أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المحلل السياسي عبد الرحمن مطر لـ"زمان الوصل": أحداث العراق بين تعثر المشروع الفارسي، وانتكاسة الأميركي

الصورة أدناه لمطر

تسارعت الأحداث في العراق خلال الأيام الماضية بشكل غير متوقع حتى لأكثر المتفائلين بإحداث تغيير من نوع ما في بلد يغلي في مرجل الأحداث منذ سنوات، فما هي تداعيات المشهد العراقي، وما الأسباب التي أوصلت الوضع إلى ما آل إليه، وهل ما يجري هو حراك وطني على حالة الاستبداد والتهميش التي عاشها العراقيون السنة منذ سقوط بغداد، أم شأن مرتبط بأجندات خارجية يفسرها الصمت الأمريكي والدولي حيال التطورات الدراماتيكية، وما علاقة ما يجري في سوريا بحالة التمرد غير المسبوق الذي يشهدها العراق الآن.
حول هذه التساؤلات، أكد المحلل السياسي عبد الرحمن مطر لـ"زمان الوصل" أن المشهد العراقي بعد أيام من اجتياح ساحق لعدة مدن في العراق يبدو أشبه بحالة أسطورية، لم يستطع المراقبون لشؤون المنطقة التكهن به، رغم كل المعطيات التي توافرت عبر السنتين الأخيرتين، مهيئةً الظروف الملائمة لإحداث انعطافة حادة في التاريخ العراقي الجديد، قد يسوقنا للحديث مستقبلاً عن حدث لا يقل أهمية عن سقوط بغداد في ربيع 2003.
ورأى مطر أن هذا المشهد بتشابك صورته العامة وضبابيتها، بين دور أساسي لـ"داعش"، كصانعة للحدث، وبين أن تكون جزءاً منه، يمتلك قدرة المجابهة والاجتياح الذي يتأسس على الاستفادة من سمعة "داعش" الموغلة في الدم والإجرام، وإجبار الناس والمجتمعات على الانقياد لها، والفرار من أمامها، وهو في الحقيقة ماحدث فعلاً. غير أن قوى أخرى عراقية متعددة هي التي أسست لهذا الحراك الوطني في مواجهة دكتاتورية المالكي الطائفية، في استعادة جديدة لانتفاضة الأنبار قبل عامين، قبل أن يتمكن المالكي من إخمادها بمساعدة أميركية –إيرانية كبيرة.

وفي اعتقادي أن المشهد العراقي في جوهره هو تمرد منظم ضد سلطة الفاشية العراقية الجديدة المرتهنة لإيران، وهو ما يعني تعثر المشروع الفارسي، وانتكاسة المشروع الأميركي في العراق والمنطقة، مع خطورة صعود الاستبداديين الجدد.

العراق وسوريا 
وحول علاقة ما يجري في العراق بالثورة السورية، أوضح عبد الرحمن مطر أن ما يحدث في سوريا ساعد على انتقال الحدث إلى العراق، في لحظة غفلة دولية وإقليمية، عما كانت القوى العراقية تحضّر له، ساهم بقدر كبير في الوصول إلى لحظة الاجتياح، بأن كل ماتقوم به "داعش" هو في إطار تعزيز دولتها وبسط سلطتها على الأراضي السورية. في الحقيقة ساهمت كل من إيران والعراق، في دعم داعش بما يقود إلى تمكين الفوضى وإرباك الثورة السورية، تلك الفوضى والإسلاموية الدموية التي بشّر بها نظام الأسد منذ انطلاقة الثورة، مخيّراً السوريين بين القبول بجحيم الأسد، أو استبداد وسطوة الظلاميين.

الأسد والمالكي وملالي طهران!
ويردف مطر قائلاً إن ما يحدث في سوريا والعرق هو نتاج لأوسع ممارسة للقهر والإقصاء، واللعب بالانتماءات السياسية، والمكونات الاجتماعية، من قبل ثالوث الديكتاتوريات المتحالفة "الأسد والمالكي وملالي طهران" وأدواتها الموغلة بنشر الموت والخراب في المنطقة "داعش وكتائب أبي العباس وحزب الله"، وجميعها عملت معاً كقوى متماسكة من أجل إخماد ثورة السوريين، وعملت عبر تسخير قوى الظلامية لتشويه الثورة وجرّها بعيداً عن أهدافها، وإرهاب الناس وإشغالهم عن العمل الجوهري المتمثل في إسقاط الاستبداد واستعادة الحرية والكرامة.

ويوضح مطر أن التغاضي الدولي والإقليمي عما تقوم به "داعش" وأخواتها، مكّن لها في المنطقة، كما أدى إلى تهميش وغياب الدعم الحقيقي للثورة السورية، بالامتداد شرقاً وخوض معارك مؤسّسة لما يحدث في العراق اليوم، في الرقة ودير الزور وجنوب الحسكة، دون أن تكون هناك مؤشرات تكشف هذه الرؤية، التي استطاعت القوى العراقية المتحالفة مع "داعش"، من وضع إستراتيجية استعادة السلطة عبر ما يطلق عليه اليوم "ثورة العشائر، ومعركة تحرير العراق" من التبعية للأجنبي وثورة تغيير لواقع دخيل على العراق، مستمرة حتى تحرير العراق تحريرا كاملا".

ومن الأهمية القول إن ترك السوريين لوحدهم يواجهون "داعش"، سيجعل القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، تدفع ثمناً كبيراً في العراق.

نشر خرائط وتسريب وثائق !
وحول اعتقاده بأن يكون المشهد في العراق مرشحاً للتعقيد أكثر وما هي الاحتمالات المتوقعة يقول مطر: 
يبدو من المبكر جداً التكهن بمآلات المشهد العراقي الجديد، لكن ثمة مخاوف أثارتها التطورات الأخيرة، وما رافقها ذلك من تضخيم لمشاركة داعش من جهة وقيام الأخيرة بنشر خرائط وتسريب وثائق، من شأنها إحداث خلخة واسعة في المنطقة تعيد إلى الأذهان صورة الاجتياح العراقي للكويت في صيف 1990، بما يوحي أن ما يجري هو امتداد لمشروع صدام حسين، يضاف إلى ذلك أن القوى التي تدعم المالكي وسياسته في العراق، تقف على طرفي نقيض في مشروعاتهما الإقليمية، ما يجعل من صناعة قرارات حاسمة لمعالجة التحديات غير ممكنة بالسرعة التي استطاعت فيها القوى العراقية اكتساح مساحة تعادل ثلث البلاد.

ومن جانب آخر يرى مطر أن الولايات المتحدة، وفي ظل سياسة أوباما الجديدة، ورغم الخلافات الجوهرية بين الديمقراطيين والجمهوريين، لاتبدو أنها في صدد القيام بعمل عسكري يوقف امتداد التمرد الذي كشف هشاشة الجيش العراقي، وحقيقة غياب السلطة المركزية، وشللها عن القيام بأي شئ. ما يمكن تصوره اليوم هو أن "ثورة تحرير العراق" ستعزز مواقعها في المناطق التي سيطرت عليها، بغض النظر عن مكونات الثورة وعلاقتها بداعش أو أجنحة القاعدة والبعث والعشائر. فالمشهد حقيقة في غاية التعقيد نتيجة تداخله مع الوضع السوري من ناحية، وعلاقة كل الأطراف مجتمعة فيما بينها، ومع نظام الأسد.
فارس الرفاعي –زمان الوصل

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(114)    هل أعجبتك المقالة (98)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي