أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عوائل المجد بين حمص ودرعا مرورا بإدلب ودير الزور.. عائلة واحدة من بابا عمرو تدفع عشرين شهيدا

لم تكن عائلة "غنوم" العائلة السورية الوحيدة التي حملت عبء تلك الفاتورة الوطنية، فاتورة دم الحرية الذي سال، فهنا توجد مئات العائلات، ممن سقط جميع أفرادها قتلى وشهداء على مذابح الحرية، وكأنما ماتوا لسبب واحد وبطرق مختلفة.

ويصعب في هذه اللحظة تصوير أحد الأبناء وهو يعد على أصابع يده اليمنى عدد الشهداء الذين قدمتهم عائلته خلال فترة لا تتعدى السنة، حينها سقط أكثر من عشرة دفعة واحدة، كانوا جميعا أقاربه وأخواته، كل في الحي الذي يسكنه، حيث تمتد السلسلة من سكنهم في ريف القصير الى بلدة الحميدية الى بابا عمرو التي حوصرت يومها وشهدت أكبر معركة منذ اندلاع الثورة، على أثرها تساقط المزيد من الشهداء من عائلة واحدة.

غضفان غنوم ورائد غنوم، محمد عدنان غنوم محمد رشاد عبدالرحمن غنوم حيان محمد غنوم محمد غنوم غنوم يوسف احمد غنوم كمال أحمد غنوم عبدالحكيم عبدالباقي غنوم أحمد رياض غنوم موفق عبدالكريم غنوم أحمد ياسر غنوم عبدالرحمن أحمد غنوم عمر موفق غنوم، يامن موفق غنوم زهرة عبد الرحمن غنوم باسمة عبد الرحمن غنوم كندا محمد دباح غنوم خالد رفعات غنوم محمد فؤاد غنوم خالد أحمد غنوم فيصل أحمد غنوم محمد، غنوم محمد سليمان غنوم، هؤﻻء قتلوا على يد النظام السوري، بعضهم قضى حتفه في أقبية المخابرات، تحت التعذيب تحديدا في فرع الجوية في حمص ذاك الفرع اكتسب شهرة واسعة في بداية الثورة، وكانوا من أوائل المعتلقين فيه، والبعض الآخر قتل خلال اشتباكات عنيفة جرت في الحي، وآخرون خطفوا على يد شبيحة حمص وفي أحيائها الموالية.

تتذكر الأم اليوم تفاصيل مقتل كل واحد من أبنائها على حدى، وكيف أن أحدهم خرج من منزله ولم يعد، جمعهم ذاك العشاء الأخير في أرض الدار، بحسب روايتها، تواجد يومها أقارب لهم كانوا قد نزحوا من أطراف المدينة التي تعرضت للقصف الشديد، وأنشدوا أغنيات الثورة التي انتشرت في زمن الثورة السلمية، وفي اليوم التالي فقدت اثنين من أولادها بعد حملة مداهمات طالت الحي برمته.

بات كل حديث تتطرق إليه العائلة يتناول ذكريات من فقدوه في معارك حمص في المنطقة الواقعة بين القصير والحميدية، حيث فقدت تلك القرية كثيرا من الأبناء، ودرج مسمى"العائلات المفجوعة"، ككناية عن عائلات دثرت بأكملها لم يتبقَّ سوى أطفال صغار حملوا اسم الأب الشهيد.

يتحدث "غضفان غنوم" المخرج السينمائي الذي يعيش اليوم في أحد العواصم الأوربية بعد أن هجر مدينته مجبرا، يتحدث بحزن كيف أن الدولة لم تحترم حتى مراسم العزاء، فأتت لاعتقال بعض المطلوبين.

ويضيف: "عايشت الثورة في باباعمرو في بداياتها الأولى حين كان الأهالي يخرجون بالمظاهرات السلمية ويجولون في الشوارع مساء مرددين الهتافات المطالبة بالحرية والعدالة، وشهدت بأم عيني كيف بدأ النظام بقمع هذه المظاهرات واعتقال الناس وإعادتهم إلى أهلهم جثثا مشوهة مثل بها في السجون.

ويردف: "كانت بابا عمرو تغلي وهي تشيّع كل يوم شهداء التعذيب، كان الأخ يشيّع إلى جانب أخيه وابن عمه، وكان الأهالي يزدادون إصرارا على المضي بالانتفاض من النظام. 

ومع مرور الأيام وازدياد وتيرة القصف والقتل والتنكيل والهمجية قدمت كل العائلات تقريبا شهداء من أفرادها كقرابين للحرية. وكانت عائلتي كسائر العائلات التي آثرت الانحياز للثورة بوجه الظلم".

ويمضي غنوم قائلا "هكذا فعل النظام السوري من أجل قمع الثورة وأهدافها وضرب الحاضنة الشعبية لقوات الجيش الحر، وتعمد استهداف عائلات بأسرها، فقتل عمدا الأب مرورا بالأم وانتهاء بالأطفال، يقول والد أحد الأطفال الذين قضوا تحت التعذيب وشقيقه الأكبر قتل برصاص قناصة في وسط مدينة دير الزور، وبات اسم عائلة صليبي واحدا من أشهر الأسماء في هذا الشأن: "لقد تبنى هذا النظام أسلوباً تعجز عن وصفه مفردات العصر الحديث، وأقل ما يقال فيه إنه أبشع من الأسلوب النازي القائم على محاربة شعب خرج من أجل رد الظلم".

لقد خسرت العائلة عشرة من أبنائها على يد النظام، وليس من الضرورة أن يحملوا كلهم ذات التوجيهات، ربما يموت الأخ الأكبر لأنه معارض، وأيضا قد يسقط الأخ الأصغر بسبب تأييده لموقف ما، هذا ما حصل مع شقيقين من عائلة "رحال" من إدلب، وتدور شائعات في بلدة في ريف إدلب كيف أن أحدهم وشى بشقيق له فخطفته مجموعة تابعة للنصرة، وكان شقيقه معتقلا في سجون الأسد منذ أول اقتحام كان في السنة الأولى للثورة.

ولابد في الحديث عن عائلات مفجوعة ذكر عائلة "الحريري" في بصر الحرير، حيث استشهد ثلاثة أبناء في يوم واحد، فيما قضى الوالد تحت التعذيب في أقبية الجوية، حدث هذا عندما كان عائدا من عمله في لبنان فاعتقل بسبب تشابه اسمه مع اسم ابن عمه، وفي سجون عدرا قبعت الأم حسنة من مواليد بصر الحرير ستة شهور متتالية روت بدقة ما حصل في معركة على أبواب بصر، فكان قاسم الحريري وعبد الله الحريري ومحمد الحريري شهداء العائلة.

شام محمد - زمان الوصل
(253)    هل أعجبتك المقالة (211)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي