تحت أنظار العالم وفي وضح النهار كانت ومازالت مواكب داعش تتنقل في الشمال الشرقي السوري والشمال الغربي العراقي لتسيطر على القرى والبلدات والمدن السورية والعراقية دون أن يقوم أحد باعتراضها أو عرقلة تقدمها ، بالرغم من ان مواقعها مكشوفة ومعروفة من قبل وحدات الاستطلاع الاسدية والمالكية ، كما أن إحداثيات مقراتها وحواجزها وطرق إمدادها معلومة لكل الأقمار الصناعية التي تسبح في الفضاء الكوني ، ولكل من يمتلك برنامج Google Earth البدائي الذي يمتنع عن استخدامه الأسد في قصف المدن السورية بالبراميل المتفجرة ليقتل أكبر عدد ممكن من الأهالي والأطفال والنساء . وحدهم الثوار والمقاتلين الأحرار استشعروا خطر داعش ، فتصدوا لها بإمكاناتهم المحدودة بالرغم من أن هذه المعارك جانبية وتستنزفهم وتحرف مسار تحركهم لتحقيق هدفهم .
استطاعت داعش في الأيام القليلة الماضية السيطرة على مدن وبلدات استراتيجية في العراق ، حيث وصلت الى مشارف العاصمة على بعد مئة كيلومتر من بغداد ، وباتت تهدد كل العراق بسيطرتها على معظم مجرى نهر الفرات في سوريا والعراق الذي هو شريان الحياة لهما ، وبتحكمها في حقول وآبار النفط الذي يعد الثروة الأهم في البلدين .
لم يكن انسحاب الجيش العراقي الهزيل أمام ضربات داعش ذات الخبرة العسكرية في قتال الشوارع مفاجئاً ، وليس غريبا الانهيار الأمني السريع الذي حصل في المناطق المتاخمة لوجودها . لكن المريب والملفت للنظر أن داعش تتحرك دون اي مانع عسكري من قبل البلدين !! ما يجعلنا نتيقن من أمرين : الأول أنْ لا دولة في سوريا ولا دولة في العراق ؛ بل هناك نظامان توأمان مستنسخان من جينة واحدة في مخبر واحد ترعاهما وتحميهما حاضنة واحدة هي ايران التي تريد لبننة المنطقة لتكون أرض خصبة لمشروعها الطائفي البغيض . والثاني أن تقوية داعش أمر مقصود لأنها الأداة المثلى التي تستوجب بقاء هذين النظامين . لذلك تركت تسرح وتمرح في المنطقة دون ان يتصدى لها أياً من الجيشين الأسدي والمالكي . وهنا يلح السؤال : هل يمر هذا المخطط على الدول الكبرى في العالم لاسيما وأننا لم نلمس أي محاولة تدخل عالمي جاد للحؤول دون استمرار ابتلاع داعش لأجزاء من الدولتين لتقيم عليها دولة الخلافة الاسلامية التي تطمح لها ؟
إذا كان الأسد وداعش على السواء يمثلان تحديا لمصالح أمريكا كما قال السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد . فإن عدم مواجهة الأسد لداعش بجيشه وطائراته وصواريخه وبراميله ولا مرة ، و تفرغه للفتك بالشعب السوري ، و تركها تتمدد لتبقى تذبح وتفخخ معارضيه . وكذلك عدم مواجهة داعش هي الأخرى لجيش الأسد بما تملكه من خبرة في المناورة وقتال الشوارع والمفخخات ، وتفرغها لقتال معارضي النظام الأسدي حتى من هم يتفقون معها عقائديا مطلقة عليهم وصف الصحوات ، و معتبرة بشار الأسد أشرف منهم تحت ذريعة اتهامهم بقتل المجاهدين واغتصاب نسائهم ، وتركه يدمر سوريا . يجعلنا نرى بأم عيوننا ورقة التوت الأخيرة تسقط عن عورتيهما ليظهر بجلاء تحالفهما واتفاقهما على كل خطوة تقوم بها داعش .
فهل نشهد تنفيذا للاتفاق الأسدي الداعشي حول الرقة يتم إخراجه بسيناريو ممجوج يقوم على ضربات عسكرية معظمها خلبية من قبل جيش الأسد ضد داعش تحت قرع الطبول والتضخيم الإعلامي لتنسحب من الرقة ويحتلها النظام الأسدي وتفر هي متقدمة نحو دير الزور كما هو الاتفاق . فيكون في ذلك إرضاء للغرب على خلفية الاستياء من استيلاء داعش المتطرفة على أجزاء مهمة من العراق من جهة . وليؤكد الأسد للعالم أنه حامي المنطقة من الارهابيين من جهة أخرى .
12/6/2014
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية