أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الملثمون.. طوارق الثورة السورية.. الثورة والخوف لا يلتقيان !

شاع ارتداء اللثام أو القناع بمختلف أشكالهما لدى مقاتلي المعارضة منذ بداية الثورة السورية كنوع من الحماية الذاتية وعدم انكشاف أمرهم، وكان هذا الخيار مبرراً ومسكوتاً عنه لعدم ملاحقتهم واعتقالهم، ولكن مع بداية خروج المعارضة المسلحة إلى العلن أصبح هذا الزي يمثل مشكلة بمختلف المعايير، وخصوصاً بعد أن بات يخفي خلفه الكثير من الممارسات والتجاوزات التي تتنافى مع مبادىء الثورة وأخلاقها وبذلك "أصبحت ظاهرة الملثمين واحدة من أشد الظواهر السلبية التي طالت الثورة السورية، وتطورت ونمت خاصة خلال السنتين الأخيرتين، في ظل عدم وجود مراقبة وملاحقة أمنية وسياسية، للقوى والمجموعات الخارجة عن الإطار الأخلاقي والقانوني العام للثورة" كما يقول المحلل السياسي عبد الرحمن مطر لـ "زمان الوصل" مضيفاً إن أفعال هذه الظاهرة انعكست سلباً على سمعة وأداء الثورة في محيطها وحاضنتها الاجتماعية، في المناطق غير الخاضعة لسلطة نظام دمشق الاستبدادي، وسوف تبقى تلقي بظلال تأثيراتها المرّة لسنوات طويلة قادمة.

ويسترجع مطر تاريخ شيوع "التلثم"، الذي ظهر كما يقول في منتصف صيف 2012، حيث سجلت أولى مشاهدات الملثمين المسلحين الذين يقيمون الحواجز الطيارة في المناطق الخالية ويقومون بأعمال قطاع الطرق، مستهدفين قوافل الإمداد والنازحين، في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحرّ، في حوادث تمّ التغاضي عنها، معتبرين أنها حالات فردية، وكان الحديث عنها –كما يوضح مطر- يعتبر تصيداً في أخطاء الثورة، كما الحديث عن الفساد، يصبّ في مصلحة النظام في الغالب، وارتبطت عمليات السطو على الأموال الخاصة والعامة، وعمليات الاختطاف، وما يُعرف بـ "التشويل" والتصفيات، بأشخاص أو مجموعات ملثمة.

وهذه المجموعات إجرامية –بحسب وصفه- سواء أكانت عناصر من الثورة أم من شبيحة النظام، لا تنتمي سوى إلى مشروعها المعنيّ بالسلب والنهب عبر ارتكاب الجريمة المنظمة.

ويردف مطر قائلاً إن التغاضي عن هذه المجموعات رغم معرفة عناصرها –فيما بعد– وانتماءاتهم، سمح بتوالدها وانتشارها السرطاني المرضي الذي ينهش جسد الثورة السورية، واليوم تقوم "داعش" بأبشع ممارساتها الإجرامية، ضد الإنسانية عبر قتلة وقطاع طرق ومجرمين مأجورين، ملثمين يقومون باختطاف النشطاء المدنيين من فرق إغاثة وأطباء وإعلاميين وغيرهم. 
تماماً كما يفعل ذلك النظام دونما لثام. 

وعندما سألناه إن كان بالإمكان تشبيه الملثمين بـ"طوارق الثورة" على غرار طوارق الجزائر الملثمين رفض مطر هذه المقارنة قائلاً إن الملثمين هم وطاويط الليل، ويجب استئصالهم من حياتنا السورية، ولا أقبل تسميتهم بطوارق الثورة. أما الطوارق فهم نبلاء الصحارى المنتمون لحضارات عريقة، تمنعهم أخلاق الحياة من الإعتداء على أحد!

إرهاب نفسي !
الناشط والكاتب "مهند الفياض" رأى أن ظاهرة اللثام بدأت بشكل عام مع بدايات الثورة ما لبثت أن تحولت لظاهرة عسكرية مع دخول الثورة لمرحلة العسكرة، ويوضح الفياض أن الظاهرة دلاليتها السطحية إخفاء الهوية ولذلك فغالبية من يمارسها من العسكر ليسوا من المهاجرين بل من المقاتلين المحليين، ومن جانب آخر يؤكد الفياض أن ظاهرة التلثم التي اتخذت بداية بالمصادفة تطورَ شكلُها لتصبح شكلاً من أشكال الإرهاب النفسي والابتعاد عن الإشهار بالشخصية مضيفاً إن هذه الظاهرة الدخيلة كانت تلاقي قبولاً في المناطق المحررة مع بدايتها لكونها آنذاك كانت تدل على المحرر، ولكنها تطورت إلى نزعة من الخوف مع ولادة حركات التطرف بشكلها الحاصل الآن وخاصة بعد عمليات الاعتقال التي قام بها هؤلاء الملثمون مجهولو الهوية، وفيما إذا كان هناك نوع من الإلزام من قبل بعض الحركات والتنظيمات بخصوص ارتداء اللثام يؤكد الفياض أن الأمر تُرك للمقاتلين بشكل حر والنتيجة كانت مؤخراً، حيث منعت النصرة اللثام كما قام تنظيم الدولة الاسلامية بإصدار بيان يمنع تعرض الملثمين من الاقتراب من الجمهور العادي بعد انحسار ظاهرة التشويل وكثرة الشكاوي من الملثمين وهي عبارة عن محاولة لكسب حاضنة شعبية غير مقلقة لهم.

من الموضة إلى الجدية والانتشار !
ويكشف الناشط مهند الفياض أن هناك لقاءات تمت بين التنظيم وشيوخ العشائر وبعض الأفراد من الوجهاء في الرقة نقلوا فيها شكوى الرقاويين وتذمرهم من هذه الظاهرة، ونظراً لأن التنظيم لا يميل إلى المعاملة الميدانية من قبل الناس لذلك تكشف لهم سوء هذه الظاهرة والمتابع في الشارع العادي يرى ذلك، وهم أذكياء بقراءة حال الشارع الذي أصبح لا يطيق تلك الظاهرة من خلال التعاطي العادي معهم في الشارع في المحلات في جميع مفاصل الحياة.

وبحسب الناشط الفياض، إن غالبية الملثمين هم من الذين يراهم الشارع من مشبوهي الانتماء " ولكنه يستدرك قائلاً : ( ربما لا يكون كذلك لكن هذهِ الظاهرة انتقلت من شكل الموضة نحو الجدية والانتشار .. وهي انحسرت الآن كما أسلفت خاصة بعد إقامة دار للمظالم خاص بالشكوى على منستبي التنظيم. ولا يمكن تفسير أسباب هذهِ التطورات إلا من باب تخفيف الاحتقان الشعبي وكسب حاضنة، خاصة بعد المعارك التي قامت بين الفصائل المسلحة و انكشاف تدني شعبيتها.

الثورة والخوف لا يلتقيان !
وحول تفسيره لظاهرة الخوف من التلثم رغم أنها موجودة في الدول والمنظمات والحركات الانفصالية وما دلالة التركيز عليها في سوريا اليوم يقول الفياض: الاعتقاد الغالب هو كونها دخلت ضمن التنظيمات الإسلامية التي يخشاها الغرب ويراها خطراً داهماً يحيط بوجودها ويضيف: "أنا اعتقد أن هذه الحالة طبيعية ضمن السياق الذي أوصلتنا إليه الإرادات الدولية والمشاريع المؤقتة وهي لن تجد لها مستقبلاً على أرض سوريا".

وترى القسيسة "دعد معماري" أن مصيبة الثورة السورية في ملثميها وهناك –بحسب قولها- مندسون بعثيون ملثمون بين الثوار للإساءة للثورة.

وتضيف معماري إن على الثوار أن يخلعوا اللثام عن وجوههم ليظهروا على حقيقتهم، فالخائفون ليسوا ثواراً، والثورة والخوف لايلتقيان.

وتدعو القسيسة معماري قيادة الجيش الحر إلى رفض ما تسميها -المظاهر الفارغة- كـ "اللحية والشعار الأسود واللثام"، وليخرج الخائفون والمراوغون والمندسون الأسديون من بين الأحرار، والباقون يكفون لنجاح الثورة، لأن القوة ليست في العدد بل في الإيمان والتصميم.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(242)    هل أعجبتك المقالة (160)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي