في 9 حزيران 2011، وفي مقطع قصير، عبر "حسين هرموش" بالثوار السوريين وبالآلاف من جيش سوريا من ضفة إلى ضفة، عندما أعلن انشقاقه عن جيش النظام ليكون وقتها أرفع ضابط سوري منشق، والأول في فئة الضباط القادة الذين يعلنون انشقاقهم على الملأ.
كان شريط الانشقاق أشبه بالصدمة، ليس لدى النظام الذي روج مؤيدوه مقولتهم الفاجرة "الملائكة تنشق والجيش لاينشق"، بل حتى على مستوى الثوار السلميين الذين كانوا يقتلون بالعشرات ويعتقلون بالمئات في كل جمعة من جمع التظاهر، لاسيما أن معظم السوريين يعلمون التركيبة و"العقيدة" التي بني عليها الجيش في سوريا، عطفا على ما خبروه خلال "خدمة العلم" الإلزامية.
ورغم أن المقدم "هرموش" لم يلق "خطبة حماسية" ولا استعان بالأساليب البلاغية، فقد كان لما قاله من كلمات وقع الشرارة في الهشيم، فاتسع نطاق الانشقاقات أفقيا وعموديا، لتتشكل نواة جيش ثوري اصطلح على تسميته "الجيش الحر"، بينما انتعشت ثقة مئات الآلاف من الثائرين المتظاهرين بجيش سوريا، بعد أن كادوا يفقدون الأمل نهائيا في أي تحرك من قبل عناصر هذا الجيش، لاسيما ضباطه.
كان شريط الانشقاق واضحا للعيان، ومسبباته مذكورة، لكن جل ما تبعه بعدها كان عبارة عن حقل ألغاز ملغم، بداية بعميلة أسر المقدم واقتياده من تركيا إلى سجون النظام، وانتهاء بمصيره المجهول، مرورا بظهوره على إعلام النظام، في مقابلة هي الأولى، والأخيرة حتى هذه اللحظة.
وبقدر ما سببه من الانشقاق من "صدمة" له، صب النظام جل جهده المخابراتي على "الهرموش" ونجح في استدراجه وأسره (حيث لم يكن بين انشقاقه وأسره سوى 3 أشهر وبضعة أيام)، متخيلا أن اعتقاله سيضمن انطفاء الكثير من وهج الثورة، وإخماد نار الإنشقاقات، لكن عملية الاعتقال أعطت مفعولا عكسيا ورسخت جذور الثائرين، ودفعت كثيرا من المترددين في الجيش للإقدام على خطوة الانشقاق، بدل أن يخشوا عواقبه التي رأوها ماثلة في حادثة "الهرموش".
ومع إن وجه "الهرموش" صار بمثابة أيقونة منقوشة في وجدان الكثيرين، فإن اعتقاله ترك -فيما ترك- انطباعا قويا لدى السوريين بأن ثورتهم غير مرتبطة بـ"قائد"، وأن سيرها ومصيرها ليس متوقفا على اغتيال رمز أو أسره، وهو ما ثبت للنظام قبل غيره، وهو يحاول منذ 4 سنوات أن يقتل الثورة بقتل المؤثرين فيها.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية