أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

علم النظام السوري يُكمل فسيفساء القهر في حماة

حي القصور في حماه أثناء عملية الطلاء قبل وضع النجمتين الخضراوين وسطه

أشهر قليلة فقط تفصلنا عن ذكرى اقتحام النظام الأول لحماة، لتكمل المدينة عامها الثالث في جلبابه.

ثلاث سنوات مضت..مرت خلالها الثورة في حماة بإرهاصات كثيرة، وعانى الثوار خلالها من مختلف أشكال القهر والاعتقال والملاحقات.

وليكمل النظام ترسيخ مظاهر تواجده في المدينة..عمل منذ البداية على القيام بكثير من الإجراءات والاهتمام بأدق التفاصيل التي من شأنها رفع الروح المعنوية لمؤيديه في سوريا عموما، وقرى الريف الحموي "التي تنتمي لطائفته"، خصوصا وبذلك يتكامل عمله الإعلامي مع عمله اللوجستي على الأرض جاعلا من أهل مدينة حماة سجناء ذليلين..ضمن معتقلات كبيرة.

مسيرات إجبارية، لقاءات تحت تهديد السلاح، توسع مستمر للحواجز وتحويلها لثكنات، تدفق كبير للعساكر ومعارفهم إلى المدينة، سرقات وانتهاكات أمام أعين الأهل، وغيرها وغيرها من الإجراءات التي كان آخرها طلاء واجهات المحال التجارية بألوان العلم السوري ذي النجوم الخضراء الذي يتبناه النظام، ما يعيدنا بالتاريخ إلى ما بعد مجازر عام 1982 التي ارتكبها ذات النظام.

وبحسب العم أبو سعيد (60 عاما)- أجبر من تبقى من الحمويين آنذاك على الخروج في مسيرة تأييد له تحت تهديد السلاح في شارع الثامن من آذار الملون بدماء أبنائهم، مسبّحين بحمده وشاكرين له أن خلصهم من تنظيم الإخوان المسلمين الذي كان آنذاك شماعة للنظام كي يبيد كل تلك الأرواح الطاهرة.

ويُذكر أن طلاء واجهات المحال التجارية الذي يقوم به النظام حاليا في حماة هو إجراء كان قد قام به مسبقا في الكثير من حواري الشام وأحيائها التي استعادها من أيدي المعارضة كوسم أو علامة تفيد بأنه قام بتركيعها وأعاد أهلها لحاضنة النظام.

يخبرنا أسامة، ناشط من حي القصور الحموي، بأن النظام قد أجبر أصحاب المحال في الحي على القيام بهذا الإجراء يدويا وذاتيا تحت مراقبة عناصر الأمن والشبيحة الذين كانوا يتجولون خلال الحملة بسيارات "مسروقة أصلا" يضج مذياعها بأغان تؤيد الأسد وتتغنى بجيشه في حي كان من أكثر الأحياء اشتعالا بالمظاهرات، وأما من يمتنع فستقوم مؤسسات تابعة للنظام بطلاء محله قسرا عبر ورشات خارجية على أن يأخذوا منه ضعف التكاليف المطلوبة أو أكثر.

ويضيف: "لك أن تتخيل كم سيكون موقف المواطنين المعارضين أو أهالي الشهداء والمعتقلين صعبا، وهم مجبرون على التطبيع للنظام بهذا الأمر كما لو أنهم يتراقصون على دماء أبنائهم ودموع أحبابهم".

بينما يقول مروان الأشقر، ناشط إعلامي من حماة، إن مديرية الخدمات البلدية في المدينة وبإيعاز من النظام قد كلفت ورشات طلاء تابعة لها للقيام بهذا الأمر في العديد من الطرقات على أن يدفع أصحاب المحال التجارية التكاليف باعتبارها مصاريف خدمات تقدمها لهم. 

ويروي أبو حسن الموظف السابق في المديرية بأن النظام قد قام بأمر مشابه لهذا قبيل الثورة بأعوام وأمر بطلاء كل واجهات المحال برسمة موحدة أيضا على شكل "ناعورة" بالتزامن مع أحد الاحتفالات "الوطنية"، وأخذ حينها تكاليف هذا الأمر من المواطنين وأصحاب المحال أضعافا مضاعفة –حتى ممن لا واجهة لمحله أي شارع مجاور-. 

العلمين، القوتلي، ساحة العاصي، طريق حلب، الأربعين، القصور...وغيرها من الأحياء التي كانت حاضنة للثورة ومنارة لها يوماً، هم وأهلها اليوم تحت رحمة إجراء تعسفي جديد يقوم به النظام ليرضي به نهمه ويشبع إعلامه ويُشعر مؤيديه بنشوة النصر، ما يترك الباب مفتوحا أمام تخيل ما قد يقوم به أيضا مع الأيام المقبلة من إجراءات ما كانت إلا تطبيقا لمقولة قالها رئيس هذا النظام في باكورة الثورة لأعوانه هي ..."اكذب اكذب حتى تصدق نفسك".

زمان الوصل - جاسم الحموي
(108)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي