أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سوريا ..المفاوضات ..الداخل ..؟؟. ... خليل صارم

غداة تأكيد انطلاق المفاوضات بين سوريا والكيان الاسرائيلي عبر الوسيط التركي ..بدأت الشائعات والتحليلات والاحتمالات الغبية أحياناً والفاجرة أخرى . ومعظمها تتضمن اتهامات وتشكيكات في صحة نهج سوريا وخطها الممانع والمقاوم الذي التزمت به وألزمت به نفسها على خلاف دولاً عربية وقعت وهرولت وطبعت واستسلمت تماماً للإملاءات الأمريصهيونية .
نذكر هؤلاء العباقرة بالمفاوضات السابقة في التسعينات وكيف تملص العدو من التزاماته التي اطلق عليها مايسمى بوديعة رابين .
لهؤلاء المتذاكين ..الحمقى يمكننا أن نقول .. أن سوريا تعلم تماماً مالذي تفعله ..وهي خبيرة تماماً بالعقلية الصهيونية المخادعة والكاذبة ..وتعي تماماً أن الأمور ستصل الى نقطة ثم تحاول اسرائيل العودة بعدها الى المربع الأول في عملية دائمة ودائبة تنبثق من الثقافة الصهيونية في المناورة والخداع وعدم الالتزام بأية عهود ومواثيق وهي حالة تاريخية تلازم العقلية اليهودية ولاتفترق عنها على الاطلاق .
مسبقاً فقد أعلن الكيان الصهيوني عن عوامل تفجير المفاوضات في أية لحظة وأنها سوف تصل الى طريق مسدود .
- أحدها هو الاعلان عن استفتاء يلحظ أن 52% من مواطني الكيان الصهيوني يرفضون اعادة الجولان لسوريا .. وهذا يعني فيما يعني مسؤولية الكيان الصهيوني كله عن الجرائم التي يرتكبها نظامه ..
- الثاني عو اشتراط الكيان الصهيوني بتوقف سوريا عن دعم حزب الله وحماس وإيران .

  • هم يعلمون أن أياً من هذين الجانبين لايمكن وضعه موضع النقاش كلاً أوجزءاً مهما كانت الأسباب وهما بالتأكيد من ثوابت السياسة السورية ومن صلب الاجماع الشعبي السوري . لذا فإن مجرد تمسك الكيان الصهيوني بهما أو بأحدهما يعني وقف أية مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مهما كانت العروض أو الضغوطات أو التهديدات , لذا فليطمئن هؤلاء الذين يمنون النفس بوقوع أي من هذه الأخطاء وهم ان فقدوا الذاكرة فإننا نعود لتذكيرهم بأن خلافاً على بضعة أمتار على شاطيء بحيرة طبريا أعاد سوريا الى التصلب ورفضت مجرد البحث فيه , وقد خرجت جهات من قلب السلطة تلوم وتندد بهذا التصلب في حينه مع أن كلينتون آنذاك قد وعد باعادة هذه الأمتار القليلة عبر المحكمة الدولية كما حدث بالنسبة لطابا في مندرجات الاتفاقية المصرية الاسرائيلية . وقد اثبتت الأيام صحة الموقف السوري .
  • الآن وفي هذه الظروف فإن رجل الشارع العادي في سوريا يعلم تماماً أن اسرائيل قد وافقت من أرضية ضعيفة ومهتزة في حين أن سوريا تقف على أرضية صلبة خلقتها حالة المنطقة بشكل عام وصلابة قوى المقاومة والممانعة , وقد استثمرت سوريا انتصار المقاومة في تموز 2006. هذا الانتصار الكبير والرائع الذي فرطت به الحكومة اللبنانية الاحتيالية والتي لو كانت وطنية وأحسنت استثماره لكان لبنان كله يعيش الآن في بحبوحة وازدهار ويقف على رأس الدول العربية فارضاً منطق المنتصرعلى هذه الأنظمة المتخاذلة بمواجهة أشرس وأعتى عدو. . وطالما أن حكومة لبنان قد فرطت به ..اذاً لماذا لاتستثمره سوريا قدر الامكان وقد فعلت ذلك ببراعة سيما وأن السيد حسن نصرالله قائد المقاومة وسيدها قد وضع النصر بتصرف من يشاء من العرب , لكن بعض العرب أداروا ظهرهم لهم وغرقوا في التآمر علي المقاومة لصالح العدو الصهيوني وبشكل وقح لم يعرفه تاريخ الشعوب بعد. فيما تردد البعض الآخر ولم يحسن التصرف .

- سوريا تعلم تمام العلم أن النظام الأمريكي والصهاينة يتمنون ويحلمون بابعاد سوريا عن نهجها وتفكيك التحالف القائم بينها وبين المقاومة الوطنية في أية بقعة عربية وايران .. لكن سوريا كررت وتكرر دائماً أن هذا من محرمات السياسة السورية والمحاطة بكومة خطوط حمراء لايجوز الاقتراب منها أو مجرد مناقشتها مهما كانت المغريات والألاعيب والمناورات . فهي لاتريد استعادة الجولان وخسارة سوريا كلها .. هو أمر معروف ومفهوم تماماً ..وعلى من لايفهمون ألف باء السياسة السورية أن يحاولوا اعادة القراءة جيداً وفهم الواقع بعد استعمال ذاكرتهم جيداً .
- في نفس الظروف المبنية على تراجع المشروع الأمريصهيوني واختراقه وانكساراته .. أي أهبل وأحمق يعتقد بامكانية التأثير على هذا التحالف خاصة وان النظام الأمريكي الحالي قد دخل مرحلة ( الغوما ) لغاية الانتخابات الرئاسية القادمة وهذا يعني فيما يعنيه أن سياسة النظام الأمريكي الحالية قد تجمدت مع عدم انتفاء احتمال قيامه بحماقة أخرى وأخيرة لمصلحة اسرائيل في المنطقة وقد اقترب من ذلك في الثامن من أيار الحالي لولا قطع الطريق عليه من قبل المعارضة اللبنانية وسيطرتها على مراكز أدوات المشروع الأمريصهيوني بالتعاون التام مع الجيش بعد افتضاح الخطة الدنيئة للغدر بلبنان والمنطقة ..الأمر الذي استدعى من النظام الأمريكي الحالي الدخول في مرحلة مراجعة لتحالفاته وتداعيات فشله تاركاً الأمور لبقايا حلفائه الضعفاء المكشوفين يجودون بما يمكنهم القيام به ويقتلعون أشواكهم بأياديهم وهذا مايدل عليه تخبطهم الغبي الذي يزيد من غرقهم في الرمال المتحركة للوضع السائد في المنطقة والمزيد من تسجيل النقاط لمصلحة قوى المقاومة .
- من المثير للاستغراب مكابرة بعض حلفاء المشروع الأمريصهيوني وانكارهم للحالة المتدنية التي وصلوا اليها وعدم تصديقهم أن النظام الأمريكي قد يأس منهم ومن امكانية تسجيلهم أية نقطة لصالح مشروعه .. لهذا فإن النظام الأمريكي وبعد أن فشل حلفائه في كافة المهمات التي أوكلها اليهم قد نفض يديه منهم تماماً وأدار ظهره لهم ليواجهوا مصيرهم الحتمي والمؤكد والذي حذروا منه طيلة المرحلة السابقة لكنه العمى والصمم والحماقة . .وخاصة بعد أن فشلوا بالغدر بالمقاومة والتمهيد لعملية تدخل دولية كان المطلوب فيه هو وضع لبنان كله تحت الوصاية العسكرية المباشرة الأمريكية الاسرائيلية وبغطاء دولي والقضاء على حزب الله في تزامن تام مع اعادة اجتياح غزة ولايضير تكرار تأكيد ذلك والذي افصح مسؤول المخابرات الصهيونية (زئيفي) في تصريحه الشهير بأن جهود ثلاث سنوات قد ضاعت في ليلة واحدة والحقيقة أنها قد ضاعت خلال ساعتين تماماً وقد أكدت المعلومات أن الرئيس العتيد للبنان لو نجحت الخطة سيكون
( فارس سعيد ) برعاية القوات الأمريكية الأمر الذي يدل على أن قوى مايسمى بالأكثرية كانت تخادع الجميع ومن بين من تخادعهم كان العماد ( ميشال سليمان ) الذي أثبت أنه كان يقرأ تحركاتهم جيداً ويعي تماماً مابين الكلمات وخلف السطور .
- لقد تأكد فشل العملية التي كان من المقرر أن يتم الاحتفال بنجاحها عبر لقاء كان مقرر مسبقاً وأعلن عنه بين بوش والسنيورة في شرم الشيخ يشربان فيه نخب النصر الضائع والذي تحول الى مجرد حلم خائب لعقول غبية قاصرة .
- على الرغم من انكار فريق السلطة اللبنانية لهذه العملية فإن وليد جنبلاط قد أكد على صحتها وعلى فشلها من خلال تحركاته وسكوته التام عما كان يردده قبل الاعلان عن فشل العملية بساعات قليلة وتسليمه أمن الجبل للسيد طلال أرسلان أحد الرموز المهمة للمعارضة الوطنية اللبناني والذي يحظى بثقة بقية أطراف المعارضة وأهمها حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر بقيادة العماد ميشال عون .
- تأكد العماد ميشال سليمان واطلاعه على تفاصيل المخطط الانقلابي الذي كانت تقوده اسرائيل والسعودية والنظام الأمريكي وتحركه الذي ساعد تماماً بإفشاله واظهاره القدرة في منع الاندفاع باتجاه الفتنة ..هذا الاندفاع الذي برز واضحاً على يد تيار المستقبل وولوغه في جرائم بشعة وضخه الكاذب للمذهبية في الوقت الذي تبين أن ضحايا اعتداءات أوباش هذا الفريق هم من أهل السنة ( مجزرة حلبا ) الأمر الذي أسقط كافة أكاذيبه وتنبه الشارع اللبناني الذي عادت اليه في لحظات خاطفة أصالته ولحمته في مواجهة الفتنة الأمر الذي أسقطها وقضى عليها تماماً وهو الآن بصدد غسل آثارها .
- رضوخ فريق السلطة للشروط التي وضعتها المعارضة اللبنانية وان تم اخراج هذا الخضوع عبر تعرجات وتكويع واعتماد الزوربة في اخراج المواقف حسب العادة , لكن النتيجة كانت واضحة ومجرد تحصيل حاصل .., في الوقت الذي تراجعت فيه التحركات الأمريكية التي تهدف افشال أي اتفاق الى الصفر تقريباً وهذا التراجع لم يكن ناجماً عن كرم أخلاق ولكنه العجز واليأس من الحلفاء والعملاء وانهاء ً لمهماتهم , بعد أن باتوا يشكلون عبئاً ضاراً بكل السياسات الأمريكية التي فشلت على أيدي هؤلاء العملاء .

  • إن المطلوب الآن من القيادة السورية وعلى صعيد الشارع هو :

- عدم القبول بأية وعود وطروحات ليست خطية ويبدو أن هذا هو ماتتبناه القيادة الأمر الذي يبعث على الاطمئنان لدى الشارع السوري بكافة تنويعاته وأطيافه .
- أن تضمن السلطة الفعلية في الولايات المتحدة (المؤسسات( وأهمها الكونغرس ومجلس الشيوخ ( وليس النظام الحالي ) أية طروحات أو وعود اسرائيلية حتى ولو كانت خطية ومن المهم أن تودع نسخاً عنها في الأمم المتحدة لتكون شاهداً يملك اثباتاً على كل مايجري لقطع الطريق على المناورات الاسرائيلية المعهودة التي مللنا تكرارها الفج والغبي , . لأنهم وخلال فترة قريبة سيعلنون انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية واستلام الرئيس الجديد لمنصبه ثم افساح الفرصة لسنوات لكي يتفهم الوضع في المنطقة وبنفس الوقت سيتعللون بانتخابات في اسرائيل لأنهم وعندما يحشرون في الزاوية يعلنون استقالة الحكومة لسبب من الأسباب ثم انتخابات مبكرة ثم انتظار حكومة جديدة لاتلتزم بتعهدات من سبق .. وهذا مافعلوه في مواجهة التزاماتهم السابقة ووديعة رابين الخطية .
- الالتزام باخلاء الجولان كاملاً وحتى حدود 4 حزيران 1967 وبموجب وثيقة خطية تودع في نفس المرجعيات . وقد أذيع فعلاً عن هذا التعهد الخطي .
- ان علاقات سوريا هو شأن سوري خاص لايحق لأحد البحث فيه وهو من أعمال السيادة ( العلاقات مع قوى المقاومة وايران ) وان مجرد محاولة طرحه للنقاش يعتبر اعتداء على السيادة السورية . يتوجب الرد عليه فوراً . وهذا ماأكدته سوريا بتاريخ 21 أيارالحالي في الرد على ماطرحته ليفني وزيرة خارجية مايسمى بإسرائيل , قاطعة الطريق على أية تأويلات قد يهرف بها المصطادين في الماء العكر .
- إن سوريا تعي تماماً أن اسرائيل قد فقدت دورها السابق المكلفة به غربياً وأمريكياً وبالتالي فإن مصالح أمريكا باتت مهددة فيما لو استمرت بسياساتها العبثية والسوريالية والمخالفة لأبسط بديهيات المنطق والقانون والأخلاق والعلاقات بين الدول . وان مصالح أمريكا تستلزم احترام امريكا لمصالح بقية الأطراف , وهذه النقطة تعبر عنها السياسة السورية كما هو ظاهر ومايلاحظ من خلال مايجري من مفاوضات وسوريا أكدت حرصها على المصلحة العربية العليا والتي تندرج المصلحة السورية في تفاصيلها الأمر الذي يسقط أية تأويلات وتحليلات قد يلجأ اليها من تمرسوا في الخضوع والذل والخيانة , وان الزعم بأن هذه المفاوضات هي مخالفة اسرائيلية للرغبة الأمريكية كما يجري تسريبه حالياً هو من باب التضليل والكذب وهي ماكان لها أن تتابع دون الموافقة الأمريكية والغربية وحلفاء أمريكا في المنطقة .

  • مايبعث على الإطمئنان والارتياح هو تاريخ السياسة السورية الخارجية التي لم تفرط بتحالفاتها على الاطلاق وبقيت وفية لحلفائها في كافة الظروف وأوقات الشدة عندما كانت الضغوط نصل الى ذروتها فهي قد نقلت هذا الوفاء من الاتحاد السوفياتي السابق الى روسيا اليوم ومعها روسيا البيضاء .. كما أنها حافظت على تحالفها وصداقتها المتينة لايران عندما حاصرها العالم كله بسبب هذا التحالف الذي أثبت صحته وصدقيته وانتقاله من نجاح الى آخر في خدمة قضايا الأمة برغم محاولات القوى المعادية والعملاء الحثيثة للتأثير في هذا التحالف وتشويهه وتحميله مالايحتمل وغير وارد لافي العقل السوري ولا في العقل الايراني وهو قد استمر واثبت مصداقية نادرة في تاريخ العلاقات بين الدول .

لذلك يمكن للمترددين والمشككين أن يطمئنوا تماماً فسوريا والسوريين يقرأون بدقة ويستعملون ذاكرتهم جيداً وليسوا ممن يؤخذ بالتضليل والبروباغندا مهما كانت ملونة بألوان زاهية ومغرية وهم لايتعاملون مع الأوهام ولايجربون المجرب وإن فعلوا فإنهم يقلبونه بملقط طويل أما من أراد أن يخلط الأمور بأحلام يقظته فهذا شأنه هو بالذات وشأن من يحركه لو تم ذلك , ولم يعتد السوريون الالتفات الى التأويل المنحرف للقوى المعادية المحلية والعالمية . وإن وجد من يؤخذ بالكذب والتحريف والتضليل أو يجاريه عن سوء نية فليبحث في أصوله ..هو ليس سورياً بالتأكيد .
يبقى على القيادة في سوريا أن تلتفت تماماً الى الداخل بعد استبعاد اليد الصهيونية من العبث بلبنان وافتضاح مخططاتها المجرمة وقطع الطريق عليها وبتر الأيادي المحلية التي عبثت طويلاً بلبنان وتسببت بتعطيل أو عرقلة التطوير المطلوب .. أقول أن تلتفت الى الداخل وتبدأ بتطهير نوعي فقد أثبت الفساد خيانته قطعاً عندما لم يتوقف بل تعاظمت ممارساته في ظل أعقد وأصعب الظروف وإن ترك الحبل له على غاربه من شأنه هدر كافة الانتصارات وعوامل القوة التي تمسك بها سوريا فهل سنشهد ذلك فوراً .. وبأيدي أدوات نظيفة وجديدة تماماً . بانتظار ذلك وبالسرعة القصوى فاطالة أمد الانتظار يوفر عوامل التفجر والمواطن السوري يتحمل كافة الظروف القاسية لكنه لم يعد يطيق رؤية سحنة الفاسدين في أي موقع كانوا . وهذه من أهم وأعقد الأعباء التي يتحملها السيد الرئيس لأنه وكافة المواطنين معه يريدون الانتقام من كل من عطل مشروعه الحضاري وتسبب بعرقلته ولافرق بين سيء النية وحسنها .
- 22 أيار 2008 .

 

(103)    هل أعجبتك المقالة (110)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي