أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الطعمة هدف الجربا الثاني... مي الفيصل

الطعمة شخص تصالحي، مرن الطبع، لا يحب الإقصاء ويرفض الشخصنة

في الظروف العصيبة التي يمر بها تلاميذ الطغاة، يقتلون كل من تنبض به عروق الإخلاص وأوردة الضمير، كي تخلو الساحة من كل شيء عدا "الطاغية".

فرضت التحركات الإقليمية والدولية المضطربة، والأحداث السياسية المتسارعة، على جميع الأطراف السورية أن تتجاوب بسرعة وبحنكة معها، من خلال أفعال مدروسة على الصعد العسكرية والدبلوماسية، وفق رؤيتها وتقديرها لمقتضيات البقاء وتعزيز المكتسبات. فبينما تدور رحى مفاوضات جنيف 2 بين انقطاع ووصل لجولاتها؛ يعمل بشار الأسد على التلاعب بثقافة الثورة الجمعية التي التقى السوريون عليها، بعقد الهدن المنفردة مع المدن الثائرة تارةً، ودك مدن أخرى -قد تجاورها- بكل ما أوتي من قوة نارية قاتلة تارةً أخرى، فيما يعمل من نصبه الائتلاف رئيساً، على نزع المناصب الحساسة من منافسيه، بأي وسيلة كانت مهما بلغت من الدناءة مبلغا من جهة، وشيطنة جهات عسكرية أو سياسية من جهة أخرى.

أحمد الجربا رئيس الائتلاف الحالي، يقع في حيرة سياسية تنم عن عقل صغير زاهد بالثورة ومتمسك بالسلطة فقط لا غير، فلم يعد -كشخص ومنصب- بمنأى عن التغييرات السياسية وتبادل حقائب الملف السوري في الإقليم والعالم، فبعد أن سلمت "السعودية" وزير داخليتها محمد بن نايف ملف سوريا على حساب رئيس الاستخبارات بندر بن سلطان؛ شعر الجربا بأن تحركه المرن ضمن أروقة المعارضة السورية سيصبح عسيراً، لتزايد احتمالات تجريده من الدعم السعودي الرسمي وغير المحدود.

التبدل أو التبادل الداخلي في السعودية، يضاف إليه تصاعد الاستنكار الشعبي لنهج الائتلاف وممارساته، والتوتر المشحون في صفوف الائتلاف وانقسامه على نفسه مؤخراً؛ كل هذا وغيره، يفرض على الجربا أن يتحرك بسرعة لإطباق سيطرته على جسد الائتلاف المعارض قبل أن يدرك أعداؤه وضعه الحرج الذي أوقع نفسه والائتلاف فيه. لذلك انقلب على سليم إدريس في مؤسسة أركان الجيش الحر بالتآمر مع وزير الدفاع المستقيل في الحكومة المؤقتة أسعد مصطفى وقائد الجبهة الجنوبية عبد الإله البشير النعيمي ومجموعة الثلاثين -التي لا تعرف من الأراضي المحررة أكثر مما يعرف google Earth- ليضمن بذلك المؤسسة العسكرية في صالحه، ومن ثم كان الضغط على المجلس الوطني السوري لعودته بشكل جماعي أو منفرد للائتلاف، وكذلك الضغط على كتلة الــ44 المنسحبة من الائتلاف لإقصائها خارجه، والآن يستعد الجربا لعزل أحمد طعمة عن رئاسة الحكومة المؤقتة قدر مايمكنه الوقت من ذلك قبل معركة الإنتخابات التي ربما يزج بها هادي البحرة صاحب الوزن الناعم ليكون سمعه وبصره في الرئاسة.
.
الدكتور أحمد خضر الطعمة كان خيار الجربا "التوافقي" لرئاسة الحكومة المؤقتة، على الرغم من أن "الطعمة" شخص تصالحي، مرن الطبع، لا يحب الإقصاء ويرفض الشخصنة، ويرتكن للشعب والثورة في كل ما يفعل، وهو ما لا يناسب مخططات الجربا في تحقيق السيطرة التامة، لذلك فرض عليه أسعد مصطفى كوزير للدفاع في حكومته من أجل تمرير الملفات الحساسة قبل أن يفهم مصطفى ما يستخدم لأجله ويقدم استقالته بلا رجعة... 

بعد إعادة انتخاب الجربا رئيساً للائتلاف لولاية ثانية، تعززت حالة الاستقطاب داخل المؤسسة المعارضة، مما دفع بعض أطراف المجتمع الدولي للتفكير في دعم شخصية أكثر توافقية وأقل إثارة للجدل، وأقرب إلى نبض الشارع السوري، فوقع الاختيار بشكل طبيعي على "الطعمة".

هذه الأفكار أثارت حفيظة الجربا -على الرغم من أنها لم تترجم إلى خطوات عملية-، فبدأ يفكر بإزاحة الطعمة ليس من رئاسة الحكومة المؤقتة فقط، بل ومن المشهد السياسي السوري المعارض بالكامل.

تحركات الجربا لامتلاك السلطة والسيطرة المطلقة، تقتضي منه اليوم السيطرة على الحكومة المؤقتة بشكل كامل، بعد أن سيطر على الأركان ووحدة تنسيق الدعم، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الهيئة العامة، التي ستجتمع قريباً لتكون مسرحاً لتمثيلية عزل أحمد طعمة وانتخاب البحرة بديلاً عن الجربا... ربما لكن هذا ما أراه...

مشاركة لــ"زمان الوصل"
(157)    هل أعجبتك المقالة (148)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي