أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين القرار والإيعاز.. أكراد سوريا يقاطعون الانتخابات الرئاسية

انضم الأكراد إلى الثورة السورية منذ اندلاعها في آذار 2011، إلا أنهم تراجعوا بعد اصطدامهم بعناصر تابعة للمعارضة السورية في عدد من المناطق الكردية كمدينة رأس العين وعفرين، إلا أن ذلك لا يمنعهم من مقاطعة الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 3 حزيران المقبل، لأول مرة منذ تولي حزب البعث السلطة عام 1963.

فهل ستوضع صناديق الانتخابات الرئاسية في المناطق الكردية، وما رد القوى الكردية على هذه الانتخابات؟ وكيف ينظر الكرد إلى مرشحي الرئاسة سياسياً؟

مهزلة العصر
أكد فؤاد عليكو عضو اللجنة السياسية في حزب يكيتي الكردي في سوريا أن الحديث عن انتخابات الرئاسة ما هو إلا حديث عن مهزلة العصر، متسائلاً كيف يقبل إنسان على نفسه أن يمارس هذه في المهزلة والطائرات تحصد العشرات من الأبرياء يوميا بينهم شيوخ وأطفال ونساء، معتبراً أن لا أحد يملك ذرة ضمير سيشارك بهذه المهزلة.

وقال عليكو في تصريح لـ"زمان الوصل" إن النظام سيضع الصناديق في المناطق الكردية، ولا أعتقد أن حزب (ب ي د) المسيطر في مناطق أكراد سوريا قادر على رفضها.

وأشار إلى أن الأكراد لن يذهبوا إلى الاقتراع إلا من كان مرتبطاً بالنظام، مؤكداً على مقاطعة المجلس الوطني الكردي لتلك الانتخابات، متمنياً ألا يختلف موقف (ب ي د) وأن يكون منسجماً مع المجلس الوطني الكردي ونبض الشارع الكردي، واصفاً مرشحي الرئاسة بالديكور والكومبارس لمسرحية المهزلة.

لا صناديق في المناطق الكردية
من جانبه أكد السياسي غريب حسو ممثل (ب ي د) في إقليم كردستان العراق إلى تأزم الوضع في الداخل السوري، معتبراً أن إجراء انتخابات رئاسية ما هي إلا سياسة تحدٍّ بين نظام الأسد وبين معارضيه مما يخلق مشاكل عدة في سوريا.

وقال حسو في تصريح لـ"زمان الوصل" إن المناطق الكردية هي مناطق محررة لا يمكن وضع صناديق الانتخابات فيها على غرار المناطق العربية المحررة أيضاً، كما أن المعارضة السورية لن تسمح بوضع تلك الصناديق بمناطقها، كذلك فإن المناطق التابعة للإدارة الذاتية بالكانتونات الثلاث لن تضع تلك الصناديق".

لافتاً في الوقت نفسه إلى وجود حي في مركز مدينة القامشلي يتواجد فيه ما يسمى بالمربع الأمني الخاص بالشرطة والأمن والتابع للنظام، فإنه يمكن وضع صندوق ليصوت فيه المستفيدون من النظام والتابعون له، وإن ذلك لا يعني أن الانتخابات جارية بشكل سليم في مناطق الإدارة الذاتية، وشبه الوضع بمدينة حلب التي تتعرض للقصف بالبراميل بهدف حماية منطقتي (نبل والزهراء) المؤيدتين للنظام، واعتبر أن المعارضة لن تستطيع منع النظام في تلك المنطقتين.

وأشار حسو إلى أن الإدارة الذاتية التي أعلنها الأكراد عشية انعقاد "جنيف2" لن يسمحوا بوضع أي صندوق لاستحقاق رئاسي في مدن "عامودا وعفرين وكوباني،(عين العرب)" وأن تلك الإدارة لن تسمح لنظام أن يروج للديمقراطية الكاذبة، معتبراً أن النظام يقتل المسالمين من العرب والأكراد على حد سواء.

وأضاف حسو: "إن الشعب الكردي لن يصوت ولن يذهب للانتخابات، ولكن النظام له سياسته باستدراج بعض ضعاف النفوس وبعض موظفيه كونه ديكتاتوريا، وسيضغط على الشعب من جميع مكوناته في مناطق سيطرته لأنه يبحث عن أصوات، وإننا لم نرَ منذ 50 عاماً أي منافس للرئاسة السورية ولم نسمع برجل أول وثانٍ يقومون بترشيح أنفسهم وإن الترشح هذه المرة مجرد وضع مكياج لنظام يحاول ترويج ديمقراطيته على حساب ترشيح بعض الدمى الذين لا يملكون أي برنامج انتخابي"، منتقداً أحد المرشحين كونه تجاوز على الكرد بقوله إنه لن يسمح لهم بنيل حريتهم المنشودة، في إشارة منه إلى المرشح ماهر حجار الذي علق على صفحته إن "الأكراد يلعبون بالنار وهم زئبقيون ولايقفون إلا مع الأقوى بنظرهم ومن يقدم لهم أثمانا أكبر" وتساءل حجار "هل هذا جزاء من أعطاكم حقوقكم اللغوية والإثنية".

ويهدد حجار الكرد بقوله "لن نسمح بإقامة فيدرالية كردية وأنادي بسقوط الكنتونات الكردية".

بدوره أكد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د) صالح مسلم أن الكرد لن يصوتوا لبشار الأسد الذي حكم سوريا منذ 14 سنة، مشيراً إلى إجراء الانتخابات في محيط مطار القامشلي، وبعض المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بصورة مباشرة"، نافياً نزاهة الانتخابات بالأساس.

ويقدم حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تخضع المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال شرقي البلاد لنفوذه، طروحاته سياسياً وعسكرياً على أنه ملتزم بـ«الخط الثالث» الرافض لفكرة الانتخابات الأحادية، ويؤكد أن خياره السياسي يمر عبر مسار الحل السياسي عبر التسوية الدولية. 

من جهته أكد سكرتير حزب الوحدة أن ترشيح بشار لا يخدم وجود حل سياسي للأوضاع في سوريا وحجرة جديدة تعيق طريق الحل السياسي، من الأساس هذه الانتخابات، معتبراً المسألة شكلية ولا تمثل إرادة الشعب الحقيقية ليست الانتخابات الرئاسية، مبدياً النصيحة لبشار الأسد كي يعتذر للشعب السوري ويغادر لا أن يعيد ترشيح نفسه ليقود مجدداً رئاسة الجمهورية.

3 مرشحين في أول انتخابات رئاسية تعددية
وكان المتحدث باسم المحكمة الدستورية العليا في سوريا قد أعلن قبول طلبات كل من رأس النظام بشار الأسد و"عضوي مجلس الشعب" ماهر الحجار وحسان النوري لخوض الانتخابات الرئاسية، ورفض باقي الطلبات لعدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية.

وكان حجار أول من تقدم بطلب ترشحه للرئاسة، وهو عضو في مجلس الشعب، انتخب عام 2012 ضمن قائمة الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير المعارضة (المقبولة من النظام) والممثلة في الحكومة السورية.

والنوري شيعي المذهب من سكان العاصمة دمشق، عضو سابق في مجلس الشعب، شغل سابقاً منصب وزير دولة لشؤون التنمية الادارية، ويرأس "المبادرة الوطنية للإرادة والتغيير"، وهو تشكيل من المعارضة السورية في الداخل المقبولة من النظام.

ومن جملة الشروط الجديدة ــ القديمة لرئيس الجمهورية، ألا يكون متزوجاً بغير سورية، وأن يكون غير محكوم بجناية أو جنحة شائنة أو مخلة بالثقة العامة، وهو ما يرى كثير من السوريين أنه لا ينطبق بتاتاً على الأسد، المتزوّج من أسماء الأسد، التي تحمل الجنسية البريطانية.

ورغم أن الانتخابات ستكون أول "انتخابات رئاسية تعددية"، إلا أن قانونها يغلق الباب على ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج، إذ يشترط القانون أن يكون المرشح قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، مما يعني إن المشهد الأول من مسرحية الاستحقاق وحده قد بدا فيه بعض مظاهر الممارسة الديموقراطية.

وعرفت سوريا أول انتخابات في المؤتمر السوري العام عام 1919، ثم انتخابات الجمعية التأسيسية عام 1928، وبعد استلام حزب البعث للسلطة عام 1963 لم تجرِ أي انتخابات تشريعية حتى عام 1973، أما الانتخابات النيابية فبموجب دستور 1973 فهي استفتاء عام بنعم أو لا على المرشح الذي تقترحه القيادة القطرية لحزب البعث، ووصفت بالشكلية والصورية والمقررة نتائجها سلفاً.

الخروج من المأزق أهم من الانتخابات
من جانبه يرى الكاتب والمحلل الكردي فاروق حج مصطفى أن إجراء الانتخابات مهما يكن نوعها بحد ذاته نوع من الاستهتار للوضع السوري الذي ينذر بالمخاطر والكارثة على كافة الصعد، لافتاً إلى النظر للشروط والظروف المناسبة لإجرائها، وأن الدولة في حالة اضطراب وظروف غير مستقرة، واشترط وجود اتفاق مسبق بين المكونات على ضرورة إجراء الانتخابات.

وقال الكاتب في تصريحات لـ"زمان الوصل" :"في سوريا وحدها تجرى الانتخابات بناءً على مزاج طرف واحد وهو الذي يشكل اليوم سببا في تدهور حال عموم السوريين، ويستهتر النظام بما يجري في سوريا ويستمر بتجاهل النداءات الدولية، والحديث بأن المعارضة تعرقل الحل السياسي، معتبراً أن الأمر الوحيد الذي يصلح للسوريين هو كيفية خروجهم من مأزق تدهور أحوالهم لا إجراء الانتخابات. 

وبالنظر إلى مشهد المرشحين يؤكد مصطفى أن لا أحد منهم يعبر عن شريحة حقة في المجتمع السوري، وأن رئيس النظام الحالي فقط يعبر عن الشريحة الموالية له ويمتلك رصيده فقط، وهنا مربط الفرس.

الأسد والأكراد
وكان بشار الأسد قد اعتبر في مقابلة تلفزيونية أجراها مع قناة تلفزيونية تركية نهاية العام الماضي أن الأزمة السورية "ثبتت وطنية الأكراد"، مشيداً بقتالهم ضد مقاتلين جهاديين وآخرين مناهضين للنظام السوري في شمال البلاد. 

وقال الأسد في مقابلته بحسب نص المقابلة الذي نشرته وكالة أنباء "سانا" الرسمية: "بالنسبة للأكراد في سوريا. هم ككل المواطنين السوريين يدافعون عن أنفسهم"، مضيفاً أن الأكراد "أخذوا موقفاً حاسماً منذ البداية بوقوفهم مع الوطن ومع الدولة في وجه الإرهابيين"، معرباً عن اعتقاده أن "معظم الأكراد في تلك المناطق يقومون بهذا الواجب الوطني"، وأن المسألة لا تقتصر على حزب.

وعما إذا كان الحل في سوريا يمكن أن يشمل تأسيس "حكم ذاتي أو فيدرالي مقابل قتالهم إلى جانب الجيش السوري ضد القاعدة"، قال الأسد "هذه الأزمة ثبتت وطنية الأكراد في سوريا، هذا يعني أنه في أي نظام سياسي مستقبلي لا بد أن نلحظ هذه المرحلة. كيف؟ (...) لا بد أن تكون هناك قوى سورية تجتمع حول الطاولة وتحدد ما هو النظام السياسي المقبل في سوريا". 

وقال الأسد إن ما يطرح عن موضوع فيدرالية أو كونفيدرالية أو نظام رئاسي أو برلماني أو أي نظام آخر.. لا بد أن يكون جزءاً من الدستور المصوت عليه من الشعب السوري".

بين القرار والإيعاز
فهل جاء قرار الكرد بمقاطعة الانتخابات كونه يملك أوراقاً يضغط بها على العاصمة دمشق ونظام الأسد؟ أم أن القرار أعلن بإيعاز من رأس النظام في دمشق الذي يرغب في تحييد الكرد مثلما فعل سابقاً، كون المنطقة الكردية محتفظة بأغلب سكانها وتحتوي عشرات الآلاف من النازحين من المناطق الساخنة المعارضين للنظام.

زمان الوصل - عامر عبد السلام
(151)    هل أعجبتك المقالة (134)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي