أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بشار الأسد وثورته المخملية....أحمد المصطفى

لقد تميزت أواخر تسعينيات القرن الماضي بتغييرات جذرية ذات ايقاع سريع طالت بتداعياتها مختلف أنحاء العالم، أبرزها تلك التي طالت الاتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الاشتراكية كهزات ارتدادية حتمية، تلت تفكك الاتحاد السوفييتي، تلك الدول التي سارت على نفس النهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي كان سائداً زمن الاتحاد وقبل تفككه.
ومنذ أيام وقع تحت يدي كتاب يتحدث عن التجربة التشيكية بعد خمسة عشر عاماً عليها، ألّفه مجموعة من الباحثين الأكاديميين، من قادة الفكر، وقادة المعارضة التشيكية عام1998، والذين أصبحوا فيما بعد من كبار المسؤولين في تشيكيا.
أجمل مايميز هذا الكتاب أن بامكان القارىء ،أن يستشف أن الكثير من الأوضاع التي كانت سائدة إبان فترة الحكم الشيوعي، قريبة الى حد كبير مع ما كان سائداً في سورية زمن الاتحاد السوفييتي، والفترة القلقة التي أعقبته، في ظل نهج سياسي عالمي مجنون ، عرف فيما بعد بسياسة القطب الواحد.
وفي الوقت نفسه يستطيع القارىء عينه وبدون عناء يذكر أن يصل حدود اليقين الى أن ما يقوم به حالياً بشار الأسد في وطنه سورية يكاد لا يختلف بشيء عما كان يقوم به المسؤولين التشيك الحاليين عقب نجاح ثورتهم من ناحية الاصلاحات التي طالت مختلف الجوانب، وأبرزها على سبيل المثال لا الحصر، لبرلة الاقتصاد أو مايسمى اقتصاد السوق، ولا يخفى على أحد أن الاقتصاد والسياسة صنوان، ما يفصلهما أرفع من خيط، وأدق من شعرة .
والذي ميز سورية على صعيد سياساتها التحولية بمختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أن وتيرتها التحولية كانت تخف حيناً وتتصاعد أحياناً. وعلى سبيل المثال لا الحصر السعي الحثيث نحو الاقتصاد الليبرالي الحر من أجل النهوض بسورية الى مستويات عالمية متقدمة، بالاستفادة من التجارب الرائدة كالتجربة الماليزية التي قادها مهاتير محمد، وغيرها من التجارب العالمية، لكن مع الحفاظ على الخصوصية، و مع الأخذ بعين الاعتبار أن التجارب العالمية تخللتها مفاصل قاتلة في بعض الأحيان.
أما في سورية فبإمكاننا أن نلاحظ على هذا الصعيد، أن ثمة تدخلات على مستوى الرئاسة حصلت غير ذي مرة بهدف التخفيف من وطأة هذه التطورات وهزاتها الارتدادية على معيشة المواطن الى الحدود القصوى الممكنة. وهذا ما افتقدته شعوب تلك البلدان خاصة الأوربية منها، لكنهم بإصرارهم وتظافر جهودهم تمكنوا من تجاوز تلك التجارب القاسية، فوصلوا الى مكانة حلموا بها وأرادوها واستحقوها، فكان لهم ما أرادوا.
لكن بالعودة للتجربة السورية الوليدة نجد أن ثمة إمكانية لتسجيل بعض الملاحظات، من أهمها:
أولاً: أن تلك الدول الأوروبية لم يكن على حدودها كيان غاصب يقض مضاجعها، ولا خاصرة رخوة تهب منها رياح السموم، ولم تكن لها حدود مع غزاة مارسوا السطو المسلح. جهاراً نهاراً تقودهم أعتى العصابات الإرهابية تلبس لبوس من يسمون أنفسهم بالمحافظين الجدد حيناً، وتدّعي النبوة والوحي في أحايين أخرى، كما أن تلك الدول كانت في حلٍ من أشقاء يضمرون لها الشر كأخوة يوسف بل أشد مكراً، وألد عداوة.
ثانياً: ثمة مقولة معروفة، فحواها أن من لا يعمل هو فقط من لا يخطىء، وهذا صحيح الى حد بعيد، لكن فريقنا الاقتصادي في سورية مهما "حسنت نيته" أوقع التجربة السورية أو الثورة البشَّارية المخملية بهنات ومطبات غير مبررة، كان تجاوزها أكثر من ممكن.
ثالثاً: كما تخلل هذه التجربة التي لا زالت قائمة جشع الكثير من التجار، واسمحوا لي أن أسميهم"تجار الدماء" دونما أدنى إحساس بالمسؤولية أو الغيرية أو الانتماء تجاه تراب وطنهم.
رابعاً: من الملاحظ في تجربتنا السورية افتقادنا الروح الأوروبية المغامرة التي تميزت بها تلك الشعوب، وسعيها الحثيث لما هو أسمى وأفضل، ومن الطبيعي ألا يمر ذلك دون عقبات، مع ما يلزم ذلك من قدرة على الصبر والتحمل، بهدف الوصول الى آمال ونتائج ترتجى، تنعكس بالنتيجة خيراً على عموم الناس والمجتمع، وعلى الدولة ككيان عام.
- أخيراً ومن خلال متابعتي لما يجري في سورية بتّ مؤمناً أن مايميز بشار الأسد أنه شابُ ثوري صادق يسعى لاعمار وطنه، وخير شعبه، وهذا يُلزمنا من باب أخلاقي ومصلحي، مساندة مواطننا الرئيس الى الحدود القصوى، لأن في ذلك الخير، كل الخير لمستقبل أجيالنا والحفاظ على البسمة في عيون أطفالنا.
طوبى لكل من يعمل لرفعة وعزة وطنه، والخزي والعار لكل من يتآمر على أرضه وأهله وعرضه.
وختاماً لا أقول إلا كما قال شاعرنا الأغر أبو القاسم الشابي:
ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر


*كاتب سوري

Email:[email protected]

(101)    هل أعجبتك المقالة (98)

حمد المنصوري

2008-05-22

أنا شخصياًأؤمن أن ما يقوم به الرئيس السوري يهدف الى تطوير سورية، لكن الله يعينو على هيك حكومة، لأن ظلم ذوي القربى أشد مرارة..


عليا البزي

2008-05-22

أنا ضد الجمود، فصيرورة الحياة، تعتمد في أهم أركانها على التطور المستمر، والقلوب المرتعشة لا تصنع مجدا، لكن لو أنني مكان الرئيس السوري، لتجاوزت حكومة لا تستطيع الوصول الى آمال الشعب، بل انعدم جدار الثقة بينهما..


مايا المالكي

2008-05-25

الاستمرارية في الحياة تعني التقدم المستمر، من يتخلف عن الركب سيلفظه التاريخ، لكن أنا مع أن تكون لنا تجربتنا الخاصة في سورية استناداً للشرائع السماوية، والى الخصوصية السورية، وأن تكون الحكومة أكثر التزاماً بالوطن، لأن الأوطان أثمن بما لايقاس بالأطيان..


سائد خلفان

2008-06-02

لك ياسيدي ما عاد حدا همه شي غير لقمة الخبز.


التعليقات (4)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي