أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل على بشار الأسد أن يستقيل؟.. "زمان الوصل" تسأل بانتظار إجابة النظام

كانت سوريا طيلة 39 عاما تحت دستور فصله حافظ الأسد على مقاسه، واحتكر فيه السلطة باسم حزب البعث، محولا "الانتخابات" على هزليتها إلى استفتاءات وبيعات محسومة النتائج، حيث لامرشح سوى "القائد" الذي فرضه "الحزب القائد".

ومع بدايات الثورة السورية ومطالبها البسيطة المتمثلة بالإصلاح، كانت المناداة الشعبية بضرورة حذف أو تعديل المادة الثامنة التي أعطت لحزب البعث (أي حافظ الأسد حكما) الحق الحصري في قيادة الدولة و"المجتمع" أيضا!

بعد التعديل
تحت زخات الرصاص وهدير المدافع والطائرات وأنين المعذبين المعتلقين في السجون ومآسي المهجرين المشردين، صدر دستور "بشار الأسد" في شباط 2012، ليكون نسخة طبق الأصل تقريبا لدستور حافظ، مع تعديلات على بعض العبارات، لاسيما مقدمة الدستور، التي اختفت منها مفردات حزب البعث لاسيما ما يخص شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية.

أما المادة التي طالها تغيير جوهري وجذري، فكانت المادة الثامنة، حيث كانت تنص في دستور 1973 على أن "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في الدولة والمجتمع، ويقود جبهة وطنية تقدمية، تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية".

وقد جاءت المادة الثامنة في دستور 2012 على النحو التالي:
1- يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع.
2- تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية.
3- ينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين الأحزاب السياسية.
4- لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون.
5- لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية.
وما يهمنا من هذه المادة هنا فقرتها الخامسة، التي سنطرح بموجبها عددا من التساؤلات، من ناحية دستورية-قانونية بحتة، دون "تسييس" للقضية أبدا.

دفعا للشبهة
لقد أغفل دستور بشار (2012) ومن قبله دستور حافظ (1973) وضع "الرئيس القائم" عندما يريد الترشح إلى الانتخابات، وهل هو ملزم بتقديم استقالته قبل الترشح وخوض الانتخابات كأي مواطن عادي، دفعا لشبهة استغلال منصبه، وتحقيقا للمساواة -ولو النظرية- مع باقي المرشحين.

ولكن دستور 2012 حمل في فقرته الخامسة من مادته الثامنة، المعروضة آنفا، مايشير بشكل غير مباشر إلى ضرورة استقالة "الرئيس القائم" إذا ما قرر الدخول في الانتخابات، لأنه خوضه الانتخابات وهو في منصب الرئاسة تسخير منه للوظيفة العامة والمال العام لمصلحته السياسية والانتخابية، وهو ما حظرته الفقرة الخامسة من المادة الثامنة بكل وضوح، عندما قالت: "لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية".

فما هي إذن مصداقية الانتخابات التي سيترشح فيها بشار الأسد من داخل قصره وهو ممسك بمفاصل الأمن والجيش والوظائف العامة، بل أين هي نزاهة هذه الانتخابات المرتقبة، وهي تخرق -حتى قبل بدء الانتخابات- مادة من مواد الدستور.

وهل يستطيع أحد أن يجادل بأن المطالبة هنا باستقالة بشار الأسد إنما تأتي من باب قانوني، لادخل للسياسة به ولا حتى لحسابات "الشرعية" من عدمها، وأن استقالة بشار "واجبة" احتراما منه للدستور الذي فصله على مقاسه.

إن المتمعن في معظم مواد الدستور التي تضع الاشتراطات على الأشخاص الذين يتولون المناصب التشريعية والتنفيذية العليا في جميع دساتير سوريا، ومن بينها الدستور الأخير، يعلم تماما أن هذه الاشتراطات إنما وضعت من باب التحوط ودفع الشبهات عن الأشخاص المرشحين لشغل هذه المناصب.

فعندما قضت إحدى الشروط بعدم "تعدد" أو "ازدواج" جنسية، المرشح للرئاسة ورئاسة الوزراء مثلا، فليس ذلك حكما منها بأن من يحمل أكثر من جنسية هو شخص عديم الأهلية أو لايستحق أن يؤتمن، وإنما هو من باب دفع شبهة تعارض المصالح وتجاذب الأهواء والانتماء لدى الشخص الذي يحمل أكثر من جنسية.

وهكذا هي الحال تماما في معظم الاشتراطات، لاسيما فيما يخص الجمع بين المنصب والنشاطات التجارية، إذ ليس هذا الحظر مطلوبا لذاته، أو لأن الجامع بين وظيفته ونشاط تجاري معين شخص غير كفؤ أو نزيه، بل لأن هذا الحظر يغلق أبواب شبهات كثيرة، منها التربح عبر استغلال المنصب مثلا.

إذن هل سيستقيل "بشار" قبل أن يترشح للانتخابات، التزاما بنص الدستور؟.. هذا ما ننتظر الإجابة عليه من النظام.. إن أراد الإجابة.

إيثار عبدالحق- زمان الوصل
(128)    هل أعجبتك المقالة (118)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي