أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الثورة السورية والمراوحة في المكان ... صدام عكاش

لا يخفى على أحد كيف اندلعت ثورة الكرامة في سوريا ضد نظام الأسد الدكتاتوري والأمني والطائفي . وكيف كان الخط البياني للثورة يتغير ايجابيا كل يوم جمعة بشكل أفقي حيث انتقلت شرارة الثورة من مدينة إلى أخرى ، وبشكل شاقولي حيث ازدادت أعداد المتظاهرين كماً وكيفاً ، فتغيرت الشعارات باطراد إلى أن أصبحت الثورة متغير ايجابي لحظة بلحظة . كما لا يخفى على أحد التطور الدموي للوسائل والأدوات التي استخدمها النظام الأسدي لوأد الثورة منذ انطلاقها إلى يومنا هذا والتي جميعها تهدف الى إعدام المتظاهرين وإحراق الأرض التي يقفون عليها .
بالرغم من التحرك العفوي للشارع السوري إلا أنه ومنذ انتشار خبر أحداث 18/3/2011 في درعا نشطت النخب الثقافية الحرة في الوطن السوري بشكل لفت انتباه أمن النظام ، وتشكلت أطر ثورية في الخفاء ودون تنسيق بينها لتتحول إلى ما سمي تنسيقيات ومجالس وهيئات دون اعتبارات لمعايير أمنية وثقافية واجتماعية ، فاستطاع الأمن الأسدي اختراق هذه الأطر لتكون الضريبة باهظة . وبعد ان أدهشت المظاهرات السورية العالم بتنظيمها وشعاراتها وشعبيتها سارعت النخب الثقافية والفكرية والسياسية والدينية أشخاص وجماعات سورية لتمثيل الثورة وغالباً ما كان ذلك بدعم اقليمي ودولي وصل إلى حد فرض أشخاص معينة تفتقد للكفاءة الثورية والإدارية والسياسية بالإضافة الى إقصاء الشخصيات والكفاءات الوطنية الخبيرة تحت ذرائع وحجج واهية لتأكل هذه المجموعات بعضها بعد حين دون أن تحقق مطالب الثورة ، فظل المسار السياسي والإداري والحقوقي أعرجا لا يستطيع اللحاق بركب الثورة .
في هذه الآونة وبعد أن فرض النظام بممارساته القاتلة على الحراك الشعبي استخدام حقه بالتسلح لحماية المتظاهرين ومن ثم تحول هذا الحق الى مسار عسكري رافق المسار الثوري . فتشكلت الكتائب والفصائل ودخل السلاح والمال المشروط عبر سماسرة ووسطاء وتجار الحروب . وبالرغم من كل ذلك ظلت الثورة السورية مفعمة في النجاحات الباهرة حتى لاح النصر في الأفق و وطأت أقدام الثوار الأحرار عتباته ؛ لولا تقاعس العالم أو تواطؤه مع نظام الأسد – لأسباب - أتاح بإسناده بعناصر ذات خبرة قتالية وعسكرية وأمنية عالية من حلفائه المعهودين أوقفت زحف الثوار نحو العاصمة دمشق ، وحررت بعض المواقع والمدن الاستراتيجية ، حتى تحول التقدم بالأميال لصالح الثورة إلى تقدم بالحواجز والأبنية والأمتار ، كما أصاب الوهن والإحباط معظم الفعاليات الثورية التي تفتقد للتوجيه السياسي وتحتاج لتنمية الشعور الوطني ومع ذلك فأن الثورة ظلت كالبركان تارة تخبو وتارة تثور وغاب النصر عن الأفق وغادرت أقدام الثوار عتباته .
الكبار يقولون لا يصح الا الصحيح والتاريخ يؤكد لنا أن الثورات لا تخفق وكلما طال أمدها تتجذر أكثر فأكثر . واليوم وأمام تسارع الأحداث والمتغيرات وتطور المواقف وتزايد الشروط اخذت تتبلور نشاطات للنخب السورية ومنها الكتلة الوطنية الجامعة وبعض التكتلات والأحزاب والمؤسسات الوطنية التي تعنى بالثورة والمجتمع والمؤسسات السورية ، و تنكب على تقييم المراحل التي مرت بها ثورة الكرامة وتحليل المرحلة الراهنة والبحث عن خطة وأدوات وكفاءات لتطوير العمل الثوري والخروج من حالة المراوحة في المكان وإزالة المعوقات التي تؤخر تحقيق أهداف الثورة .
7/6/2014

(160)    هل أعجبتك المقالة (154)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي