"تشرين" تقر بأن بشار كان "متهورا" عندما استلم الرئاسة، وتسكت عن "أسماء" رغم وصفها بازدواج الولاء

نطقت صحيفة تابعة للنظام بـ"الحقيقة" فيما يتعلق بمهزلة الانتخابات الرئاسية من حيث لاتدري، مفجرة قنبلة مدوية عندما أقرت بأن بشار الأسد تولى منصب رئيس الجمهورية في عام 2000، عندما كان في سن الطيش و"التهور"، كما جاء في دراسة تحليلية نشرتها جريدة "تشرين".
وتحت عنوان: الانتخابات الرئاسية في الجمهورية العربية السورية (دراسة تحليلية مقارنة)، قام الدكتور حسن البحري أستاذ القانون العام المساعد بكلية الحقوق في جامعة دمشق.. قام بعقد مقارنات بين المواد التي تخص ترشيح وانتخاب رئيس الجمهورية، في الدساتير التي تم إقرارها في سوريا، منذ استقلالها وحتى 2012، تاريخ صدور آخر دستور.
وضمن عرضه للشروط الرئيسة الواجب توفرها في المرشح لمنصب الرئيس حسب دستور 2012، الذي فصله بشار الأسد على مقاسه، تعرض الدكتور البحري لشرط السن، قائلا إن الدستور السوري اشترط في المرشَّح إلى منصب رئاسة الجمهورية "أن يكون متمَّاً الأربعين عاماً من عمره".
وتابع البحري: "وقد روعي في تحديد هذا السن أن يكون المرشَّح لهذا المنصب المهم قد تجاوز مرحلة التسرُّع والتهوُّر، وأُتيحَ له اكتساب شيء من الحكمة والاتزان والخبرة، تُمكِّنه من تحمُّل ما يفرضه عليه هذا المنصب من تبِعات ومسؤوليات جسام".
وأضاف البحري: "وسنُّ الأربعين سنٌّ معقول, لأنه السِّن الذي يفترض في بلوغه النضوج، فقد نزلت الرسالة على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمَّد صلى الله عليه وسلم وهو في سنّ الأربعين".
ويبدو أن الرقابة الأمنية التي تضغط على الصحف في ظل نظام الأسد قد فاتها حذف هذه الفقرة، التي تتهم بشار وبكل صراحة بتولي رئاسة الجمهورية في سن "التسرع والتهور"، وقد بلوغه سن "النضوج"، عندما ورث الحكم عن أبيه حافظ وهو في سن الـ34، وذلك في حزيران من عام 2000.
أما المطب الثاني الذي وقعت به "تشرين" وهي تنشر هذه الدراسة، فكان الحديث عن جنسية زوجة المرشح، حيث أكد "البحري" أن الدستور الحالي اشترط في المرشَّح إلى منصب رئيس الجمهورية "أن لا يكون متزوجاً من غير سورية". موضحا أن "المقصود بهذا الشرط هو الحفاظ على أسرار الدولة من أن تكشف من غير مؤتمن كالأجنبي".
ولم يشرح "البحري" هل هذه المادة تنطبق على زوجة بشار "أسماء الأسد" التي نشأت في بريطانيا وتجنست بجنسيتها، ولم تعرف سوريا إلا بعد زواجها من بشار، واكتفى "البحري" بالتعليق على هذا الشرط ضمن "الحواشي" التي أردجها في نهاية دراسته، منوها بأن هذا الشرط -حول الزوجة- قد ورد "في القليل من الدساتير"، ومنها دستور العراق ودستور الصومال.
لكن "البحري" وتحت هذه الحاشية بالذات علق على "ازدواجية الجنسية" لدى المرشح إلى رئاسة سوريا، موضحا أن تعدد الجنسية هو عبارة عن وضع قانوني يكون فيه لذات الشخص أكثر من جنسية دولة واحدة، بحيث يعتبر من رعايا كل دولة يحمل جنسيتها، سواء كان هذا التعدُّد راجعاً لإرادة الشخص أو دون إرادته.
وتابع مستشهدا برأي أحد فقهاء القانون الدستوري: وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن تعدُّد الجنسية لا يتواءم مع مبدأ وحدانية الجنسية الذي ينادي به القانون الدولي، وقد ذهب بعض فقهاء القانون الدولي الخاص إلى أن تعدُّد الجنسية يتعارض مع الأخلاق الدولية، فالجنسية هي تعبير عن الانتماء الروحي، وهي علاقة حب للوطن لا تقبل الانقسام ولا المشاركة مع وطن آخر، وهي صلة دم ولحم، بل إن أحد الفقهاء قد شبه رابطة الجنسية التي تربط فرد ما بوطن ما، بعلاقة الفرد بأمه، فلا يمكن للفرد أن يكون له وطنان, تماماً كما لا يمكن أن يكون له اثنتان من الأمهات.
وتابع البحري: وإذا كانت غايتنا من تأييد هذا الحظر (حظر ترشيح متعددي الجنسية لمنصب الرئاسة في سوريا) هي رعاية اعتبارات الأمن القومي في عصر العولمة بظروفه المعروفة للجميع، فليس معنى ذلك أننا نشكك في ولاء السوري الذي يحمل في نفس الوقت جنسية أجنبية على نحو ما قد يذهب إليه البعض، وإنما الصحيح أن ولاء مثل هذا الشخص لسوريا هو ولاء مفترض قانوناً، على أن يكون مفهوماً أن ولاءه للدولة الأجنبية التي يحمل في نفس الوقت جنسيتها هو بدوره ولاء مفترض من الناحية القانونية. فمشكلة مزدوج الجنسية لا شأن لها بانعدام الولاء الوطني أو التشكيك فيه، وإنما هي مسألة ترتبط على العكس بفكرة تعدد الولاء.
ثم عاد "البحري" ليناقض ما ذكره في الفقرة السابقة: إنَّ من يملك جنسيتين يجعل من الدولة التي يحمل جنسيتها مسؤولة عن حمايته في الدولة الأم، ويمنع من محاكمته باعتباره مواطناً أجنبياً. ومثال ذلك السوري الذي يملك جنسية فرنسية مثلاً، فإن علاقته بالسفارة الفرنسية تبقى قائمة لحماية مواطنته الفرنسية، وهناك إشكالات قانونية عدة في التعامل مع أصحاب الجنسيَّتَيْن باعتبارهم من مزدوجي الجنسية. وهناك خطر آخر وأكثرهم أهمية، يتمثل في احتمال اكتساب أحد السوريين جنسية دولة معادية لسوريا، فكيف يتعامل القانون مع مثل هذه الحالة؟!".
وختم البحري في حاشيته: "وبناء على جميع الاعتبارات السابقة، فإننا نعتقد أن تنازل من يريد ترشيح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية عن الجنسية أو الجنسيات الأجنبية التي يحملها قبل أن يتقدَّم بأوراق ترشيحه لهذا المنصب يعدُّ شرطاً أساسياً ولازماً لقبول ترشُّحه؛ فالشعور من جانب السوري بالانتماء والولاء والحب يجب أن يكون كاملاً لوطنه سورية وحدها، لا ينازعه ولا يشاركه فيه وطن آخر، يتشتت بينهما هذا الشعور، بل وقد يتعارض ويصطدم شعوره بالانتماء والولاء والحب لأحدهما مع شعوره بذلك نحو الآخر، فالولاء إذن غير قابل للقسمة؛ وإذا كان الله عزَّ وجلَّ قد ذكَرَ في الآية رقم /4/ من سورة الأحزاب بأنه [ما جَعَلَ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ]فإنه لا يجتمع وطنان في قلب واحد".
وهنا يحق لـ"زمان الوصل" التي قرأت أهم ما جاء في هذه الدراسة التحليلية أن تسأل كاتبها: لماذا يخدش تعدد الجنسيات في مواطنة الشخص العازم على الترشح للرئاسة، ولا يخدش في مواطنة زوجته؟!
وإذا كان "الولاء غير قابل للقسمة" حسب تفسيرك للنص الدستوري، فكيف يكون "ولاء" أسماء الأخرس مقبولا وغير مشكوك فيه، وهي تحمل جنسية بريطانيا، التي تعد اليوم وبشهادة النظام "دولة معادية" لسوريا وتتآمر عليها، وهذا على حد قولك أيضا خطر جسيم يضاف إلى جملة إشكالات أسماء الأخرس بالذات، كونها زوجة صاحب أعلى منصب في البلاد؟!!
وكيف تقول إن "حرمان مزدوجي الجنسية من الترشح لتولي منصب رئيس الجمهورية، يشكل ضماناً لأمن الدولة، وصيانةً لمصالحها العليا، وابتعاداً عن احتمال تعارضها واصطدامها بمصالح دولة أخرى، ونفياً لأية شبهة في انشطار الولاء وانقسام الانتماء، أو حتى انتفائهما كلية"، ثم تسكت بعد ذلك عن الجزم بضرورة حرمان المتزوج من "مزدوجة الجنسية" من الترشح، وإذا لم يكن "تعدد جنسية" المرشح للرئاسة مضرا بترشحه، فعلام إذن يحرم من زوجته غير سورية من الترشح، وما هو الفرق بين كلتا الحالتين، إن كنت قد جزمت بأن "تعدد الجنسية" يثير "شبهة انشطار الولاء" بل وقد يجعله "منتفيا بالكيلة"؟!
إيثار عبد الحق - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية