أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كما ذهب البعث وبقي الأسد.. سيذهب الأسد وتبقى سوريا

في كل بلاد العالم وشعوبها الملونة التي تعاني التمييز بسبب الطائفة أو الدين لا يستطيع فيها أي إنسان -لم يختر دينه الذي تدين به طائفته العائلة-الخروج من طائفته أو دينه لأن ذلك يعني التنكر لأهليته التي ربته وهي محيط العائلة.

في سوريا كان لهذا الموضوع ذكر مغاير لما عرفته الدول ... كل سوري يتعرض لمداخلة من هذا النوع كأن يوجه له هذا السؤال، ما رأيك بالتنوع الطائفي؟ كان يجيب في سوريا لا ذكر للطائفة لأن الناس صهرتهم البوتقة الوطنية التي رفعت رايات النضال ضد الاستعمار في تاريخ سوريا البعيد أو القريب، منذ أيام التدخل الخارجي أيام الفرس والرومان ومرورا بغزوات التتار والمغول والغزو الصليبي والكولونيالي الأوربي وصولا إلى تجارب الوحدة مع مصر وحمل هموم الأمة ...إلخ.

كانت سوريا رأس حربة بلاد الشام قوية مقاتلة من أجل كل ثورات التحرر، تتعايش فيها في ذات الوقت جميع الطوائف كأمة واحدة لوطن واحد له حراك اقتصادي واجتماعي وسياسي وتاريخي معروف جعل جميع سكان هذا البلد بدءاً من ساكن المدينة والريف وليس انتهاء بقاطن الجبال والبدوي المترحّل في انتماء واحد للوطن الذي لا يعرف التمييز ولا التسميات ... الكل يحمل دلالات الالتصاق بجنسية بلاد الشام السورية لأنها أشهر ما برز من دول المنطقة في التاريخ المتفاعل مع الحراك الحضاري في العالم.

إن انتماء السوري لمفهوم المواطنة بكل صياغاته كأقوام وجغرافيا جعله يواصل اعتلاء الدرجات الحضارية واعتباره كشعب ذي حيوية متفاعلة مع الحضارات ومؤاتية لتقدمه؛ كل ذلك صنع أيديولوجيا معلنة، ومعروفة، وشهيرة في كل بلدة، ومدينة، وقرية، وحارة، وبيت نتعرف على بعضنا بخطوطنا العريضة للقيم والعادات ومقاييس العرف والقانون الذي يكاد يجانس صفات الجميع حتى لم يعد هناك فوارق غير مقصودة عدا ما يطفو على السطح أحيانا من بعض المفاهيم المستوردة من الخارج تتكسر على شاطئ الأصالة للآباء والجدود الذين تشبعوا بثقافة مختلطة من المسيحية والإسلام والعلويين ... الخ.

لا تكاد تلمح غربة في العيش بين السوريين وكان من الممكن لقيادة سياسية واعية، في مناخ كان متوفرا من الحرية والمشاركة في ممارسة حقوقها الرسمية قبل اشتداد توجه مصالح الأسرة الأسدية المتخلفة عن فهم مطابق لاحتياجات الأمة وصاحبة فهم غائم عن الدور الحضاري للأمة السورية الواعدة، كان من الممكن لقيادة سياسية منتمية وواعية أن تبدأ بمبادرات كثيرة تدخل في حراك النشاط الاقتصادي الذي يغلف جميع الجغرافيا السورية بما تحتويه من ثروات متميزة في طبيعتها وشاملة لكل شيء، ناهيك عن شعب متعلم أبدى جدارته بنشاطه واكتسابه للخبرة وقدرته على تجاوز المحن على مر التاريخ، وكان لدى قيادة الطائفة العلوية لو كانوا يسهرون على الهم الوطني ولصالح أمنهم -بدل التحالف مع إيران وروسيا- فرصة السعي لنهضة فكرية ثقافية بتوكيل من نجوم الأديان والطوائف كخطوة أولى لإصلاح التواصل مع التاريخ، وإيجاد تجانس أيديولوجي للعيش المشترك بمختلف بناه الأفقية والعمودية، والبدء ببرامج يتم من خلالها دمج ثقافات الناس ومعاييرها على منوال سوري مستقبلي.

ولقد سمعنا ورأينا مرات عديدة نخبا من شرائح عديدة سياسية تنتمي للأقليات ولمسنا ميلا منها للاستجابة إلى مصالحة فكرية عبر متنوع الأحزاب التي قمعتها سلطات أمنية لا ترى غير الارتزاق والسير بالوطن إلى نهايته متذرّعة بحماية الأقليات وهي أصلا غارقة في قمعها واضطهادها.

أدت حركة حافظ الأسد الانقلابية إلى استلامه السلطة وتصفيته لقادة حزب "البعث" آنذاك بأسلوب تآمري معتم كي لا يوقظ غير القلة التي كانت آنذاك قلة من أحزاب يسارية، بالإضافة إلى الإخوان المسلمين الذين كادوا يبدؤون بثورة غير ناضجة مقدماتها جعلوا السوريين يدفعون ثمنا توزع بين دم العائلات الحموية وبين عقدين من الاضطهاد السني وحرمانهم من تسلم زمام القيادة في مفاصل معينة وحساسة في دولتهم وأجل الإخوان مشروعهم إلى توقيت أفضل، وأراد حافظ الأسد أن يذر الرماد في العيون، فأعلن عن وحدة وطنية سماها الجبهة التقدمية تضم جميع الأحزاب تحت قيادة حزب البعث في حين أنه الرجل الذي انقلب على حزب البعث (أي حزب هذا قادته في السجون)، وفجر بهذا الاستفزاز صراعا مع النخب السياسية منذ 1970 وحتى الآن صراعا كمرض بارد وسرطان مزمن حاول السوريون مكافحته بشتى الجهود والإمكانيات ولم يوفروا حتى "الكيّ" وكان إلى جانبهم الكثير من الأقليات التي يدعي حافظ الأسد حمايتها ولكن دون أدنى فائدة تذكر.

الثورة بدأت منذ ألغى الأسد الأب جميع الأحزاب السياسية السورية ولم تنته حتى عهد الأسد الابن المولع بفلسفة أمراضه النفسية بالفيزياء السياسية ... لا يعلم ما بين يديه وما خلفه ولا هو أهل لبلد وشعب عريق عمر حضارته سنين مؤلفة.

نبيل شوفان -صحفي سوري
(122)    هل أعجبتك المقالة (126)

افرام ابو جورج

2014-06-04

اذا امعنت ولو القليل بماذا يحلم هذا الولد والذي سمي رئيسا لحكمت على هذا الولد بالمعتوه..وإلا كيف يحلم ان يصبح رئيسا لسوريه ويجري انتخابات ويريد ان يكذب كل العالم وكأن الذي يرتكبه من جرائم لايشاهدها احد 135 دوله صوتت الى اسقاط شرعيته في الجمعيه العموميه للامم الامتده ورغم ذللك يجري انتخابات على مقاس جنونه ولا معتوه في التاريخ الالنساني اعطي له المجال كما اعطي لهذا المجرم وسيكتب التاريح بصفحات سوداء قاتمه في عهد هذا المجنون..وإذا القي القذافي في شوارع بنغاذي والناس تبصق عليه اعتقد ان مصير هذا لمجرم سيكون اسواء بكثير.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي