أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

سامي الحاج مذهولا بين أذرع الجزيرة واحضان الإنقاذ ... عبدالماجد عيسى

كلنا شعر بالفرحة عندما تم الإفراج عن سامي الحاج ورفاقه الإسبوع الماضي وسنفرح أيضاً إذا أطلق سراح أي معتقل سواءً كان من غوانتانامو أو بيوت الأشباح وغرف النمل وأزقة الصراصير المنتشرة طولاً وعرضاً وإرتفاعاً فى كل العالم ، فهي حالة إنسانية فى المقام الأول .

 بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر وفى غمرة الهياج والحنق الذى أصاب الولايات المتحدة عندما طـُـعنت فى كبريائها أصبحت أكثر ميلاً للإنتقام والتنكيل منه لمعرفة الحقيقة أو إقامة العدل الذى تنادى به وتتفاخر ، وكان الشعب الأفغاني والعراقي أول من دفع ولايزال يدفع الثمن وليس أنظمة الحكم فى البلدين ولا أعتقد أن هذا عدلاً ولو أتت الولايات المتحدة بتبريراتها التى ساقتها من السماء ، وقد إنتهزت دول ومنظمات وحركات معارضة الفرصة وإستفادت من التخبط والغضب الأمريكي الأعمى ومارست على مناوئيها أسوأ أنواع الإنتقام وزجت بهم فى غياهب السجون دون محاكمة وبررت ذلك أيضاً بتهمة شماعة الإرهاب المفترى عليها دولياً وبالضرورة راح ضحايا كثر تحت مفرمة عجلاتها التى لا تفرق بين الأبرياء وغيرهم أثناء دورانها المسموم ، ومن هؤلاء الضحايا معتقلون كثر أطلق سراحهم من غوانتانامو مؤخراً دون توجيه تهم محددة بحقهم وتقديمهم لمحاكمة أياً كان نوعها ، ولكن الولايات المتحدة لها منطق غريب بل وظالم عند مسألة تفسير العدالة لغير مواطنيها أو خارج التراب الأمريكي وهو أن كل شىء مشاع ومباح حسب الحالة الماثلة أمامها لتمارس إنتهاكاتها عليهم دون ضمير ويمكنها أيضاً أن تنقل بعض المعتقلين لديها إلى دول معروفة بجز المعلومات من الحلقوم بوسائل وحشية ومذلة لمن إستعصى عليها وهناك من المعتقلين من فضل البقاء فى غوانتانامو على أن يُـسلم إلى دولته السم أقصد الأم .

 أما قناة الجزيرة التى طوقت سامي الحاج بأذرعها تريد أن تلقي فى ما تبقى له من تركيز أن إعتقاله تم لإسكاتها عن إظهار الحقيقة ليس إلا ولم تترك له متنفساً حتى يستجمع أنفاسه " ويلم عضمه " بل فتحت جسراً جوياً بين الدوحة والخرطوم وأصرت أن يدلى الحاج بتصريح فور عودته لتأكيد ما كانت تردده طوال سنوات إعتقاله من أنها مستهدفة ، أعتقد أن هذه وسيلة أخرى لإبقاء الأمور والأحداث على ما هي عليه وعندها ستضيع أشياء وحقائق كثيرة فيما لو تـُرك سامى الحاج يتحدث دون تأثير من أحد ، وكان على الجزيرة أن تترك سامى بعد كل ما مرّ به من أهوال ليأخذ فترة نقاهة طويلة جداً حتى يزيل النتائج السلبية التى علقت فى نفسه من جراء الإعتقال ويهيئها دون توجيه من أحد لسرد ما يعرفه هو لا ما تردده الجزيرة وغيرها .

 والقناة لم تتحرك وكذلك لم تفعل حكومة الإنقاذ بشكل فعال إلا بعد أربع سنوات من إعتقال الحاج ولو فعلت الحكومة ذلك لربما جنبته هذه المعاناة فى مهدها ، فقد مكث سامي الحاج عدة أشهر فى قبضة الباكستانيين قبل أن يسلموه إلى الأمريكان ولم نسمع أن الحكومة التى تتبسم فى وجهه الآن وتأخذه بالأحضان مكبرة ومهللة قد قامت بخطوة ولو صغيرة لحماية أحد مواطنيها أو إهتمت بشؤونه فى الخارج على الأقل كما تردد الإنقاذ الآن أو قامت تظاهرة ضد باكستان لأنها هي من سلمت الحاج إلى الأمريكان ، ولكن الفضل فى هذا الإفراج بعد الله يعود إلى المنظمات الدولية الحقوقية ومنظمة المجتمع المدني وكل الشعوب الحرة فى أرجاء المعمورة . من حسن حظ سامي الحاج أنه تم إعتقاله كإعلامي لا كما حدث لغيره مما ساعد على تسليط الأضواء عليه أكثر من بقية المعتقلين ، والعالم الآن ينتظر ليسمع منه الحقائق دون زيادة أو نقصان بعد أن يعود من حالة الذهول التى يعيشها فى الوقت الحالي من أثر الإعتقال التعسفي والأهوال التى مر بها ، وأما إن إبتدر الحاج حديثه فى أول تصريح له وهو غير ملم بتفاصيل الأحداث ومجرياتها خلال فترة إعتقاله بأن حكومة الإنقاذ رشيدة وأنها كانت تعمل فى صمت للإفراج عنه وعن زملاءه وقامت بواجبها خير قيام ، نقول له إنه تصريح سابق لأوانه إن لم يكن متسرعاً ، فقد عودتنا هذه الحكومة على أنها تستغل كل حدث وتوظفه لصالحها وتوحى للجميع بأنها هي صاحبة الفضل مع أن الحقيقة ليست كذلك ، وإن كانت صادقة فى هذه الأحضان التى رمت سامى الحاج فى لجتها يوم خروجه نوجه لها هذه الأسئلة :

 ماذا فعلت هذه الحكومة للمعتقلين السودانيين فى ظلمات إرتيريا ؟ وهل تعلم شيئاً عن المفقودين هناك ؟ وأين هي من المساجين فى كل ٍ من لبنان والسعودية ومصر وليبيا والإمارات ؟ أما إذا أراد سامي الحاج أن يتأكد من رشد الإنقاذ فعليه بعد أن يتعافى تماماً أن يحمل ذات الكاميرا ويذهب إلى معسكرات اللاجئين الدارفوريين فى دارفور وتشاد أو يحاول نبش أي من الأحداث سواءً فى كجبار أو بورتسودان أو يعرّج إلى أقرب سجن فى العاصمة وخارجها لنرى ونسمع رأيه بعد ذلك لأنه لايستوى أن تكون فى صف الإنقاذ وفى نفس الوقت تكون رسالتك نبيلة وتتماشى مع رفع الظلم عن المظلومين وكشف الحقائق والسعي لإحقاقها . بالرغم من أن هناك شروطاً معينة تم توقيعها مع كل من أفرج عنه من غوانتانامو سواءً كانت شخصية تخص المعتقل كعدم ملاحقة الإدارة الأمريكية أو مقاضاتها أو المطالبة بتعويضات وعدم دخول الأراضي الأمريكية

وعامة تختص بالحكومة التى إستلمته ويكون ذلك بالمتابعة والمراقبة وربما حظر السفر للخارج إلا فى حالات نادرة حتى لا يقع المفرج عنه مرة ثانية فى قبضتها ، لأن الولايات المتحدة قد صنفت هؤلاء المعتقلون إلى معتقلين شديدى الخطورة وخطرين والأقل خطراً على أن يبقى هؤلاء تحت المراقبة اللصيقة والدائمة وبشروط تـُملى عليهم وعلى حكوماتهم ولا أعتقد أن الإدارة الأمريكية كانت ستطلق سراحهم لو كان لديها أدنى شك بأنهم يشكلون خطراً حقيقياً عليها حتى وإن تدخلت كل حكومات العالم . هناك شكوك تساورنى بأن هناك من باع واشترى فى الحاج وبمعنى أدق هناك من إستغله لأمر ٍ ما ، أو وشى به لدى جهة ٍ بعينها وتنصل من الأمر دون أن يشعر به أحد لأن معطيات القضية لا تتناغم أو تتناسق مع بعضها البعض

 فهناك حلقة مهمة جداً مفقودة فى الأمر إبتداءً من توقيفه دون سواه من الطاقم الإعلامي الذى كان يغطى الأحداث و ملابسات إعتقاله فى شيمان وسجنه من قـِبل الباكستانيين فى كويتا ومن ثم تسليمه إلى الأمريكان بالرغم من أنه لم يعمل فترة طويلة فى مضارب آل الجزيرة وهذا بالطبع يقودنا إلى أنه لا يملك معلومات من التى تحدث عنها أو تحدثت عنها القناة التى ينتمى إليها وكان من الممكن أن تعتقل الولايات المتحدة شخصاً غيره أكثرأهمية وأكثرإلماماً بما يجرى فى كواليس الجزيرة ، هكذا يقول المنطق مثل وضاح خنفر الذى كان يصول ويجول فى نفس الفترة تقريباً ما بين الهند وأفغانستان والعراق ناقلاً للأحداث والوقائع والصور ولم يتعرض له أحد أو يقول له " تلت التلاتة كم " ولكنهم تعرضوا للحاج دون غيره على الحدود الأفغانية الباكستانية ومن ثم جرى له ما جرى !!

ومن جهة ٍ ثانية إن كل من يدقق فى عيني هذا الحاج يشعر بأنه ليس من فصيلة الزرقاوي أو بن الشيبة أو الملة داد الله أو أبو حليمة التونسي ولا حتى الخنفر وضاح ! وبما أن العالم ينتظر سماع أشياءً جديدة من المعتقل السابق فى غوانتانامو مثل الإغتصاب الذى لم يتحدث عنه أحد من المفرج عنهم حتى الآن أو الصور المرعبة التى ذكر سامي أنه إلتقطها بعدسته أو كيف أرادت أمريكا أن تجنده ليصبح عينها فى أروقة الجزيرة التى قد يكون شرط عدم العودة للعمل فيها أحد أهم شروط الإفراج عنه لا كما تمنى خنفر عند تهنئته لسامي فى الخرطوم يوم أفرج عنه ! فيا ترى من هو صاحب البرنامج الذى يكون له قصب السبق فى إستضافة سامى الحاج بعد الإفراج عنه ؟ هل يكون من نصيب فيصل القاسم وبرنامجه المثير للشهوات ؟ أم سيكون من نصيب أحمد منصور وبرنامجه المصاب بالبرود الجنسي ؟ أم يتعداهما إلى سامي حداد الذى يمارس الإستمناء مع ضيوفه بعد بتر أعضاءهم ؟ أم سيكون الأمر مع يسرى فودة وبرنامجه السري المشبوه ؟ أم أن الأمر برمته يعود للحكومة السودانية التى إستلمته وتعهدت بعدم ظهوره فى إي وسيلة إعلامية لسنوات ٍ قادمة على الأقل ؟

(99)    هل أعجبتك المقالة (120)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي