطع المياه عنها.

وتضيف أم مروى: يبدو أن الأمر عشوائي. إلا في مناطق المسؤولين فلا ينقطع عنهم كهرباء ولا ماء أبداً.

* معاناة مع مضخات المياه
ولجأت بعض العائلات إلى شراء صهاريج ماء من الإطفائية وبعضهم اضطر إلى استخدام مولدات الكهرباء حين تنقطع الكهرباء، لتشغيل مضخات الماء. وعن هذا حدثنا أبو محمد: "المياه مقطوعة منذ ستة أيام عن بيتنا. وفكرت بشراء مولدة كهرباء، ولكن بعد أن عرفت أسعارها الخيالية غيرت رأيي واستعرت مولدة من أقاربي اليوم كي أستخدمها في وقت انقطاع الكهرباء لتشغيل مضخة الماء، حيث لا يمكن أن تصعد المياه إلى الطابق الخامس حتى بالمضخة في وقت مجيء التيار الكهربائي، إذ إن أهل الحي جميعاً يقومون بتشغيل المضخات في نفس الوقت مما يؤدي لضعف الماء كثيراً".

وعندما سألنا السيدة سلمى من مشروع "الصليبة" كيف تتدبر أمورها في ظل انقطاع الكهرباء والماء في رمضان، أجابت قائلة : "دائما أعزي نفسي بمناطق قطع عنها النظام الكهرباء والماء منذ شهور، وبسكان المخيمات، وقد يبدو لك الأمر مضحكاً ولكن أحياناً أصل بتفكيري إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فأقول لنفسي ها قد عاش الرسول وصحابته دون كهرباء !!. وبالفعل عدنا عقوداً وأكثر إلى الوراء، ففي الشتاء لجأنا إلى المنقل والعرجوم. وها نحن في الصيف استبدلنا المكيفات بالورق المقوى، لنستخدمه كمراوح يدوية".

وبالتزامن مع هذا يبدو أن وزارة الكهرباء تعيش في زمن آخر، حيث تتوالى بياناتها حول الأعمال الإرهابية التي تستهدف محطات توليد الكهرباء وتتغنى بأعمال الصيانة للأعطال الناتجة عن الحمل الزائد، وتبرر وصول الكهرباء لبعض المناطق بأنها ذات أهمية كبرى كالمشافى. وتتجاهل وصولها لمناطق المسؤولين. ويتحدث البعض فعلا عن الحمل الزائد على المدينة نتيجة اكتظاظها باللاجئين من مدن أخرى.

بينما يستمر الشعب بالحياة متأقلماً مع النواقص، بل ويجعل منها موضعاً للسخرية والضحك عبر صفحات "فيسبوك"، وينشغل بقصة الماء والكهرباء عن قصص الوجود.

زمان الوصل
(143)    هل أعجبتك المقالة (132)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي