أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

وثّق 50 ألف شهيد في أكبر ملصق للثورة السورية: تامر تركماني لـ"زمان الوصل": الشهيد صورة في القلب وروح في السماء !

قام الشاب "تامر تركماني" /24/ عاماً بتنفيذ أكبر ملصق للثورة السورية بطول 170 متراً وعرض متر ونصف يضم صوراً لـ50 ألف شهيد في كافة أنحاء سوريا من أصل 104800 هو عدد شهداء الثورة السورية منذ انطلاقتها، ما بين طفل وامرأة ورجل، وسيتم عرض هذا الملصق البانورامي ضمن اعتصام ينظمه عدد من الناشطين السوريين أمام سفارة النظام في عمان في وقت لاحق. 

حول فكرة إنجاز هذا الملصق الضخم ومالهدف منه يقول تركماني الناشط في مجموعة (هذه حياتي التطوعية) لـ"زمان الوصل":
كنت أجلس أمام التلفاز وأتابع صور الشهداء في المجازر الأخيرة بحلب ودرعا وحمص وغيرها، فخطرت بذهني أولاً فكرة تصميم غلاف لصفحتي على الفيس بوك باعتبار أني أعمل في التصميم والتصوير، وكنت كلما أتصفح صورة يظهر غيرها وأصبح لدي إحساس أنني أظلم الكثير من الشهداء عندما أضع صورة أحدهم دون غيره، ففكرت بمشروع لتصميم 10 آلاف صورة وفعلاً عملت "إيفنت" على "فيس بوك" ودعيت الناس والأصدقاء إليه فأعجب الكثير من أصدقائي بالفكرة وأصبحوا يرسلون لي صور الشهداء الذين يعرفونهم.
ويضيف تركماني: بدأت بتصميم 218 صورة في يوم واحد وفي اليوم التالي صار عندي 2000 بفضل الله والناس الطيبين الذين ساهموا معي في الايفنت. ويوضح تركماني أن الهدف الأول والأخير من المشروع أن تبقى ذكرى الشهداء في البال وأمام العين، بعد أن ضحوا بأنفسهم لنعيش نحن اليوم ونمجد ذكراهم، وكانت الفكرة أن نجمعهم مع بعض في صورة واحدة بعد أن فرّقهم الموت وعجزوا عن جمع أنفسهم في الحياة وهذا أقل شي يمكن أن نفعله.

صورة في القلب 
وحول كيفية تنفيذ هذا المشروع الضخم والإمكانيات المتاحة لذلك يقول صاحب المشروع: 
كانت فكرتي أن أجمع صور الشهداء بشكل بانورامي على لوحة طولها 170 مترا وعرضها متر ونصف على ورق سميك خاص بالبوسترات وكل صورة ستأخذ 5×5 سم ومن الممكن أن تكون الصورة أكبر قليلاً، إذ سيتم القرار بذلك قبل الطباعة، ويردف مصمم البوستر: طبعاً لم أذكر أسماء الشهداء ولا مناطقهم لعدة أسباب أولها خوف الكثير من الأهالي على أنفسهم لأن الكثير منهم لا زالوا في الداخل وبعضهم لا يريد ذكر اسم ابنه أو أخوه لأسباب شخصية، يكفي أن نمرّ بهم ونسلم عليهم ونقرأ الفاتحة على أرواحهم الطاهرة والصورة تعبرعن صاحبها، فالاسم بالنهاية هو حبر على ورق، وعندما سألناه إن كان لحمص النصيب الأكبر من لوحته باعتبارها قدمت العدد الأكبر من شهداء الثورة أجاب تركماني بخفة ظل حمصية: "مين حمص؟؟ مابعرف هيك اسم بمشروعي" وأردف: سوريا واحدة، كل شخص استشهد داخل سوريا هو سوري في النهاية ولا يفصلنا عن بعض إلا اسم مناطق .. نحن أخوة، لا يوجد اسم منطقة ولا اسم أحد، الشهيد هو صورة في القلب وروح في السماء وهذا سبب نجاحي إن شاء الله.

لا أملك من ثمن اللوحة !
وحول تصوره لكيفية عرض هذا البوستر الكبير وأين سيكون مكان عرضه يقول تركماني: طبعاً أنا سأحضّر لاعتصام صامت ضخم أمام السفارة السورية في عمان، وسيتم إمساك اللوحة وعرضها على الرصيف المقابل للسفارة بمشاركة عدد ضخم من الناس، وسنرسل نسخة من اللوحة بناء على طلب عدد من الناشطين السوريين في كل من ميونخ وبرلين وألمانيا وتركيا والسعودية والكويت وأمريكا، وسيتم إرسال اللوحة نفسها عن طريق الشحن إلى كل هذه الدول ولن يتم إرسال الملف الأصلي لأية جهة خوفاً من المتاجرة به وحتى لا يكون هناك تكلفة أكثر.

ويشرح المصمم تركماني مصادر تمويل هذا المشروع الضخم قائلاً:
أنا في الأصل متطوع في مجموعة (هذه حياتي التطوعية) وأستلم راتب متطوع وحجم هذا الراتب معروف في جميع أنحاء العالم فهو بالنهاية متطوع. ويردف: لا أملك من ثمن اللوحة إلا راتبي الذي خبأته للطباعة، راسلت الكثير من الأصدقاء وقاموا بالمبادرة لدفع مبالغ رمزية من أجل الطباعة، وأنتظر المزيد من أهل الخير والأصدقاء ولو احتاج الأمر فسأبيع كاميرتي وكمبيوتري لأجل طباعتها في شهر رمضان إن شاء الله، ولكن إلى الآن لم أستلم أي فلس من أحد بسبب مهاجمتي من قبل الكثير من الناس واتهامي بأنني سأتاجر بدم الشهداء، وأنا سأقوم بالإعلان عن أسم كل شخص سيدفع ليرة واحدة، ويكشف تركماني أنه تعرض لكلام قاس من قبل بعض الناس ولكن كان جوابه -كما قال-: شكرا لمشاركتكم وأنا سأستمر وأتمنى حضوركم لهذا العمل ...وهذا ما أحرج الكثير منهم، فعادوا ليعتذروا عن أسلوبهم، وأكثر ما أزعجني قول أحدهم (بلا شهداء بلا بطيخ .. الحي أبقى من الميت) وللأسف لو كان عنده أخ شهيد لكان طلب مني وضع صورته ولكان يشجعني.

وعندما سألناه عن قصة شهيد استوقفته أكثر من غيرها في لوحته البانورامية قال:
كان لي صديقي طيب من بلدة الحفة في ريف اللاذقية قام بتوثيق كافة شهداء المنطقة ورحل مساءً للاشتباكات مع عناصر النظام، فاستشهد في نفس الليلة، وقد وثق نفسه مع شهداء تلك المنطقة، وبالتأكيد استوقفتني بألم مجازرالأطفال والإعدامات الميدانية والتعذيب في السجون، وكانت صور ضحاياها تقهرني وتدفعني للبكاء. 

وعن توقعه بأن يلقى هذا المشروع التوثيقي لشهداء الثورة تعاطفاً من العالم الصامت على المجازر طوال أكثر من ثلاث سنوات أضاف الفنان تامر تركماني: طبعاً سيلقى المشروع الإحساس بهذه الأرواح التي أزهقتها الحرب الشرسة وهؤلاء الناس الذين ضحوا بكل غالٍ وثمين لينالوا حريتهم وكرامتهم.. المشروع تم إنجازه بيد واحدة ومجهود شخص واحد وهذا يمثل بحد ذاته تحدياً كبيراً لكثير من الناس أو المسؤولين حول العالم.

وحول الرسالة التي يود إيصالها لعائلات الشهداء وأحبائهم ممن وثّق لهم يقول تامر تركماني: "رسالتي هي: نحن أبناؤكم وإخوتكم، والشهداء سيبقون أبد الدهر في القلب ولن ننساهم فهم من ماتوا لنعيش ونمجدهم، واعتذر من كل شهيد لم أستطع إيجاد صورته ليتم توثيقها .. الرحمة لأرواحهم الطاهرة والخلود لذكراهم.



فارس الرفاعي - زمان الوصل
(179)    هل أعجبتك المقالة (162)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي