أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لمنتقدي السلام السوري... اطمئنوا .... أحمد المصطفى *


ما لبثت أخبار الوساطة التركية حول مفاوضات سلام سورية- "إسرائيلية" أن رشحت، حتى انبرى جيش من الكتاب والمعلقين والمحللين السياسيين بتشريح الخبر والتعليق عليه، فمنهم من رأى في السوريين شطاراً. وهذا كلام حق أريد به باطل، فريق آخر تحدث عن الثمن الذي دفعته أو الذي ستدفعه سورية، لقاء فتح باب التفاوض، كذلك أراد بعضهم تحديد الخطوط العريضة للمفاوض السوري وكأن هذا المفاوض من الخدّج.
كثرت التحليلات وكثرت الآراء وكل واحد من هؤلاء نظر للموضوع من زاويته، أو وفق رؤية وأهداف من يقف وراءه.
و بالنظر لكل ما قيل وكتب حول المسألة يتبين لنا وجود فريقين:
الأول حريص على سورية ومكانتها كحصن عربي أوحد وأخير أمام تيار جارف من التآمر والنفاق الأميركي- الأوروبي، تحت مظلة ما يسمى "بالمجتمع الدولي والشرعية الدولية"، بتماهي عربي واضح وجلي، مسخرين لذلك كل السبل والإمكانات بهدف زرع فكرة التعايش والانصهار مع كيان غاصب ومحتل، أشبه ما يكون بكتلة سرطانية في جسدنا العربي وكأنه القدرُ المحتوم.
أما الفريق الآخر فهو فريق الصائدين في الماء العكر في محاولة تشويه كل خطوة أو نجاح سوريين.
من هنا قد يكون من الحكمة تذكير هؤلاء وأولئك ببعض النقاط وتسليط الضوء عليها عسى أن تحمل بين طياتها إجابات لتساؤلاتهم وتكهناتهم:
بدايةً جميعنا يعلم أن الرئيس حافظ الأسد كان لديه ثمة إصرار على وحدة المسارات التفاوضية العربية بهدف الوصول الى نتائج حقيقية في مفاوضات مع عدو مراوغ لايمكن الركون إليه بأدنى درجات الثقة، وهذه إرادة سياسية سورية جمعية تستند الى الخبرة والتجربة في معرفة هذا العدو، ناهيك عن اليقين بأنه لا بد للحق من أن يعود لأصحابه طال الزمان أو قصر، فالصبر والانتظار صنو السياسة السورية، اعتماداً على مبدأ من لا يستطيع الانتظار فليخرج خارج التاريخ.

كذلك نعلم جميعنا كم قاسى الأسد الابن وحوصر نتيجة لتمسكه بثوابت وثابتات السياسة السورية، و من أبرز هذه الثوابت الدعم المستمر لمقاومات الاحتلال في كل مكان وذلك استناداً لل"الشرائع والقوانين الدولية" من جهة، ولإيمان سورية بأن الحضارة الإنسانية ملك لكافة الشعوب ، وأن خيرات الأرض لكل قاطنيها من جهة ثانية، لذلك فان عمليات الابتزاز السياسي والسطو المسلح التي مورست وتمارس ضد أبناء منطقتنا تبقى مرفوضة في الشكل قبل المضمون في القرار السياسي السيادي السوري، كذلك الشعبي منه.
و يعلم القاصي والداني أن التضحيات السورية الرسمية والشعبية في سبيل القضايا القومية لا يمكن نكرانها أو التنكر لها أو القفز فوقها و تجاوزها، وليس لسورية بذلك منّة فهذا قدرها قبل أن يكون واجبها، وقد تحملت ذلك بشرف وستبقى.
أيضاً لا يخفى على أحد أن منعطفات حادة كثيرة تخللت السياسة السورية في غير مفصل، لدرجة أن المراقب والمتتبع لها لم يكن يتمكن من تمييز الخيط الأسود من الأبيض فيها، حتى كادت الفوارق تتلاشى بين ما هو تكتيكي واستراتيجي، ثم ما تلبث الأيام أن تظهّر الصورة لتؤكد أن لسورية خطوط عريضة، ومزايا غير مطروحة أو قابلة للنقاش، فالقيادة السياسية السورية في نهاية المطاف هم مجموعة من المواطنين السوريين الذين يتمتعون بنفس الروح الحضارية، والنفسية الراقية للإنسان السوري، و يدركون تماماً أن التاريخ لايرحم، لذلك فهم معنيون بكل ما هو نبيل و مشرّف.
وفي المحصلة نستطيع أنة نستشف أن السياسة السورية المتّبعة تجاه أية مفاوضات قائمة أو قادمة لا بد لها من أن تستند الى النفس الشعبي السوري أولاً، والعربي تالياً. لذلك كله لن يخفى على صنّاعها أن كل من فاوض"إسرائيل" من العرب قبلهم، استطاعت إيصاله الى البحر وأرجعته ظمآناً كما يقال، وهذا يعني أن السوريين لن يضعوا كل بيضهم في سلة كيان غاصب ومحتل قائم على الإرهاب ويتغذى منه، قد رفضه ولفظه التاريخ قبل شعوب المنطقة.
ما يطمئننا أن صيرورة الحياة والتاريخ تؤكدان لنا يوماً بعد آخر أن سورية هي سورية، وستبقى كذلك في مختلف الظروف والأحوال، فصاحب أول وأعرق مدينة في التاريخ، ومن ساهم بقدر كبير في تمدين العالم ، بما يحمل من روح حضارية ومدنية لا يستطيع أن يكون تابعاً أو ذنباً لأحد في يوم من الأيام.
وكما أن لكل زمان دولة ورجال، فان لسورية دولتها ورجالها... وليطمئن الجميع.
ختاماً نقول لكل من يحاول النيل من سورية، أن الكلاب تنبح والقافلة تسير...


*كاتب سوري Email:[email protected]

(120)    هل أعجبتك المقالة (104)

هشام التل

2008-05-29

اطمئن أخي الكاتب ان كل متابع نزيه أو حيادي على الأقل يعلم أن سورية فوق الشبهات..


مايا مهايني

2008-05-31

اليهود لا يسالمون، وهم معلروفون من أيام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يخفى على أحد..


فادي خيزران

2008-05-31

لفت انتباه السوريين واجب، على الرغم ممايقال عن وعيهم وحنكتهم، يكفيهم التجربة الفلسطينية مثالاً..


لبنى محاميد

2008-06-01

أعتقد أن سورية ليست في وارد تجريب المجرب، لكنها تلحق العيار لباب الدار كما يقال..


علي الهويندي

2008-06-01

ليش الكاتب دايماً متحيز للسلطة..هل أنت مظف حكومي..


التعليقات (5)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي