أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حمص ... من الحصار إلى اليوم الموعود

من حمص القديمة - عدسة شاب حمصي

من المعيب أن نسمي خروج أبطال حمص المحاصرين هزيمة؛ المعركة محسومة لصالح القوة منذ البداية؛ لكن حصارا أمام سمع العالم وبصره وربما بمباركته الخفية كذلك، لهو حدث غير مسبوق في التاريخ الإنساني المعاصر.

تساؤلات مؤلمة تطرح بحدة عن أسباب ما حصل ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟

على صعيد المحاصرين أنفسهم لا يحملهم أحد أي مسؤولية على الإطلاق؛ فهم قدموا أقصى درجات البطولة والصمود التي لا تخطر ببال؛ عانوا الكثير وصبروا على الحصار والجوع والقصف المستمر؛ لم يبقَ لديهم من مقومات الصمود الإنساني أي طاقة يلامون لعدم استخدامها؛ بل على العكس فهم استخدموا واستنبطوا واستلهموا أساليب للصمود والقتال ستبقى علامة فارقة في تاريخ سوريا.
لا أحد يلوم المحاصرين على أي قرار يتخذونه؛ والجميع اتفق على أنهم أصحاب المصلحة وهم أدرى بوضعهم وقوتهم والمدى الزمني لصمودهم.

اتفاق الخروج؛ الهدنة؛ المصالحة؛ السلام ... كلمات ليس لها معنى هنا؛ ما يهم هو أن أبطال حمص سيخرجون.

لماذا تم حصار حمص بهذا الشكل الخانق؛ ولماذا لم تكن هنالك محاولات جادة وحقيقية لفك الحصار؟ أسئلة مهمة سنحاول الإجابة عليها هنا.

أخطأ الثوار مرات كثيرة عندما ظنوا أنهم بمجرد طرد قوات النظام من منطقة ما تصبح هذه المنطقة محررة؛ ولكن هذا الخطأ في حمص القديمة كان قاتلا، لأن حصارها يعني الموت المطبق ولو بعد حين؛ ولكن نشوة الانتصار لم تترك للمحاكمة المنطقية دورا؛ فهلل الجميع لتحرير حمص القديمة واعتبروه نصرا بدون أن يحسبوا للمستقبل حسابا.

استغل النظام حصار حمص القديمة بشكل كبير واستنزف الطاقات الثورية فيها؛ وربما كان لديه الرغبة في استمرار الحصار، حتى الوصول للحظة المناسبة التي يستثمره سياسيا بشكل كبير؛ وربما الاستحقاق الانتخابي الذي أعلن عنه النظام هو ذلك الاستثمار المناسب تماما؛ حيث يستطيع النظام إعلان نصره في حمص، والتدليل على قوته أمام أنصاره ومؤيديه والقوى المساندة له وبالمقلب الآخر إنزال هزيمة معنوية كبيرة بالثورة ومؤيديها وحاضنتها وداعميها.

خروج الأبطال المحاصرين من حمص يوم له ما بعده وسيشكل مفصلا وتحولا خطيرا في مسار الثورة السورية؛ لا يمكن القول بانتصار النظام وهزيمة الثوار منذ الآن، لكن ذلك يعتمد على ما سيجري لاحقا في الميادين الأخرى.

مما لا شك فيه أن القيادة السياسية للمعارضة وعلى رأسها الائتلاف تتحمل المسؤولية الكبرى فيما جرى؛ فهي لم تدرك خطورة ما يجري على الأرض ولم تقم بما يكفي من جهود استثنائية مطلوبة لمواجهة ظرف حصر استثنائي؛ لم تعقد اجتماعات ولا ورشات ولا ندوات ولا دراسات حول الحصار وكيفية كسره، لا بل لم يتم إنشاء غرف عمليات خاصة ودعم خاص لإنهاء تلك المأساة الفظيعة، مرة واحدة رأينا الائتلاف يطل برأسه علينا إبان مؤتمر جنيف ليعلن التفاوض مع النظام على الخروج بدل أن يطلب فك الحصار.

من غير المفهوم موقف الائتلاف وربما يحيل البعض على اتهامات بالتواطؤ وأكثر من ذلك حتى.

لكن مواقف بعض مقاتلي الجيش الحر هو الآخر كان مثار جدل شديد؛ حيث خاضت معاركها بعيدا عن الساحة الرئيسية؛ حاربت في الجبهات الجنوبية والغربية وخسرت كل تلك الجبهات وبنفس الطريقة المكررة من حصار وانسحاب؛ ما سر هذا التعنت في الاستمرار بنفس أساليب العمل التي أثبتت فشلها؛ ما سر هذا الإصرار وهل يخفي لغزا وراءه؟ وربما اتهاما بحرف المعركة عن البؤرة الأساسية الساخنة.

وربما ما يدفع لتأكيد تلك التساؤلات هو العمليات التي أعلنتها هيئة الأركان لتحرير حمص؛ عملية الجسد الواحد انطلاقا من ريف حماة الشمالي وتم رصد إمكانيات كبيرة لها ثم فشلت فشلا ذريعا؛ لكن الأركان عادت بعملية مشابهة وهذه المرة انطلاقا من ريف حماة الشرقي وفشلت هي الأخرى، ولم تحقق شيء؛ صرفت إمكانيات كبيرة وتم إبعاد المقاتلين عن جبهتهم الأصلية بدون أي نتائج؛ فهل تم ذلك عبثا؟ أم أن هنالك من كان يلعب بمصير حمص ويريد تسليمها لقمة سائغة للنظام؛ والوقائع تؤكد ذلك.

بالنسبة لكتائب الريف الشمالي فقد وجهت لها اتهامات بالتقصير عن دعم حمص وفك الحصار عنها؛ ويبدو أن هنالك بعض الداعمين لعبوا دورا في ذلك عبر توجيه الدعم الكبير باتجاهات غير مجدية ولمجموعات لم تقدم شيئا؛ واللوم بل وحتى الاتهام هنا على الداعمين والكتائب التي وصلها الدعم وتقاعست ولم تفعل شيئا.

تبقى مسؤولية النخبة السياسية الحمصية، ومن المؤكد أنها فشلت في تقديم حل لحالة الحصار؛ فقد سيطرت عليها مجموعة الداعمين في الخليج وعلى الأخص هيئة حماية المدنيين، واستمرت في فرض قراراتها الخاطئة على الجميع ولم تنفع أي محاولة للعمل والاصلاح معها ولا تزال حتى الآن في تعنتها رغم كل ما حصل؛ وينتمي معظم أولئك لجماعة الإخوان المسلمين أو المؤيدين لها؛ لماذا يريدون تكرار ما فعلوه بالبلاد من قبل؟

في كل الأحوال، بخروج المقاتلين من حمص ينبغي التأسيس لمرحلة جديدة تبنى على الوقائع الجديدة؛ كيف ستكون صورة الثورة السورية في حمص تحديدا؟ ما هي الطرق الجديدة لمقاومة النظام التي سيلجأ إليها الثوار؟

الأخطر هو تكرار ما حصل في حمص القديمة في أماكن أخرى وهذا أمر غير مستبعد تماما؛ وباستمرار خسارة الأرض والحاضنة الشعبية على الثورة والثوار أن يعيدوا حساباتهم.
هل هي استراحة محارب أم خروجه من الميدان؟

من كتاب "زمان الوصل" - عضو مجلس شعب منشق
(132)    هل أعجبتك المقالة (116)

مواطن سوري

2014-05-03

ما اسهل التحليلات و الانسان بعيد عن ساحات الوغى التي عرفها و اسبسل و ضحى فيها شهداء سوريا الأشاوس بكل ما يملكون. فرق الامكانيات بين النظام المجرم و الثوار كبير جدا و لولا إرادة الله لانتهت هذه الثورة منذ زمن بعيد كما راهن و تمنى الكثيرون. يارب فرج عن أهل سوريا المظلومين و لا تتركهم لهؤلاء المجرمين يدمرون و يقتلون.


عبد الله

2014-05-03

المخلصين من اهل الشام وثوارها وضعوا ثقتهم بمن ينطبق عليه قول القائل: يلقاك يحلف أنه بك واثقٌ وإذا توارى عنك فهو العقرب يعطيك من طرف اللسان حلاوةً ويروغ منك كما يروغ الثعلب والذي خبر نظام الارهاب والطغيان ورأسه السفاح القابع في دمشق يكاد لا يجرؤ على لومهم. المرجو والمأمول ممن ضحوا وبذلوا وعانوا ان لا يُلدغوا من نفس الجحر مرة اخرى فقد اتضحت الامور وتبينت اللعبة بحذافيرها ولم يعد يخفى من الذي غدر بالشعب وثورته على احد..


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي