أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

محكمة "شرعيّة" أم مسلخٌ لأمن دولة "المسلمين"، إختطاف "النعمة" خطأ لابد من الإستفادة منه

النعمة

حَمَلت حادثة اختطاف قائد المجلس العسكري لمحافظة درعا أحمد فهد النعمة ، ردود أفعال متناقضة إلى حد انقسام الرأي العام في سوريا عموماً وفي درعا خصوصاً ما بين مؤيد ومعارض ، فمنهم من اعتبر" النعمة " مسيئاً وخائناً وجب محاسبته ، ومنهم من راح يدافع عنه باستماتة مستنكراً الحادثة حد الإدانة.

البعض ، التزم الحياد حيال الموضوع بجوهره العام ، لكنّه استنكر " الأسلوب" الذي تمت فيه عملية الاختطاف، والتعتيم الإعلامي وعدم الشفافية حيال ما جرى ، وصولاً إلى ظهور مقطع الفيديو المُمنتج بأسلوب " القاعدة " والذي يظهر فيه العقيد النعمة وعلى عينه اليمنى أثر كدمة وفي المقطع المذكور يخبرنا أن ما جاء على لسانه كان تحت التعذيب ، رغم أنه لم يبُد من جسده إلا وجهه .
حسناً ، نحن هنا لسنا بصدد تبرئة النعمة أو إدانته ، ولن نناقش صحة ما قاله من عدمه؛ لكن دعونا أولاً أن نتفق على دستور مفاده أن لا أحد فوق الثورة ولا أحد فوق المحاكمة ، والثورة فعلاً تحتاج وبشكل دوري لمحاكمة بعض الأشخاص الذين يدور حولهم لبسٌ ما في أمرهم ، وهذه المحاكم تسمى عادةً محاكم ثورية وتكون مستقلة وغير مسيّسة وتحمل طابعاً عسكرياً ، بل إن العُرف في هذه المحاكم أنه يتم إعدام من تتم إدانتهم فيها رمياً بالرصاص ، ونعتهم بالخونة.

ولكن السؤال هنا ، هل المحكمة " الشرعية " التي قال البعض أنها تحظى باعتراف أغلب الفصائل المقاتلة في درعا، هل هي محكمة ثورية مستقلة، باعتقادي إنها غير ذلك لأنها لو كانت ثورية حقاً لكانت استنفرت قوات الجيش الحر لملاحقة العقيد النعمة ومن معه ، لكنها استنفرت من أسمتهم قوات " أمن المسلمين " التابعة لجبهة النصرة؛ ولو كانت ثورية ومستقلة أيضاً لكانت أظهرت المحاكمة بأكملها " علناً " وأظهرت فيها القاضي ومستشاريه والشهود والمتهمين وربما محاميْ الدفاع الخاصين بالمتهمين ، لا أن يظهر مقطعً لثلاثة دقائق ، دقيقتين ونصف منه مونتاج وأناشيد بأسلوب متعارف عليه عند " القاعدة " دون أن يظهر بالمقطع الكلي ولو لقطة واحدة لعلم الثورة ؛ ناهيك عن أثر الكدمة على العين اليمنى للمتهم " النعمة " والذي يعيدنا إلى خانة العنف في سحب الأقوال من فم المستجوب ، ذات الأسلوب الذي اعتدنا عليه في أقبية نظام الأسد الذي لم نثر ضدّه فحسب بل ثُرنا ضد ممارساته أيضاً  وأذكر أنني شخصياً حين اعتقلت ذات مرة في فرع المخابرات الجوية الكائن في مطار المزة العسكري بدمشق اعترفت بحيازتي دبابة غير مجمركة ، ولو زاد تعذيبي قليلاً لاعترفت بطائرة F16 أيضاً ، لكنهم اكتفوا بالأولى.

إذاً ، لا شرعية لهذه المحكمة " الشرعية " لأنها لم تحقق أدنى شروط المحاكمة لا مهنيّاً ولا أخلاقيّاً ، هذا وإن كل ما سبق ذكره يثبت أن هذه المحكمة مُسيطر عليها بالكامل وخاضعة للهيمنة الكليّة من قبل جبهة النصرة التابعة والمطيعة قياداتٍ وربما أفراد لأوامر أيمن الظواهري زعيم " القاعدة " الملاحق عالمياً بقضايا متعلقة بالإرهاب وغير السوري بالأصل ، وهنا يكمن " الخلاف " فكيف تحاكم محكمة محكومة من قبل جبهة النصرة رجلاً يتولى قيادة المجلس العسكري لمحافظة ما  ويُعدُّ رأس الهرم للجيش الحر فيها ، ذلك الجسم الذي هتف الشعب له ذات يوم قائلاً : الجيش الحر يحميني.

إن سقوط بلدة " خربة غزالة " في ريف درعا كان في الثاني عشر من أيار لعام 2013م ، أي قبل سنة كاملة من الآن فلماذا لم نسمع عن ملاحقة أحمد النعمة بتهمة التواطؤ في هذه المعركة إلا اليوم ، وهذا ما يدفعنا للتساؤل هل بدأت النصرة تكشّف عن أنيابها كما فعلت سابقتها " داعش " ، أم أنها عملية تريد النصرة من خلالها أن تقول للداخل والخارج : أنا موجودة ولا يمكنكم تجاهلي على الأرض أو إقصائي من أي معادلة، معتمدةً في ذلك على قاعدة شعبية لها لا بأس بها ، غير مدركة أن هذه القاعدة الشعبية ستنتفض ضدها - لا محالة – إذا أساءت للثورة وبدأت بالاعتداء على السوريين، وتدخلت في شؤون حياتهم وثورتهم ، كما انقلب مؤيدو " داعش " عليها وقاتلوها حين خرجت عن المسار.

حادثة ، إختطاف " النعمة " تضع درعا اليوم على المحك ، هذه المدينة التي انطلقت منها شرارة الثورة ، والتي كانت دائماً على الطريق الصحيح للثورة ، حيث لم تشهد إطلاقاً أي نزاعات طائفية ؛ ثم إن " نظام الأسد " لم ينجح بإشعال أيّة خلافات تُذكر بين من حملوا السلاح في وجهه على أرضها ، كما حدث ولا يزال يحدث في جبهتي شرق سوريا وشمالها ، أو على الأقل - حتى الآن - لم ينجح!

حمص عاصمة الثورة ؛ خرجت اليوم - ولو بشكل مؤقت - من المعادلة العسكرية للثورة ، فبعد 800 يوم من الحصار المحكم والمضني خرج ثوار حمص لأخذ قسطٍ من الراحة في الريف وتحت إشراف أممي ، على أمل أن يعيدوا ترتيب أوراقهم ليعاودوا دخولها فيما بعد ؛ لكنّ محللون وخبراء أكدوا أن بعد " استراحة " النظام في حمص ، ستكون وجهته القادمة وحملته العسكرية المركّزة في الأيام القليلة القادمة على الجبهة الجنوبية في درعا ، لكنه ربّما تريث قليلاً لأنه يترقّب أكثر من أي وقت مضى خلافاً عميقاً بين الجيش الحر وجبهة النصرة في درعا ، خلافاً ينهك الطرفين ، ومن ثم يدخلها منتصراً بأقل الخسائر في الأرواح والعتاد ، ماذا سيبقى من الثورة فيما لو أحكم النظام سيطرته على درعا ؛ بالتأكيد لن يبقى الكثير.

في الختام ، لابد من الإشارة إلى أن مؤيدي حادثة اختطاف النعمة ومعارضيها والحياديين أيضاً ، متفقين على أن الحادثة قد تشكّل فتنة كبرى بين الجيش الحر وجبهة النصرة ، والكل متفق أيضاً على وجوب تلافيها ، فليأخذ إذاً كل ذي مكانٍ مكانه الحقيقي وليحكّم الجميع العقل ، وليتحلَ الطرفين بأعلى درجات ضبط النفس ، ولنسعَ جميعاً للوصول بأقرب وقت ممكن إلى مخرجٍ يجنبنا كارثة مرتقبة لا تُحمد عُقباها ، ولنستفد في درعا خصوصاً وفي سوريا عموماً من ضرر ما حدث لعلنا نتلافى حدوثه مستقبلاً من خلال وضعنا حجر الأساس لمحكمة ثورية مستقلّة حقيقية  بعد إدراكنا الفعلي لقيمتها ، نعتمد عليها فعلياً في أحداث مشابهة قد تحدث ، ولتكن رادعاً صارماً لكل من تخول له نفسه خيانة الثورة ودم الشهداء ودموع الثكالى.

مشاركة من لؤي أبازيد لــ"زمان الوصل"
(117)    هل أعجبتك المقالة (137)

اليازجي حميد

2014-05-09

بسم الله الرحمن الرحيم يبدو ان كاتب هذا الانتقاد كان غائبا عن احداث المجلس الذي كان يرأسه الجنرال النعمة منذ تسليمه بصرى الى شبيحة النظام ، وكم طالب العديد من الاحرار مساءلة الجنرال عن الاسباب باعتباره القائد المسؤول المتحكم بالعدة والعتاد ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو : كيف لقائد يرأس مجلسا عسكريا وهو يقيم في الاردن ؟ وماذا عن اتهامه بالاتفاق مع اجهزة الامن الاردنية واجهزة النظام القاتل في سوريا ؟ ماذا عن المبالغ المالية التي استلمها واين ذهبت والثور يتضورون جوعا ويقتاتون على اورق الشجر ؟ اين الاسلحة التي استلمها واين اختفت ؟ لماذا لم يكن موجودا على رأس عمله اذا وطنيا صادقا ميثل غيره من الثوار حاملي ارواحهم على اكفهم في المناطق المشتعلة في سوريا ؟ومن يريد الدفاع عن النعمة او غيره ممن تدور حوله الشكوك عليه ان يتقي الله ويبحث عن الحقيقة ..


الثورة الطاهرة

2014-05-10

يقود النعمة المجلس العسكري في الأردن كما يقود الظواهري جبهة النصرة من مابعرف وين ويوجههم إلى مايريد لافرق بين من يدير مجلسه من الاردن أو من ايران او باكستان.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي