يتبجح البعض بتخاذل "الثّوار" على الأرض من أقاصي "استوكهولوم" ومن جنبات "عينتاب" ومن فنادق الغرب والشرق وما بينهما! بل ويتعدى ذلك وقاحة البعض حتى يُملي عليهم خططاً عسكرية من على بعد آلاف الأميال عن أرض عايشوها، وتعايشوا مع كثافتها النارية من قبل العدو ومع تضاريسها فأصبحت هي وسادتهم.
بعد خسارة محيط "سجن حلب" تبجح البعض باتهام الفصائل باللصوصية والأخرى بالخائنة دون أي التفاتة لدماء الشّهداء التي تساقطت على الجبهات لأنها رفضت أن تكون ناصرة للظالم، ومدافعة عن المظلوم، فاستشهدت لاستعادة حقوق إنسان ظُلم من قبل سفاح قاتل.
لن أهتم لما سيقوله القادة اليوم والمحللون، ولكنني سألتفت إلى دماء شهداء لم تجف بعد، ولم تستمع آذانهم لجعجعة ثورجي فيسبوكي، أو إيدلوجية قائد، جلّ اهتمامها نصرة مظلوم طالت فترة "محبسه" في سجن طاغوت معتاد على القتل.
القيادات تبث البيانات من وراء الحدود، والحكومة، غير الشرعية أساساً، تطلق سيلاً من البيانات الرنانة التي لم تمنع في يوم من الأيام جوع نازح أو استشهاد ثائر، فتكدست الأموال في الجيوب، وأصبح أصحاب النخوة في البلاد يُقتلون لإراحة شعب من ظلم، بينما يتنازع المتنازعون على شرعية دولة غير موجودة ودستور رباني أو إنساني أو "صبياني".
ويتوالى المغردون من أصحاب اللحى والكرافتات على توصيف شكل حكم قد يأتي إليهم على طبق من الدماء تسيل بين الحين أو الآخر دون التفات لأي قيمة تعزي إنسان توفي قبل قليل على الجبهات.
يهاتفني صديق منذ قليل متسائلاً عن مشفى تركي تم إسعاف شقيقه إليه بعد سيل من المعارك، وهو يتبع لفصيل يتبجح ويتشدق قاداته بالإسلامية والوطنية، وعندما نتساءل عنه في المشافي نجد أنه الأتراك هم من جلبه عبر الحدود دون أن يأتي معه مرافق أو مساند، ودون أن يطمئن على أحواله أصحاب المكاتب الفارهة من قبادة ألويتنا الثّورية، قبل أن تجد صفحاتهم تبث صوره لتتفاخر باستشهاده وليقال إنّ الحركة الفلانية قدّمت عشرات الشّهداء في هذه المعركة أو تلك.
خلاصة القول: "ثوار" المكاتب الفارهة في دول الجوار وأبناء العائلات الإخوانية والشيوعية ووو، كفاكم تفاخراً بما كان، وكفى البعض منكم أن يأخذ دور "عزرائيل" في تعداد الشهداء من فصيله، فما خرج أولئك إلا إحقاقاً لقضية راسخة في ضمير وجدان كل إنسان "نصرة مظلوم سقط برصاص ظالم"، وليس لكي يكونوا مجرد أرقام في معاركم السياسية لتجنوا بهم الأرباح، وتتولوا على أجسادهم المناصب.
محمد الفارس
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية