أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الثورة السورية بين حائط بوتين وفيتو أوباما

كما كان متوقعا من قبل المراقبين فإن مشروع القرار الفرنسي الذي يقضي بإحالة ملف جرائم الحرب في سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية اصطدم بحائط الفيتو الروسي الصيني المزدوج في مجلس الأمن الدولي للمرة الرابعة. ومهما كانت الدوافع وراء زج فرنسا بمشروع القرار للتصويت رغم إعلان القيادة الروسية مسبقا ودون حرج كعادتها أنها ستستخدم حق الفيتو ضده فإن النتيجة رسخت القناعة العامة بعدم جدوى آلية مجلس الأمن في حل المعضلة السورية حتى في الأمور الإنسانية.

القرار ٢١١٨ الذي قضي بتسليم النظام مخزونه الكيماوي وجلوس الأطراف على طاولة الحوار ضمن إطار جنيف هو القرار الوحيد الذي صدر بتوافق الأعضاء بعد ضمان روسيا استمرار آلية مجلس الأمن كمرجعية عند حدوث خرق لبنوده مما يعني إضعاف فاعليته وذلك بعد مقايضتها إدارة أوباما بمخزون النظام من السلاح الكيماوي مقابل استمرار نظام الأسد وكيلها في المنطقة على رأس السلطة، مما أعطى للنظام الديكتاتوري الضوء الأخضر للاستمرار في سياسة التدمير الممنهج لسوريا وقتل شعبها ووفر له المساحة الزمنية التي يحتاجها، إذ لم يشعر رأس النظام بأي ضغط يجبره على الالتزام بالمدة المحددة لتسليم مخزونه الكيماوي ولا بالتقيد بمضمون جنيف2 خلال المفاوضات الذي زجها في نفق مسدود ومضى قدماً في إعلان ترشحه للرئاسة ضاربا بنود القرار الذي وقع عليه بعرض الحائط. 

كان يمكن لمجموعة أصدقاء الشعب السوري الذي بلغ عدد أعضائها ١٢٠ دولة و١٧ منظمة دولية أي أكثر من نصف أعضاء الأمم المتحدة -لو توفرت لديها الإرادة السياسية- والتي اعترفت بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري والمحاور باسمه أن تجعل هذا الاعتراف قانونيا وتعمل في الجمعية العمومية للأمم المتحدة -والتي أدان ثلثي أعضائها عنف النظام- على نقل الشرعية من النظام الديكتاتوري إلى الائتلاف اعتبار جميع مصادقات الائتلاف على المعاهدات الدولية سارية المفعول بما فيها معاهدة روما التي تفتح الباب أمام المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب ومحاكمة المجرمين وبالتالي تفادي بوابة مجلس الأمن مما يساعد في حقن دماء الشعب السوري ويفتح الطريق أمام وصول المساعدات الإنسانية إليه، إلا أنه لا يبدو أن هذه الإرادة الدولية متوفرة الآن ولا في المستقبل القريب.

وبينما يتيح الفيتو الروسي -الصيني المزدوج في مجلس الأمن للنظام في سوريا الاستمرار في سياسة القتل الممنهج، فإن استمرار فيتو إدارة أوباما ضد حصول شعب سوريا على مضادات الطيران واستخدام حقه في الدفاع عن النفس تحت قصف براميل الموت يساهم في نزف المزيد من الدماء واستنزاف ثورة سوريا.

وبين حائط مجلس الأمن وفيتو إدارة أوباما على قوى الثورة السورية أن تبحث عن مخرج من خلال تبني استراتيجية جديدة وشاملة تعتمد على الركيزة الداخلية للثورة بكافة عناصرها دون إهمال تحري الدعم الخارجي بدلا من الاستمرار في النهج الحالي الذي يسير في ظل الاستراتيجيات المفروضة على الثورة من قبل الداعمين والتي تهمل الركيزة الداخلية من المعادلة بهدف الاستمرار في السيطرة على الثورة عن طريق سياسة إدارة الأزمة لصالح حل تساومي مع النظام الديكتاتوري.

خالد الخوجا
(158)    هل أعجبتك المقالة (184)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي