فوجئ "مجدي العمار" الموظف الذي كان يعمل جابياً في مديرية مالية السويداء منذ ثلاث سنوات مثل عدد ليس قليلاً من زملائه بقرار فصله من الوظيفة وحرمانه من الراتب التقاعدي منذ أيام استناداً إلى المادة 137 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة وهي الشهيرة باسم "مادة الفصل التعسفي" التي تتيح لرئيس الوزراء أن يفصل من يشاء بدون ذكر أسباب بناء على محضر لجنة مؤلفة لهذه الغاية.
وكان واضحاً أن هذا القرار هو محاولة انتقام من معارضي النظام وشرعنة قراراته.
حول بداية مضايقاته في الوظيفة وصولاً إلى قرار فصله وحيثيات ما جرى تحدث مجدي العمار لـ"زمان الوصل" قائلاً: باشرت عملي الوظيفي في مديرية مالية السويداء بتاريخ 1/5/2011 وكانت أولى المضايقات كثرة المساءلة الأمنية والتقصي الأمني حولي، حيث تم سؤالي من قبل أمين الفرقة الحزبية في قريتي، وأجريت محادثة هاتفية مع عنصر أمن سياسي سأل عن كل شي تقريباً، حتى التوجهات السياسية لأخوالي وأعمامي وأبنائهم، وعمل أبي وأخوتي كل شيء تقريباً، ويضيف الموظف المفصول تعسفياً: (بعد أن باشرت عملي بشهر تقريبا وكالعادة تمت الدعوة لمسيرة تأييد بطريقة أشبه ما تكون بالأمر، إذ أغلقوا المكاتب وأنزلوا الموظفين إلى أمام المبنى حيث التجمع والانطلاق إلى الساحة المعدة للتجمع.
ويردف العمار قائلاً: رفضت بطبيعة الحال النزول وأعلنت ذلك بشكل واضح وبعدها بدأت سلسلة من التحقيقات من رئيس القسم والمدير اللذين كانا يطلبان مني وقف الكلام بالسياسة قائلين لي (نحنا بدنا مصلحتك، وعم نحكي من خوفنا عليك).
وبعدها بفترة حضر عنصر في أمن الدولة وقام بالتحقيق معي، والقاسم المشترك بين الجميع كان التلميح بفصلي من عملي وبشكل متكرر، وكان رفاقي بشكل عام ميالين لوجهة نظري حول الثورة إلا أن وضعهم الوظيفي كان يجبرهم على السكوت ، ويستدرك العمار قائلاً : ( طبعا لايخلو الامر من وجود موالين وبأعداد غير قليلة طلب مني المدير عدم التحدث في الأمور السياسية خلال الدوام الرسمي، فقبلت بذلك مشترطاً أن يشمل هذا جميع الموظفين موالين ومعارضين، إلا أنه أخبرني أن الموضوع مطلوب بخصوصي وحدي ومطلوب مني أيضا أن أكتب تعهداً بعدم التعاطي في الأمور السياسية، فرفضت كتابة التعهد أول الأمر ووافقت أن أكتب رأيي الشخصي بما يجري وتعهدت ألا أفرط بحقي كمواطن في انتقاد المخطئ أيا كان اسمه أو منصبه وإبداء رأيي وهذا ما حصل، وبعد أن أنهيت الكتابة أضاف المدير جملة صغيرة يقول فيها إنني كموظف أقوم بواجبي على أكمل وجه.
هتافات وتصفيق وقلة واجب !
لم يكن لقرار فصله ما يبرره -كما يقول العمار- شارحاً ذلك "إن اللجنة النقابية في مديرية المالية قامت بتكريمي قبل عام وأهدتتي يومها شهادة استثمار بقيمة 1000 ليرة سورية وذلك اعترافاً وتقديراً لجهودي وكفاءتي في العمل". ويضيف: طُلب مني الحضور إلى مبنى فرع اتحاد النقابات لاستلام الهدية خلال حفل التكريم ولأنني على علم بتلك الأجواء (هتافات وتصفيق وقلة واجب) لم أحضر وطلبت من أحد المسؤولين النقابيين أن يبدل اسمي باسم أحد الموظفين "المحتاجين"، ولكنه رفض وأحضر لي هديتي إلى مبنى المالية وهذا إن دل على شيء يدل على أنني مجتهد بعملي وبالتالي لم يكن الفصل بداعي "التقصير أو الفساد"، وفي أكثر من مناسبة استدعيت إلى مكتب المدير للتحدث بخصوص ميولي السياسية وموقفي اتجاه ما يدور في البلد من أحداث وكعادتي قلت رأيي بلا مواربة أو خداع أو جبن ولم يفوت المدير الفرصة للتلميح إلى "حرماني من لقمة عيشي" فقلت له "إنها أسهل طريقة لتدمير البلد وصنع التطرف".
ويردف العمار: لم أكن أجيراً "مرابع" عند أحد كنت أحاول التشبث بحقي في وطن يريد عصبة من العميان أن يجعلوه ملكا لعائلة أو فرد يطعم من يواليه ويحرم من ينتقده أو يعارضه.
حزب "الله يهدي البال"!
وعن المزاج العام تجاه الثورة في الوسط الوظيفي الذي كان يعمل فيه يقول مجدي العمار: الانقسام الحاصل بالشارع السوري ينعكس تماما على الموظفين في الدولة هنالك المؤيد والمعارض والوسطي والأغلبة من حزب "الله يهدي البال".
وحول كيفية إبلاغه بقرار الفصل من العمل يقول العمار: علمت قبل مديري بالقرار عن طريق "فيسبوك" ولما تقصيت عن الأمر فطن المدير للأمر وتابع الموضوع، فأرسل لي كتاباً رسمياً وكتبت عليه بخط يدي العبارة التالية "تبلغت مضمون هذا القرار" ووقعت باسمي علماً أن هذا القرار غير معلل، وهو تحت المادة 137 من قانون العاملين الأساسي رقم 50 لعام 2004 المادة الشهيرة باسم "مادة الفصل التعسفي" التي تتيح لرئيس الوزراء أن يفصل من يشاء بدون ذكر أسباب بناء على محضر لجنة مؤلفة لهذه الغاية.
وفيما إذا كان قرار الفصل مفاجئاً بالنسبة له يقول العمار: كنت أتوقع مثل هذا التصرف وأعتقد أن بقية رفاقي كانوا يتوقعون مثل هذا التصرف من النظام. ويضيف: المفاجئ هو التوقيت فقط، وقد يخطر ببال البعض أن النظام في هذه المرحلة قد يكون بحاجة لإبراز بعض المرونة في التعامل مع المعارضة خصوصاً وهو يحضر لمسرحية الانتخابات.
وحول علاقة فصله مع زملائه بموضوع الإنتخابات يقول العمار:
للأسف أشيع الكثير عن هذا الموضوع وأحب التنويه هنا بأنني مع زملائي لم نُفصل لأننا لم نوقع طلب ترشيح بشار الأسد.
فالقضية لم تكن بهذه المباشرة ولم تتم المساومة بشكل واضح ولم يأت أحد من قبل النظام ويقول لي إما أن توقع أو نفصلك، وإنما كان الفصل نتيجة للعديد من الإجراءات والحيثيات التي لم ترق لهم.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية