أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هاني عباس الفائز بأرفع جائزة للكاريكاتير في العالم لـ"زمان الوصل": ستبقى أهازيج حمص وصور الشهداء محفورة في قلوبنا

أُعلن منذ أيام في نادي الصحافة السويسري بمدينة جنيف عن فوز رسام الكاريكاتير الفلسطيني هاني عباس بأرفع جائزة للكاريكاتير في العالم وهي جائزة "Press Cartoonist Award" العالمية التي تنظمها مؤسسة رسامي الكاريكاتير من أجل السلام وكان قد أسسها رسام الكاريكاتير الفرنسي الشهير (بلانتو).

وتمنح هذه الجائزة كل سنتين لرسام كاريكاتير ممن أبدوا شجاعة وموهبة والتزاماً بقيم الإنسانية والتسامح والسلام والكفاح من أجل حرية التعبير، كما جاء في بيان الجائزة التي منحت أيضاً لرسامة الكاريكاتير المصرية دعاء العدل.

وتم اختيار كاريكاتير الجندي الذي يستنشق وردة الحرية للفنان عباس ليكون بوستراً للمهرجان الذي يقام بمناسبة الذكرى المئوية لاندلاع الحرب العالمية الأولى. 

حول فكرة مشاركته بهذه المسابقة العالمية وهل كان يتوقع الفوز بهذه الجائزة يقول الرسام عباس لـ "زمان الوصل":
الجائزة تكريم وليست مسابقة، حيث يتم اختيار مجموعة من التجارب الكاريكاتورية في عدة بلدان ويتم عرض التجارب على لجان تحكيم متخصصة هي التي تقرر بالنتيجة لمن تمنح الجائزة، وكان الخبر مفاجأة كبيرة ورائعة بالنسبة لي وهذا دليل على أن صوتنا سوف يصل مهما طال الوقت.

وعن دلالات لوحته الفائزة (الجندي الذي يستنشق وردة الحرية)، ومالذي أراد أن يقول من خلالها يوضح عباس أن اللوحة دعوة للفظ القتل والعدوان ودعوة لاستنشاق وردة الحرية والسلام لأن مهمة الجندي هي حماية الناس وليس قتلهم أن يكون معهم لا ضدهم.

ذاكرة كبيرة من الألم !
عاش الفنان هاني عباس الحرب بكل أهوالها ومآسيها في سوريا، وكأنه كان يرسم على حافة الموت وحول تلك التجربة وكيف تعايش مع تفاصيلها يردف قائلاً: كانت تلك المرحلة الأصعب وربما الأهم في حياتي على كافة الصعد وأهمها الخيارات الصعبة التي يتخذها الشخص في هذه الحالة، تابعت الرسم بكل الظروف حاولت من خلال الكاريكاتور أن أنقل المعاناة وأكثر من ذلك حاولت أن أتحدى كل هذا الموت بالرسم، المشاهدات اليومية القاسية، الحياة تحت القصف والمتابعة مشاهد الموت، الدمار، ذاكرة كبيرة من الألم لا بد أن تظل ملاصقة لك ربما طوال حياتك.

وحول خشيته آنذاك من أن يلقى مصيراً مماثلاً لمصير رسامي الكاريكاتير الذين عارضوا النظام وانتقدوه كـ "علي فرزات" و"أكرم رسلان" يقول الفنان عباس: بالتأكيد كان الخطر كبيراً وكنت بانتظار دفع الثمن الباهظ في أية لحظة، فالخوف كان موجوداً وكان عليك الصراع الدائم معه ومحاولة التغلب عليه خصوصاً عند نشر الرسوم، ما قمت به هو أنني قلت ما أريده ... ما قلته في دمشق هو نفسه ما قلته في بيروت وجنيف، لم يغير المكان عندي أي شيء. 

وعن تعرضه لمواقف أو تهديدات مباشرة أو مبطنة من قبل أجهزة أمن النظام أثناء وجوده في سوريا يؤكد الفنان هاني عباس أن التهديدات كانت موجودة مبطنة ومباشرة جداً، وعندما وصلت إلى الحد الذي شعرت به بالخطر الكبير وبضرورة الرحيل تركت البلاد كالكثيرين، ما قصدته في إجابتي السابقة هو أنني أقول نفس الكلام مع المكان أكثر أمناً أي لا أزيد ولا أزاود.

معادلة الفن والسلطة
وعندما سألناه عن خلو رسوماته من التعليق النصي وهل لهذا دلالة بالنسبة له أجاب الفنان: أعتمد في رسومي على الفكرة العميقة والمؤثرة التي يستطيع فهمها أي شخص في العالم، ليست استراتيجية أو قرار، هي طبيعة تفكيري ورؤيتي للأحداث.

وفيما إذا كان يعتقد أن معادلة الفن والسلطة قد تغيرت بعد حلول ما يسمى الربيع العربي وهل غدا هامش الحرية أوسع برأيه أم ازدادت الخطوط الحمراء، يوضح الفنان عباس أن العلاقة بين الفن والسلطة بمفهوم الجدوى حقق تطوراً بسيطاً جداً بسبب أن الهامش في الحرية ارتفع بشكله الصدامي مع السلطة، والذي تحول هنا إلى صراع ومعسكرات ويستطرد قائلاً: لم نصل بعد إلى المكان الذي يستطيع فيه صاحب الرأي أن يقول رأيه المعارض للسلطة بشكل حقيقي وبكل حرية ودون أن يتعرض للاعتقال أو القتل، وكذلك الأمر فإن كل الثورات العربية لم تنجح بعد في تقديم نموذج جيد في العلاقة بين المثقف و السلطة ... ربما يحتاج ذلك إلى وقت أكثر.

وحول رؤيته لما يجري في حمص التي انسحب منها ثوارها ومدنيوها المحاصرون في يوم عيدها الساخر يقول الفنان هاني عباس: 
عشت أجمل أيام حياتي في مدينة حمص .. أعرفها شبراً شبراً، بكل الأيام السابقة كانت حمص هي وجع بكل شيء، الدمار التشريد القتل والمجازر، والآن تباع كما بيعت غيرها من المدن، ليس من أجل هذا دفع الناس أثماناً باهظة، ولكن تبقى أهازيج حمص العدية وصور الشهداء محفورة في قلوبنا لم يمحها أي خيار أُجبر عليه أهلها، أهلنا الذين صمدوا.




فارس الرفاعي - زمان الوصل
(143)    هل أعجبتك المقالة (141)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي