أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

داخل كل منا داعش صغير !… ناصر زين *

مع بدء الربيع العربي بثوراته المفاجئة والانفتاح العربي والإسلامي والعالمي على بعضه بشكل كبير جداً وغير منظم، وقد أسهمت مواقع التواصل الاجتماعية بانفتاح أكبر بين الشعوب...
انفتاحٌ له إيجابياته وسلبياته، له فوائده وكوارثه , بحيث أصبح يبدي كل فردٍ رأيه بلا خوف أو حذر من السلطة المستبدة , فأطلقت الثورات الحريات , وأهمها حق التعبير عن الرأي , وافتتحت الصحف والمجلات الثورية بشكل كبير وإن كان دعمها محدود وانتشارها قليل لكنها خطوة أولى نحو نقلة ثقافية كبيرة إذا ما تحققت العدالة والنصر في سورية أولاً …

للعنوان غرابة واقعة وهي أن رغم كل الحريات وحق الرأي إلا أننا نرى على الصفحات الشخصية للسوريين مثلاً جدلٌ دائم وفي كل شيء، جدلٌ يبدأ بسيطاً وينتهي بالسُباب والشتائم , وفي الغالب كثرة الجدال نابعة من الحرية المتزايدة ربما أو من القناعة التامة بأن (الأنا) و فكرتي هي الصحيحة ولا مجال للشك في ذلك، كان الخلاف واضحاً في شأن (تنظيم دولة البغدادي ) وأنها حاجز حقيقي في وجه انتصار الثورة السورية بل وتزايد الأمر على أنها المصيبة التي حلت علينا والتي لا حل لها إلا بالنسف التام من الكيان السوري بدايةً والإسلامي أخيراً ….

فالغلو الكبير التي يتسم به التنظيم والذي كان جلياً من أمراءه وعناصره أثّر سلباً على تفكير بعض الثائرين وسلوكهم وتصرفاتهم فأصبحوا يكفروا إخوانهم المسلمين في صفوف الثورة وهو شيء يبدأ صغيراً وينتهي بكوارث أقلها هدر الدم.

والمرضُ المتأصل بداعش هو التكفير لأتفه الأسباب وبغير حق ومن هم ليكفروا الناس وما وجه إعرابهم في الإسلام المعروف بوضوح آياته فكل عناصر التنظيم مبهمين ملثمين لا يُعرف لهم أصل ولا فرع، ينتسبون للدول (بغدادي، شامي، سعودي، سوري، ليبي،  أمريكي ... ) وهو شيء يناقض الإسلام من جهة وضوح النسب لو أخذناه من منحى فقهي فكيف بمن يتكلم في أمر أمةٌ كاملة من جاكرتا في الشرق حتى طنجة في الغرب أو في حيزٍ أضيق وهو العراق والشام والجرائم والكوارث التي أحدثوها…..

نفس الأمر يطغي بين ما يُسمى بالناشطين الثوريين أو حتى العسكريين منهم فمن يخون بلا دليل كمن يكفر بلا سبب مقنع، وبدل أن تتضافر الجهود لنكون جبهةً واحدة في محاربة النظام نحن في ألف جبهة وجبهة في محاربة أنفسنا وجلد ذاتنا، رغم إيماننا العميق بضرورة النقد الدائم واستمرار طرح النصيحة ومحاربة تقديس الأشخاص وعبادتهم ، لكن ذلك لا يعني إنكار جهود الناس (( ولا تبخسوا الناس أشيائهم )) سورة هود، وكم من قلم يسعى للتوحيد يناله آلاف الضربات حتى تُكسر ريشته وينشف قلمه ويضيع هدفه …

وتقتلنا آفة الحزبية المصلحية على حساب نجاح الثورة واستمرارها , وبذلك يكون ضمنها " داعشٌ صغيرٌ " ينمو ويكبر مع الزمن حتى تُرفض كل المقترحات والحلول والجهود المطروحة من خارج الجماعة أو الحزب أو التكتل, سياسيٌ كان أو عسكريٌ أو إعلامي أو حتى خدمي محلي ..

ليس يكرهُ أحدٌ النقد ولكن ما الهدف من التجريح ؟ بل وما المرام الذي سيخرجُ من السُباب والتخوين والتكفير , في معركة هي  الأقسى والأصعب والتي لا يُعرف لها نهايةٌ إلا الاستمرار لكي تنجح !! ،فهل سنستمر بهذه العقول التي تجمدت بالقرون الوسطى وأبت متابعة المسير ورفضت أن يذوب الجليد عن تلافيف أدمغتها …

لقد استطاع إبليس الأسد الأب بإجرامه الذكي أن يزرع بقلوب السوريين الخوف من كل آخر , بغض النظر عن قيمته أو قرابته فأصبح السوي السوري يشك في أقرب الناس إليه ,  وأتى من بعده السفاح ابنه فاخترق صفوفنا عن طريق "متثائرين" ادعوا الثورة فكانوا لصوصها ومتسلقيها و بمساعدة مخابرات إقليمية ودولية أدخلوا لعنةً كمثال "داعش" والذي يُعتبر الصفعة الأكبر في مواجهة الثورة والتي ما زالت هي الخطر الملازم لها مع العصابة الأسدية بإجرامها المتزايد والمكثف لخط الثورة الضعيف والمثقل بهموم الشعب الذي تعب من الدماء والذي سيتعب أكثر بكثير إن ازداد التفرق والتشتت والحزبية …

إن " داعش الصغير" يجب أن يقتل دون أن يكبر وينمو ويشتد تأثيره على الثورة , التي تنشد العدالة الإسلامية في المجتمع المسلم , العدالة التي تطال كل شيء , سواءٌ كان قريب أو بعيد , مؤمنٌ أو كافر , حزبٌ سياسيٌ أو كتيبة ثوار، فمن أوصانا أن لا نقطع شجرةً في حربنا فكيف نقطع كل بوادر الوحدة مع بعضنا ونحن نرنو لهدف واحد وهو إسقاط الظلم وإحلال العدل مكانه (( اعدلوا هو أقرب للتقوى )) سورة المائدة ..

ولا شك أننا محكومون بقلة الموارد والتي تتحكم بوطنية الثورة وأسسها ولا شك أننا محكومون بكل أشكال المخابرات العالمية، ولا شك أنه يوجد بيننا كفارٌ وطامعون وخونة وجواسيس سفارات لا يعلمهم إلا الله ثم المخابرات التي عينتهم، ولا شك أننا سننتصر على كل ظالم و داعش و متآمر إن نحن وصلنا قلوبنا مع الله , ثم قضية الشعب الأولى والأخيرة وهي حياته المسلوبة ..لنجرب أن نعيد الحياة إلى الأطفال السوريين فهل نستطيع ؟؟؟

*ريف دمشق المحاصر
(145)    هل أعجبتك المقالة (149)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي