أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لماذا لم يتغير الموقف الروسي؟

يسأل هذا السؤال تقريبا كل السوريين بدون استثناء، بالإضافة إلى كل صناع القرار في العواصم العربية والغربية، لماذا وبعد ثلاث سنوات من الدماء والدمار واللجوء في سوريا، ليس هناك أي تغير في الموقف الروسي من نظام الأسد؟ لماذا يستمر في تقديم الحماية السياسية والقانونية له في مجلس الأمن؟ ويستمر في تزويده بالسلاح والذخيرة بشكل يمكنه من الاستمرار في حربه ضد الشعب السوري؟.

حملت كل هذه الأسئلة معي في زيارتي الرسمية الثالثة إلى موسكو، بعد زيارتين سابقتين التقيت فيهما مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية الروسية على رأسهم لافروف وزير الخارجية، هذه المرة التقيت برفقة من زملائي في بيت الخبرة السوري مبعوث الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، بالإضافة إلى عدد كبير من السفراء والمساعدين الذين حضروا اللقاء، واستمر اللقاء قرابة الساعتين تقريبا وتركز بكل تأكيد على تداعيات استمرار الحرب السورية، كان منطقنا من البداية واضحا، وهو أنه ما دامت روسيا تنادي يوميا بالحل السياسي، وأنها تقول إنه ليس لديها مصالح خاصة بالأسد، فها نحن نقدم تصورا متكاملا لخطة التحول الديمقراطي التي طورها بيت الخبرة السوري والتي تتحدث بالتفصيل عن خطوات ومراحل الحل السياسي بهدف الوصول إلى سوريا ديمقراطية تعددية التي يحلم بها كل السوريين تقريبا.

كان عرضنا لخطة التحول الديمقراطي التي طورها بيت الخبرة السوري ودعمتها كل قوى المعارضة السياسية تقريبا تفصيليا، وكان الرد الروسي إيجابيا بوصول المعارضة إلى تصور واضح لسوريا المستقبل التي يدعون لها.

لكن الموقف الروسي كان يركز على جنيف3، كما يسميها وعلى مكافحة الإرهاب، فأوضحنا أن الحيش الحر هو من يقاتل "داعش"، واستشهد منه حوالي 3300 من المقاتلين في القتال ضد "داعش"، التي تعتبر الحليف العملي للأسد عبر التنسيق على الأرض في حربهما ضد الشعب السوري والجيش السوري الحر، لكن على ما يبدو فإن الطرف الروسي لا يعير كثير اهتمام لكل هذه التفاصيل طالما أنه يركز في استراتيجيته السياسية على ضرورة مقارعة الغرب وعدم السماح لسوريا في السقوط في فلك الغرب.

وهذا عمليا هو جوهر الإجابة على السؤال الرئيسي، فليس لروسيا اهتمام خاص بالأسد لكنها تعتبر أن معركتها الرئيسية هي مع الولايات المتحدة في سوريا، وهي مستعدة للتعاون طالما أن أمريكا تعاملها على سبيل المساواة في سوريا، لكنها لا تريد أن تفقد قوتها الدبلوماسية بتغيير موقفها من الأسد لأنها تعرف أن المزاج الشعبي والسياسي في سوريا هو ضدها بالضرورة.

لقد أعطت الأزمة السورية فرصة للدبلوماسية الروسية لتظهر على المستوى الدولي كلاعب دولي غاب عن الساحة الدولية منذ نهاية الحرب الباردة وربما أوكرانيا تجدد هذه الأحلام أيضاً.

فالسؤال ليس هل تغير روسيا موقفها من الأسد بقدر ما هو هل ستغير روسيا دورها الدولي في صراعها القادم مع أمريكا؟، وما دام بوتين في سدة الحكم على مدى العشر السنوات القادمة فلا يبدو في الأفق أي تغيير، وهو ما يضع السوريين أمام الخيار الذي اختاروه بأنفسهم منذ اليوم وهو الاعتماد على أنفسهم من أجل نيل حريتهم.

مدير المركز السوري للدراسات السياسية و الاستراتيجية
(143)    هل أعجبتك المقالة (153)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي