تناقلت شبكة التواصل الاجتماعي شتائم منى البحيري (السيدة المصرية) للرئيس الامريكي اوباما. البعض رأى في ذلك فتحا عالميا وكأننا انتصرنا على امريكا، والآخر رأى في ذلك عنترية خرقاء تمثل فهلوة شوارعية. والواقع لو أن اوباما سمعها، لتبسم وضحك. لأنه تعرض لذات الموقف السنة الماضية في خطابه، عندما بدأت سيدة أمريكية بالصراخ في القاعة وهي تلومه على ارسال طائرات من دون طيار إلى افغانستان واليمن لقتال القاعدة. وظلت تصرخ مايقارب الدقيقتين وأكثر واوباما يسمع ماتقول حتى سحبوها إلى الخارج باحترام. قالت له أن يقف عن قتل المسلمين لأن ذلك سيجعلهم يثأرون كما فعلوا في الحادي عشر من سبتمبر. اخرجوها من القاعة، ولم يقتلوها أو يسحقوها كما يفعل البطل ابو رقبة بشار الاسد بشعبه أو بالأحرى بالشعب السوري (لأن شعبه مكون من شبيحة غالبيتهم من قرداحة يموتون من أجله). هل يجرؤ أحد أن يفعل ذات الشيء مع الحاكم العربي. ألم تقم الثوارات العربية من أجل تصحيح العلاقة بين الحاكم والمحكوم. لكن في المقابل بينما هي تشتم أوباما، وتناصر الجنرال صاحب الانقلاب السيسي. وأظن أن السيدة مغشوشة، لأن السيسي ليس ضد أوباما أو أمريكا أو اسرائيل، لأنه كان من الدفعة العسكرية التي خرجتها وزارة الدفاع الامريكية. أي كان تلميذ صغير في المدرسة العسكرية الامريكية. وأنا هنا لا ألوم دراسته في امريكا، فهذا ليس تعميم. فقد درس سيد قطب بامريكا وانقلب الرجل ضد كل ماهو غربي. وكان ايضا هوتشي مين في أمريكا وحاربها في فيتنام. المسألة ليست كذلك. لكن أن تدربك أمريكا لتصبح عسكري فهذا امر محسوم. وكان الرجل ملحق عسكري في السعودية. ومن المعروف أنه عندما تصرخ امريكا يصل الصدى إلى أذن ابو متعب.
المهم، منى البحيري انغشت مع شريحة كبيرة من المصريين في الجنرال السيسي، لأن الرجل سيعيد نظام المبارك من جديد، هو استغل النقمة الشعبية على مرسي ليلتف على الشعب ويبيعهم كلام. ماهو البرنامج الاقتصادي والحضاري الذي يحمله الرجل لمصر. أين هو من عظمة الشعب المصري والثورة المصرية. بعد أن قام الرجل بالانقلاب بدأ بتهجير اللاجئين السوريين وكأنه يعمل لصالح ايران أوابو رقبة. وهذا يثبت بالدليل القاطع اوهام البعث وخيالهم الواسع بالعروبة واستعمالها كرافعة للانقضاض على السلطة المدنية التي كانت تمثل الاكثرية على عهد شكري القوتلي وتسلم السلطة للقادم من قرداحة. سقطت عروبة حزب البعث لأنك ترى كيف اللاجئ السوري يعامل في الامة العربية الواحدة. مطارد في مصر السيسي وفي الجزائر عندما بدأوا يرمون عائلات مع اطفالهم على الحدود في الصحراء. الا يستحي هذا ابو فلقة او تفليقة. وفي الاردن يعاملون مثل البهائم وفي لبنان والقائمة تطول. أما في تركيا العثمانية الذي علمنا حزب البعث بأنها عدونا الاول يعاملون مثل البشر. ألم يسقط قناع العروبة الواهي الذين يكذبون على الناس الغلابة به.
وهناك سؤال أريد أن يجيب عليه الباحثين الاجتماعيين العرب، لماذا نجح هذا الحزب بالانقلاب في سوريا والعراق. ولماذا كانت هاتين الدولتين دائمة الكلام في العروبة خلافا عن بقية الدول العربية. أظن أن الحدود لها اهمية في ذلك. فالعراق حدودها مع ايران وهي دولة كبيرة متوحدة وقوية، ودائما يشعر العراق بالتهديد منها وخوفه من الابتلاع. أما سوريا فهي في مواجهة اسرائيل وتركيا. وتركيا ماقبل اردوغان كانت اسرائيل ثانية ولذلك تشعر ايضا بالضعف والتهديد المتواصل. وهذا ماجعلها ترضا بحبيب الملايين رئيسا عليها وتأميم السياسة والاقتصاد والثقافة على يديه. كان حبيب الملايين مقدمة لركوب البعث على اكتاف السوريين ومقدمة لحكم قرداحة برقابهم.
رغم أننا احترنا كيف نتعامل مع امريكا. وكما يقول المثل، احترنا ياقرعة من اين نمشطك. تأتي إلى العراق كي تزيح صدام، وتسلم الحكم لحزب الدعوة، وهذا الحزب هو حزب ايراني بامتياز. كأنها تسلم العراق لإيران. وتبدو أنها عاجزة حيال المستوطنات الاسرائلية، وهذا كذب. وهي عاجزة حيال الجزار بشار الاسد، وهذا كذب ايضا.هي تريد الحرب أن تستمر في سوريا كي تنهي الملف النووي مع ايران. وكأنها تقول افعلي يايران ماتشاءين في سوريا من قتل ودعم بالسلاح والمال لإعوج بن عناق وافعلي ماتشاءين في العراق من قتل للسنة فيها، لكن لاتنتجي صواريخ نووية.
وهنا أقول أن السيدة المصرية اخطأت، فهذه ليست طريقة لتحدي اوباما او امريكا. هي نكتة للضحك، هي مهزلة، لكنها ليست تحدي ابداً. والسبب في ذلك أن التحدي له شروط. ومن عرف هذه الشروط كسب احترام امريكا والعالم. والشروط يعرفها الجميع. فقد امسك الطلاب الايرانيون كل من كان في السفارة الامريكية وتحدوا امريكا على مرآى من العالم ، رغم أن من قام في الثورة في ايران ليس الملالي، بل خطفوها. وظلت ايران تقوي من نفسها وصدام يضعف من بلده، حتى اتت امريكا وكملت المشوار على صدام. وبلد اخر تحدت امريكا هي فيتنام. اذا للتحدي شروط. فالسيسي لايستطيع أن يتحدى حتى دولة صغيرة مثل اسرائيل، وهذا السبب قبل أن يتسلم الحكم على طبق من فضة، يحاول أن ينظف لهم الحدود في سينا مثله في ذلك مثل حافظ وابنه الذي حرس الحدود لخمسين سنة تحت مسمى الصمود والتصدي. فأين هو من امريكا. الشيء الثاني في برنامجه الجهنمي هو قيامه بطرد الفلسطينين واغلاق معبر رفح امام العجائز والاطفال إرضاء للحبيبة إسرائيل. هل هذا الرجل يحمل مشروعا حضاريا سوى تكرير جملة ممجوجة بأنه سيجعل مصر خالية من الاخوان. وهذا ماسيحول مصر إلى جزائر ثانية. كما جرى بالتسعينيات.
المهم نحن مشكلتنا ليست مع اوباما، لأنه رئيس يخدم شعبه وجزء من مؤسسة حكم لاتفهم إلا لغة القوة. ولااعني بالقوة العسكرية فقط, بل القوة الاقتصادية ايضاً. ونحن العرب لانملك لاتلك ولا هذه. ننفس عن ضعفنا في الضحك على فيديو منى البحيري التي عبرت عن حالتنا الحقيقية نحن العرب. نريد أن تشتم امريكا وننسى عميلها المخفي بيننا.
تعلموا كيف أن تتحدوا أمريكا ... عمر سعد الشيباني

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية