أمس كانت ذكرى مجازر البيضا وراس النبع في بانياس.. إذاً مضى عام على مشاهد جثث الأطفال المتفحمة التي ظلت تتصدر بطولة أحلامي، ومضى أكثر من عام على وجودي في اسطنبول.
حدث في مثل هذا اليوم ...... مجازر البيضا ورأس النبع..هكذا عنْوَنَ آكاد الجبل صور المجازر، التي أعترف بأنني حاولت الهروب منها، فأنزلت سهم فأرتي إلى أسفل الصفحة الزرقاء.. لكن الصور كانت تتبعني وتقفز إلى شاشتي، وكأن آكاد الجبل أراد تذكيري أنا بالذات أنه في مثل هذا اليوم حدثت مجازر في وطني...أو كأنه أراد إيقاظي من دوامة الحياة التي سرقتني وجعلتني أتذكر موعد دفع آجار منزلي، وأنسى ذكرى مجزرة حُرقت بها لحوم الأطفال الطرية.. تحت عبق رائحة القهوة التركية تسللت من شاشتي رائحة الأجساد المتفحمة، لتنكّل بفنجاني وهي تقول لي "صحة " لكِ ولكل من هرب من ساطور الديكتاتور إلى المهجر.
أجساد صغيرة سوداء صارت تطاردني وأنا أدلل قطتي..عيونهم كانت تسألني: هل من العدل أن تدللي قطة وفي وطنك يُذبح الأطفال؟
رائحة الموت تسأل: إن كانت رائحة عرق الهروب التي تفوح من أجساد السوريين عند آخر حاجز على الحدود السورية اللبنانية أذكى من رائحة عرق الخوف من الساطور المثبت على رقبة طفل؟
تباً لك يا آكاد الجبل، لماذا تتقصد مضاعفة زخم رائحة الأجساد المتفحمة، إنها تملأ الغرفة..لم أعد قادرة على التنفس.. ليتني لم أهرب.. ليتني بقيت مع الذين بقوا..ليتني لم ولم ولم..
جرس الباب يُقرع؟ أيعقل أن يكون الشبيحة خلف الباب جاؤوا لمعاقبتي على التعليق تحت صور نشرها آكاد الجبل؟ من هناك؟ من هناك؟ لا أحد يجيب..أنظر من عين الباب..
آه إنه صاحب البيت يريد الآجار..
أغلق الحاسوب وأعود إلى ناعورة الحياة فلاشك أنها أرحم من صور آكاد الجبل.
لمى شماس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية