بالتزامن مع أنباء عن خروج الثوار ومن تبقى من سكان حمص المحاصرة وتسليمها لقوات النظام القى أحد مشايخ حمص خطبة جمعة أمس، مؤثرة، ضمن سلسلة خطب اعتاد على القائها بعنوان (علمني الحصار) اشار في مستهلها إلى أنها قد تكون أخر خطبة في حمص المحاصرة مما اثار دموع المصلين وتعالت همهماتهم، فقرار الخروج من حمص المحاصرة مرّ ولكن الأمر البقاء تحت ظروف الجوع والحصار الموت البطيء الذي تربص بهم لأكثر من 600 يوم.
ومن دروس الحصار التي تعلمها خطيب الجمعة الذي لم تستطع "زمان الوصل" معرفة اسمه أن من أخطر وأكبر أعباء النفس والقلب التي ظهرت في ثورتنا وحصارنا هي مرض حب الرياسة وحب المنصب والأنا التي ظهرت ظهوراً كبيراً في حصارنا وأثرت تأثيراً سلبياً على كثير من مجريات الحصار…
ويضيف الخطيب أن البعض من القادة والأفراد على حد سواء أصبح لديهم للأسف نظرية فرعون ( ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) والبعض نسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح ( ثلاث مهلكات أي يهلكن العبد في الدنيا والاخرة شح مطاق وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه ) وقيل للسيدة عائشة رضي الله عنها : (متى يكون الرجل مسيئاً فقالت اذا ظن انه محسن) فحب الرياسة والتصدر والعجب كقول البعض انا قائد الثورة وأول من خرج وأنا .وأنا .الخ هو اكثر ما أضر بالثورة وحذّر خطيب الحصار الثوار وقادتهم من كلمات ثلاث كما يقول
العلامة ابن القيم : (من أنا ولي وعندي) فإن الاولى قالها ابليس قال ( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) والثانية قالها فرعون قال (اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي ) والثالثة قالها قارون قال (انما اؤتيته على علم عندي ) ثم قال ابن القيم وما اجمل قول العبد في (انا ولي وعندي (في قوله انا العبد المذنب وعندي الخطايا ولي الذنوب مضيفاً : ( ألا يجدر بنا ان نصحح علاقتنا مع الله في هذا الامرو أن نراجع أنفسنا مستدركاً : (هناك من اذا تغير منصبه قد يترك الجهاد برمته ويهدد بترك جبهته او جهاد او عمل للإسلام لأنه سيأتي أحد مكانه ، ويوضح خطيب الجمعة : ( هذه الانا أكبر مرض ابتلينا به في الثورة واثر على جهادنا كثيرا لذلك من ربى نفسه على اتقاء هذا المرض وصار عنده الدم والمدح سواء وصار عنده انه اينما وجد فهو يخدم الاسلام
والدرس الثاني مما تعلمه من الحصار كما يقول الخطيب : ( أقم دولة الله في نفسك امراً ونهيا وجهادا تقم لك علاقة طيبة مع الله ويردف: كلنا يريد تطبيق الشريعة وتحكيم الإسلام وما من مسلم يؤمن بالله واليوم الاخر إلا يريد هذا المطلب ولكن الاهم أن من يريد تطبيق هذا المطلب يجب ان يحاسب نفسه اولاً فمن يريد الاسلام وتطبيق الشريعة عليه أن يطبقهما في صلاته وتعامله ولسانه وسمعه وبصره واتقاء الله في سفك الدماء وإباحة الأموال والإعراض.
ويشير الخطيب إلى وحدة الكلمة ووحدة الصف باعتبارهما مطلباً شرعياً وواجباً ربانياً إذ قال الله تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ) وقال (ولا تنازعوا فتفشل وتذهب ريحكم ريحكم ) ولكن هذا الواجب - كما يقول- قد لا يتيسر الآن وقد لا يتيسر للكتيبة الفلانية أو اللواء الفلاني أن تندمج وتنصهر وتتوحد مع كتيبة أو لواء آخر لعدة امور وهذا بحد ذاته ليس إشكالا شرعياً لأن الهدف من وحدة الصف هو وحدة الكلمة، و إذا اختلفت الكتائب فيما بينها فلا ينبغي ان نقيم الدنيا ولا نقعدها فلا يمكن للجميع أن يلبسوا ثوباً واحداً أو أن يكونوا لوناً أو تحت تسمية واحدة فأنت بذلك تطلب محالا قال الله تعالى ( ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربي ).
ويخلص خطيب الحصار إلى القول : ( عندما تشتد المحنة ويكثر الكرب لا منجى من ذلك كله إلا بالإيمان، والاعتصام بالركن الشديد، والالتجاء إلى الملك العلام وبث روح التفاؤل بين أفراد المجاهدين، وحسن الظن بالله والثقة به، فهذا كله من عناوين اقتراب الفرج والنصر إن شاء الله ).
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية