بعد أيام ستتجه أنظار حكومات وشعوب العالم إلى البرازيل حيث ستقام نهائيات كأس العالم لكرة القدم هناك ، وما من شك أن العلاقة بين الرياضة والسياسة علاقة وثيقة ، كيف لا والمباريات تبدأ بعزف السلام الوطني ورفع علم كلا البلدين المتنافسين ، وقد قام الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بوصف المونديال بإحدى مقالاته سابقاً بأنه " ظاهرة من الظواهر القليلة التي تضاهي عالميتها الأمم المتحدة ، بل يمكن القول إنها أكثر عالمية من الأمم المتحدة ، فالاتحاد الدولي لكرة القدم يضم 207 من الاعضاء ، بينما لا يتجاوز عدد أعضاء الأمم المتحدة 191 عضواً " .
وكما أن للرياضة مونديال فإن للسياسة مونديال أيضاً ، لكن المونديال السياسي لا تحكمه آلية وقوانين محددة من حيث الزمان والمكان والشكل والمضمون ، لن أتحدث هنا عن المونديلات السياسية السابقة بل سأتحدث عن بلدي سورية الذي شاءت الأقدار أن يستضيف المونديال السياسي منذ ثلاثة أعوام وحتى هذه اللحظة ... مونديال السياسة في سورية من أقوى وأشرس المواجهات الإقليمية والدولية في هذه اللعبة السياسية حيث تدور المواجهات بين أقوى الفرق التي لها تاريخ حافل في هذه اللعبة لكن منصة التتويج بانتظار الروس والأمريكان ولا مكان للمفاجآت أو انتظار أحد الفرق ليكون حصان البطولة الأسود .
الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبمباركة إسرائيلية - صينية اتفقوا على تدمير الجميع في سورية من خلال مهاراتهم السياسية العالية وخططهم المدروسة واعتمادهم على سياسة التواطؤ وعدم احترام قواعد اللعب النظيف بالإضافة إلى استنفاذ الطاقة والقوة العضلية لكافة المشاركين من خلال تنظيم مباريات بين الفرق وشحنها بالنعرات الطائفية والعنف الذي يؤدي إلى حدوث الإصابات البالغة وإقصاء بعض اللاعبين بالبطاقات الحمراء بهدف الاستفراد بالفريق الذي سيخرج منهكاً من هذه المعمعة السياسية وبالتالي سيرضخ أمام الحالة البدنية القوية والجاهزية العالية لكل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في المباراة النهائية .
المنتخبات الأخرى المشاركة في مونديال السياسة السوري يمكن تصنيفها على النحو التالي :
( تركيا ، قطر ، السعودية ، إيران ، النظام السوري ، المعارضة السورية ) :
تركيا : فريق قوي لكن يعيبه عدم قدرته على اتخاذ القرارات الحاسمة في اللحظات الحرجة وتراجعه المفاجئ إلى الدفاع بعد إحرازه الهدف الأول .
قطر : فريق لا يمتلك الخبرة الكافية على المستوى الدولي ويعيبه وقوعه المتكرر في مصيدة التسلل وتذبذب أداءه بين الفينة والأخرى .
السعودية : فريق له وزنه لكنه يعتمد على الهجمات المرتدة والكرات العالية ويعيبه بطئ الأداء وعدم إجادة الضغط العالي على الخصوم في مناطقهم .
إيران : فريق قوي يتمتع بمهارات هجومية عالية لكن تأهله يعتمد بالدرجة الأولى على مدى قدرة حليفه حزب الله على الانتصار في مبارياته أمام الخصوم .
النظام السوري : الفريق الأضعف الذي يحتاج إلى معجزة لكي يبقى ضمن دائرة المنافسة ومصيره بيد حلفاءه الاستراتجيين وخروجه من البطولة قاب قوسين أو أدنى لكن الوقت البدل الضائع الطويل الذي يُمنح له يكفل له البقاء ، بالإضافة إلى غض الطرف من قبل الحكام عن أخطاءه وخشونته المتعمدة .
المعارضة السورية : فريق ضعيف لا يمتلك الإمكانيات اللازمة ويفتقر لوجود جهاز فني ذو كفاءة عالية بمقدوره قيادة الدفة ووضع الخطط المحكمة ، ويعيبه اعتماده على الهجوم غير المركز وتشتيت الكرات واضطراره للانسحاب في العديد من المباريات بسبب عدم التكافؤ وسعي كل لاعب بمفرده للحصول على لقب الهداف ، لكن الفريق مازال يكافح من أجل الوصول إلى أهدافه معتمداً على الروح المعنوية واللعب برجولة لمواجهة التحديات على الرغم من ضعفه .
في الأيام القلية القادمة ستتجه أنظار العالم كله شعوباً وحكومات إلى المونديال الكروي في البرازيل ، وما من أحد يكترث بأرواح الأبرياء التي يزهقها المونديال السياسي يومياً على أرض سورية منذ ثلاثة أعوام .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية