لا إرهابيين ولا إخوان ولا مسلمين!
بالأمس وفي "زمان الوصل" كشف قيادي في الإخوان (فضل عدم ذكر اسمه) أنه سمع من مسؤول سعودي بارز (فضل عدم ذكر اسمه) أن الإخوان المسلمين في سوريا غير معنيين بقانون الإرهاب السعودي.
وفسر ذلك بأن إخوان سوريا غير إخوان مصر .. أي أن الإخوان المسلمين ليسوا إخوانا ولا هم جماعة دينية عقيدية واحدة، بل هم أحزاب سياسية وطنية مختلفة لا علاقة لها ببعضها ولا بالعقيدة المشتركة، ولا تجمعها سوى البرامج السياسية المختلفة باختلاف الدول، والتي تلبي رغبة الوصول للسلطة بأي طريقة وأي مذهب ككل معارض ، وما جرى في الزيارة يوضح أن كل أخ من جماعة الإخوان مستعد لبيع أخيه والتخلي عنه حتى وهو يواجه عقوبة الإعدام أمام محاكم صورية.. بتهمة الانتساب لجماعته ذاتها ... وهذا هو عكس الدين الذي هو الوفاء بالعهد. فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه.
نسي القيادي المستتر أن السعودية بقيادة ملكها الذي يمثل اليوم بشخصه مصالح العروبة والإسلام، قد أصدر أمرا ملكيا باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية، وهو لم يميز بين فرع مصر وسوريا والسعودية والإمارات وغزة والأردن ولندن وأوروبا، تماما كتنظيم القاعدة بفروعها وحزب الله بفروعه المختلفة، وتناسى أن أي مسؤول سعودي لا يستطيع تعديل قرار ملكي، هذا إذا صح ما نسبه القيادي الإخواني (المجهول المحتجب تقية) للمسؤول السعودي الرفيع المفترض.
لكن حكمة المملكة وحرصها على عدم زيادة الانقسامات في المعارضة السورية الفاشلة الممثلة في ائتلاف الخلافات والرشاوى، وحرصها على عدم تفويت فرصة التقارب مع قطر لأسباب شكلية كهذه، غفرت للجربا غلطته باصطحابه رموز تنظيم إرهابي محظور، لتمثيل شعب سوري سئم من تصرفاتهم، كما سئم من قبله الشعب المصري، وللعلم فإن قرار اعتبار هذه التنظيمات إرهابية هو قرار شعوب ودول عديدة، وليس فقط سعوديا، فكل الشعوب خبرت جماعة الإخوان وعملياتهم الإرهابية الطائفية، وخبرت طريقتهم السرية ومؤامراتهم، وتقيتهم ومكيافيليتهم، وسطحيتهم العقيدية والإيمانية، وتوزعهم على كل بوابات السلطة وتلونهم بكل الألوان، واتصالاتهم مع النظام وإيران والشيطان من أجل السلطة، واستعدادهم للانقضاض عليها بالقوة والعنف متى سنحت لهم الفرصة، فدينهم الحقيقي ومعبودهم الفعلي هو السلطة والسلطان حتى لو على باطل.
ذات القادة في الإخوان المسلمين فرع سوريا الذين زاروا السعودية بالأمس كانوا في بداية هذا الشهر في اجتماع مع قاسم سليماني وعزت الشهبندر لبحث المبادرة العراقية التي تحضر للتمديد للأسد ومشاركة المعارضة الوطنية المقاومة في السلطة عبر حكومة وطنية بقيادته.. فماذا حصل يا ترى هل هو النفاق كالعادة؟ أم أن الأسد تغطرس ورفض كعادته مشاركة الإخوان في السلطة، كما فعل عندما بادر القرضاوي وزار سوريا في وساطة بين الطرفين قبل الثورة، بعد أن تخلى تنظيم إخوان سوريا عن شعار إسقاط نظام الأسد المقاوم، وانسحب من جبهة الخلاص التي يرأسها خدام، واستمر على ذات الخطاب التصالحي المهادن مع النظام حتى ما بعد اندلاع الثورة بشهرين.
نذكّر الإخوان أن كتابهم الأهم لمنظرهم الممتاز وهو كتاب (كفاحي) أقصد "معالم في الطريق" لسيد قطب يذكر في مقدمته (إننا نعيش جاهلية أشد وأدهى من جاهلية ما قبل الإسلام، وعلينا أن نهجرها كما هجرها الرسول عليه الصلاة والسلام). أي أنهم كجماعة وفكر هم منظرو أيديولوجيا التكفير والهجرة الخارجية. وهم من غلاة الخوارج الذين يكفرون المجتمع ويحتقرونه، ويدعون النبوة والتشبه بها، فيهجرون هذا المجتمع الكافر المشرك ويتربصون في أوكارهم للانقضاض عليه واستعماره، والذين يتخذون مذهب التقية غطاء يغطون به أنفسهم، فيدعون الديمقراطية والنضال السلمي، فإذا وصلوا للسلطة بانت حقيقتهم، وهذا ما حصل معهم في مصر، ما أجبر الدولة والشعب والجيش والعالم على إسقاطهم، خوفا من تغلغل سرطانهم الخارجي بثوبهم التقوي الجديد، فهم أخطر وأحدث شكلا من أشكال التكفير والإرهاب والاستبداد، وآخر صيغة من صيغ الخوارج الذين يعتمدون التقية في وسائلهم.
عذرا من القيادي الإخواني، والمسؤول السعودي إذا صحت الرواية.. بل أنتم في سوريا مثل مصر مثل كل من يحمل هذه العقلية: لستم إخوانا ولا مسلمين. بل عصابات إرهابية تكفيرية تقوية تريد السلطة بأي وسيلة. لتبني طاغوتا أشد وأدهى من طاغوت البعث النازي. وطاغوت الملالي المجرم.
نأمل ممن تبقى من تنظيم الإخوان التخلي عن هذا الضلال والغلو والتجبر والتآمر المدسوس على الدين وعلى السياسة، والعودة لصفوف الشعب الذي هو ليس أدنى منهم، بل هو السيد صاحب الشرعية ومصدرها.. أو إصدار بيان يقولون فيه: هل هم إخوان أم لا؟ مسلمون أم لا؟ تنظيم أم عصابات، مع النظام أم ضده، مع جنيف أم ضده، أم هم يركبون قطار السلطة مع قطر ومع الصباغ ومع قطر ومع الرشيد ومع تركيا ومع السعودية ومع الجربا ومع فرنسا ومع كيلو ومع إنكلترا ومع العبدة، ومع سيف ومع أمريكا ومع روسيا ومع صبرة، ومع الجبهة الإسلامية ومع قاسم سليماني ومع علي حيدر وعزت الشهبندر وهيثم مناع، ومع ذلك هم تنظيم عقيدي له مبادئ!
وهو فعليا يقود الائتلاف ويشكل الحكومة ويسيرها، ويتحكم بأغلب موارد الثورة وقرارها. ويسألنا السائل لماذا لا ننتصر. فكيف ننتصر وقادتنا المتوارون خوارج تكفيريون يظهرون مالا يبطنون ويحتقرون الشعب والديمقراطية وهم صورة أشد وأدهى من البعث.
"لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، و"إن تنصروا الله ينصركم".
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية