أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

جرمانا والمليحة.. هل يكفي الموت والرعب لنكون شركاء؟

رضيع انقذ من تحت الأنقاض بعد غارات الأسد على المليحة - عدسة شاب ميلحاني

لم تكن ليلةً عادية على أهالي جرمانا، فما عاشه سكان المدينة يوم أمس لم يشهدوا له مثيلا منذ ثلاث سنوات، وإن كانت جبهة المليحة المحاذية لجرمانا والمشتعلة منذ حوالي 22 يوما اعتادت على عمليات النظام الموجهة لها من أراضي جرمانا ومن غيرها.

أهالي جرمانا وصفوا ما حدث خلال ساعات الليل بـ"القصف الشيطاني" استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة في محاولة النظام لاقتحام مدينة المليحة التي تعتبر مفصل الغوطة الشرقية الأهم.

ورغم كل ما مر على المدينة خلال السنوات الثلاث الماضية، إلا أن الأيام العشرين الماضية كانت الأقسى على جرمانا التي تضم ما يزيد عن 120 ألف مهجر، حيث سقطت على أحيائها عدد من قذائف الهاون التي يصل وسطياً منذ بدء الحملة على الغوطة الشرقية إلى ما يقارب 30 قذيفة، سقطت على الأحياء السكنية دون وصول أي واحدة منها إلى أي مركز أو فرع أمني في المدينة.

يحصي ناشطون في مدينة جرمانا أعداد ضحايا القذائف وجلهم من المدنيين حيث تقدر أعدادهم بـ 25 شخصا منذ بدء الحملة العسكرية على الغوطة الشرقية وجلهم من الأطفال، كما يقول أحد مؤسسي لجنة العمل الوطني في جرمانا والذي فضل عدم ذكر اسمه.

نزيف المليحة
وما تشهده جرمانا لا يعتبر إلا جزءاً بسيطاً مما تعيشه المليحة في هذه الأيام، فقد أحصى "المكتب الإعلامي في البلدة" بعض الأرقام التقريبية للأيام الـ 22 الماضية، وهي إحصائيات لما خلفته 150 غارة للطيران الحربي بمعدل 7 غارات يومياً, وقد استخدم في الغارات على البلدة الصواريخ الفراغية, العنقودية, الموجهة.
كما سجل المكتب الإعلامي 120 صاروخ "أرض –أرض" بمعدل 6 صواريخ يومياً، و600 قذيفة "قذائف هاون وراجمات صواريخ ومدفعية بمعدل 30 قذيفة أو راجمة يومياً.

كل هذه الأسلحة أدت إلى وصول عدد شهداء المليحة لما يزيد عن 118 شهيدا، وما يزيد عن 217 جريحا من المدنيين بينهم "90 إمرأة و46 طفلا".

وفي إحصائيات المكتب على صعيد الدمار وصلت نسبة منازل المدنيين المدمرة بشكلٍ كلي وجزئي إلى 30 %, بالإضافة للعديد من الأماكن الخدمية والمساجد.

أما على صعيد النزوح فقد خرج ما يقارب 4300 عائلة نتيجة القصف الذي طال منازلهم، ليبقى عدد العوائل المتواجدة في البلدة ما يقارب 700 عائلة.

كبش فداء
ورغم أن النظام يستخدم اليوم مدينة جرمانا ليحمي ظهره خلال اقتحام الغوطة الذي يصبو إليه من خاصرتها اللينة وهي المليحة، إلا أنه في الوقت ذاته يستخدم أبناء جرمانا المنضوين تحت مسمى "جيش الدفاع الوطني" "كبش فداء" كما يقال، ففي اليوم الأول للمواجهات، وضع هؤلاء على خط النار الأول، في المقدمة، ويروي أحد الناشطين في المدينة والذي فضل عدم ذكر اسمه إن "تعطل الدوشكا" جعلت منهم صيداً سهلاً للثوار، حيث قضى منهم أعداد كبيرة واختفى آخرون، علم أهلهم فيما بعد أنهم أصبحوا أسرى في يد ثوار الغوطة.

وحتى الآن لم يستطع النظام تنفيذ مأربه باقتحام المليحة، بفضل الثبات الذي حققه الثوار هناك، بالرغم من القصف العنيف والتي يرى ناشطون أن أي خللٍ في جبهة المليحة سيجعل من الغوطة في متناول النظام، بسبب الموقع المفصلي للمليحة وسط مناطق الغوطة الشرقية المحررة، والتي تعاني الحصار منذ ما يزيد عن عامٍ ونصف.

وفي قراءةٍ لحال المدينة يسودها اعتقاد روجه النظام، وأثار حوله العديد من الشائعات ارتفعت وتيرتها قبل بدء عملياته العسكرية على الغوطة الشرقية، حول نية الثوار باقتحام المدينة على غرار ما حدث في عدرا العمالية ودير عطية، وهو ما جعل من المدينة في حالة استنفارٍ سابقٍ لبدء العملية العسكرية.

لعبة الأقليات
وتعتبر جرمانا جغرافياً أحد المواقع الهامة بالنسبة للنظام خلال عملياته على الغوطة، فإلى الشرق منها تقع المليحة وصولاً إلى زبدين ودير العصافير، وأيضاً إلى النشابية والبلالية، وفي الشمال عين ترما وسقبا وعربين وصولاً إلى حرستا، وفي الشمال الشرقي كفر بطنا وحمورية ومسرابا، وفي الجنوب طريق المطار الفاصل بين جرمانا وبيت سحم وعقربا وشبعا، وفي الجنوب الغربي الحجر الأسود والحسينية والذيابية وكذلك ببيلا ويلدا وداريا والغوطة الغربية.

أما ديمغرافياً فالأكثرية الدرزية والمسيحية تجعل من رواية حماية الأقليات أكثر نفاذاً وسط مجتمعٍ انكفأ على ذاته خوفاً من فزاعة السلفية التي حملها النظام منذ ما يزيد عن أربعة عقود.

وتحولت جرمانا إلى منطقة عسكرية، رغماً عن قاطنيها، ولم تفلح محاولاتها في البقاء على الحياد خلال سنوات الثورة، فهذا ما لم يرق للنظام الذي جند من أبنائها أكثر من 700 شخص من أسفل الهرم الاجتماعي ضمن ما يسمى "جيش الدفاع الوطني"، واستخدم أراضيها معبراً إجبارياً لتنفيذ عملياته على المحيط، علاوةً عن ممارسات الشبيحة التي جعلت من المدينة عدواً لجاراتها في الغوطة الشرقية.

والضربية التي دفعتها المدينة غير الثائرة، والتي لم تدخل بعد في مواجهات مباشرة مع النظام، هو ما يزيد عن 17 تفجيرا وأكثر من 600 شخص قضوا في التفجيرات والقذائف مجهولة المصدر.

ولم يكن عابراً ما تحدث عنه يوماً وزير خارجية النظام وليد المعلم عن أن العمليات على الغوطة الشرقية تأتي لحماية أهالي جرمانا، والعمليات على جوبر تأتي لحماية أهالي القصاع، حيث كانت إشارة سافرة إلى أن حرب النظام لحماية الأقليات، وهو ما تروجه اليوم الصفحات الموالية للنظام عبر تأكيدها أن العمليات العسكرية للنظام خلال الأيام الفائتة على مراكز إطلاق قذائف الهاون التي تطال مدينة جرمانا.

هاون مجهول المصدر
في الوقت الذي سبق وأكدت فيه المصادر العسكرية أن قذائف الهاون لا يمكن أن تخرج من الغوطة في ظل الغطاء الجوي الكثيف للنظام، والغارات التي يشنها، وهو ما يؤكد نظرية أن النظام يقف خلف معظم تلك القذائف لجر الأقليات القاطنة في المدينة للوقوف إلى جانبه، وتأييد عملياته العسكرية.

في حين أن هناك وجهة نظر ثانية تقول إن النظام استطاع تحويل المدينة إلى مصدر للنيران، ومنطقة عسكرية، فليس من المعقول تلقي الضربات دون الرد عليها.

زينة الشوفي - دمشق - زمان الوصل
(104)    هل أعجبتك المقالة (151)

كامل

2014-04-27

انا معك اخي الكاتب فيما تقول و لكن في موضوع انها مدينه غير ثائرة ضد الحكومة غير صحيح و ما يعانيه اهل المدينه نتيجة كراهيه الحكم لهذه القرية التي مرغت انوفهم بالتراب عدة مرات و قبل ان تندلع ثورتكم و الهاون يخرج من مناطق المعارضه هم معارضين يجمعهم مع الحكم هدف واحد هو الحقد الدفين على ابناء هذه القرية فلا تبرر شيء السؤال هو لماذا لا يستهدف فرع المخابرات او اي مركز للحكم في جرمانا و لو بطلقة روسيه ارجو او تجيب و لك احترامي و تقديري.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي