أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لوحات على ضفاف العاصي ... وائل اللوز


عندما أراد الله أن يُزيّن سورية أهداها حمص ، حمص بميماسها وعاصيها ، حمص بأحيائها القديمة وطيبة وفكاهة أهلها الذين لطالما رسموا الإبتسامة على وجوه السوريين .
- 1 -
قبل الولوج في غمار خروج كتائب الثوار من أحياء حمص القديمة علينا أن نعرف سر صمودهم الأسطوري في ظل حصار خانق دام قرابة العامين ؟
الإجابة : كل ثائر داخل الحصار قاتل قوات النظام وشبيحته بعقلين وقلبين وسبعة أرواح .
- 2 -
حمص كانت تموت ببطىء أمام أعين الجميع ... صمدت طويلاً وعانى ثوارها المحاصرون داخل بضعة كيلومترات في أحيائها القديمة من الجوع حتى أصبح غذائهم الوحيد أوراق الأشجار وحشائش الأرض وقد مات بعضهم بسبب أكلهم لأعشاب سامة ، إلى أن قرروا الخروج من الحصار بأسلحتهم الخفيفة بعد التفاوض مع النظام .
- 3 -
النصر في حمص لمن ؟
النصر لمن قاوم وصمد على الرغم من الجوع وقلة العدد والعتاد ... النصر لمن خرج بسلاحه مرفوع الرأس أمام أعين قوات النظام وشبيحته وتوعدهم بقوله " طالعين ناكل ونرجع " .
- 4 -
زرع النظام كل شبر في حمص بالموت والرعب ... هدّم الأبنية وحرق الأرض إلا أنه لم ينجح بلوي ذراع كتائب الثوار ... وفعل المستحيل من أجل إخراجهم منها بالقوة لكنه كان يفشل في كل مرة حتى ظن أن ملائكةً وجنوداً من السماء تقاتل معهم .
- 5 -
سيتكلم كل بناء من أبنية حمص وسيقول : أنا دمرني الأسد ليبقى على كرسيه ، وسيقول كل شهيد من شهدائها : أنا اغتالتني يد الأسد لكني سأعود وأنمو من جديد في رحم الثورة لأكبر وأقاتل من جديد حتى إسقاطه لأبقى شامخاً إلى حد السماء .
- 6 -
بعد خروج كتائب الثوار من مدينة حمص رفع جنود النظام وشبيحته العلم السوري فوق ساعة حمص القديمة التي لا يتجاوز إرتفاعها الأربعة أمتار ... كان العلم السوري يرفرف عالياً ويمكن مشاهدته من مسافات بعيدة ، بينما كانت معظم الأبنية المجاورة قد سويت بالأرض .
- 7 -
وصلت كتائب الثوار وبعض العائلات من حمص إلى الريف الشمالي ، خرج معظم سكان قرى وبلدات الريف لاستقبالهم استقبال الأبطال وفتحوا بيوتهم وصدورهم لاحتضانهم ... كان الفرح والحزن يسيطر على المشهد في آن معاً ... كان خروجهم من الحصار سالمين مفرحاً وبذات الوقت كان فراق الديار ومغادرتها قد ترك في القلب غصة بعد كل هذا الصمود والتضحيات والشهداء ، لكن لطالما كانت الدماء والمصائب تلم الشمل لذلك تعاهد الواصلون والمستقبلون على العودة إلى حمص وتحريرها .
- 8 -
في العام الماضي وبعد سيطرة قوات النظام وشبيحته على مسجد خالد بن الوليد ، كتب آنذاك الكاتب والقاص السوري الدكتور حسان العوض قصةً قصيرة بعنوان " خالد بن الوليد ثائراً " انضم في نهايتها سيف الله المسلول إلى صفوف كتائب الثوار وقرر أن لا يعود إلى تابوته إلا شهيداً .
أثناء خروج كتائب الثوار إلى ريف حمص الشمالي ومع وصول الحافلات التي تنقلهم كنت أبحث بين الواصلين عن خالد بن الوليد ... وصلوا جميعاً لكني لم أجده بينهم ، سألت عنه وما من أحدٍ رأه ... على ما يبدو أنه قرر أن يبقى داخل أحياء حمص القديمة ورفض الخروج منها ، وأخذ على عاتقه حمل اسم حمص والدفاع عنها وحيداً كما حملت إسمه عبر عصور من الزمان ... وربما سنسمع في الأيام القادمة عن مقتل العديد من جنود وشبيحة النظام بطريقة غامضة داخل أحياء حمص القديمة .


 صحفي سوري

(111)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي