أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فقط في سوريا.. أفران مخفية وصنع الخبز بالسر

لم ينسَ السوريون ما جرى بتاريخ 12/3/2012 عندما قصف الطيران المروحي الأسدي أحد الأفران في ريف حماة، تحديدا في منطقة "حلفايا" وراح ضحية القصف عدد كبير من المواطنين يومها كانوا مصطفين لشراء الخبز لأوﻻدهم وعائلاتهم، فلم يعودوا أبدا. لأنهم قضوا بصاروخ غمس الرغيف بالدم.

كانت الحادثة التي سميت على صفحات التواصل الاجتماعي بمجزرة الخبز، فتحت الباب لمجازر أخرى متسلسلة من هذا النوع، تندرج تحت ذات المسمى، "مجازر الرغيف" حيث قصفت الطائرات الحاقدة أفرانا في "دير الزور" أحدها في ريف البصيرة، حينها استشهد العشرات وجرح المئات، ومرة بعد أقل من شهر استهدف طيران الجو السوري فرنا في داريا، فألحق أضرارا كبيرة في المكان ونسف الفرن عن بكرة أبيه، كان استهداف الرغيف وصانعيه مهنة النظام.

حصل الشيء نفسه في منطقة "الزبداني" في الريف الدمشقي بينما أتت حلب المدينة السورية الأشهر في تلك المجازر، ففي حلب قصة طويلة ومؤثرة فيما يتعلق باستهداف متعمد للأفران، كان آخرها في "قاضي عسكر" مطلع العام 2013 وأيضا فرن "دير جمال" الذي خدم مناطق محررة عدة وقعت شهورا تحت القصف، وكانت الضحايا بالعشرات من مدنيين اصطفوا في طوابير للحصول على الرغيف الذي شهد ارتفاعا غير متوقع في سعره على خلفية الحرب الدائرة هناك.

كل ما سبق من مجازر دفع السوريين إلى بناء أفرانهم بعيدا عن الأنظار وفي الخفاء تحت الأرض، وبات العامل فيها يعمل سرا ﻻ أحد يعرف من هو يحدث هذا في دير الزور وحلب على وجه الخصوص، يقول ناشط من حلب: "بعد استهداف أكثر من 10 أفران ببراميل الطيران المروحي لجأ أصحاب الأفران الخاصة إلى إنشاء أفران مخفية وبعيدة عن أماكن القصف، ونقل معداتهم إليها، وكانت هي الحل السريع والوحيد الذي يضمن تأمين رغيف الخبز للمدنيين".

ويؤكد ناشطون في حلب القديمة أن كل يوم ينقل الخبز بشكل سري ويوزعه الشباب حيث تؤمن هذه الأفران أكثر من 28 ألف كيس خبز بداخلة 8 قطع كافيه لتطعم 5 أشخاص. 

ودخل على هذا الخط اليوم جمعية "إغاثة الملهوف" التي توزع الخبز مجاناً كل يوم للثوار المرابطين على الجبهات ولعائلاتهم والعائلات الفقيرة، ففي اتصال مع “محمد” الذي يعمل في الجمعية كمتطوع، أكد أن الجمعية أرادت حل مشكلة الأفران والازدحام عليها وعملها الصعب ذلك بتوزيع أكثر من 10 آلاف كيس خبز للعائلات والثوار كل يوم.

وتشير المعلومات الواردة من دير الزور أن هناك سبعة أفران مخفية قد أسست وجهزت داخل البيوت، تعمل ليلا وتحصل على مخصصاتها من مادة الطحين من لجان المجلس المحلي، وتوزع الخبز في الصباح الباكر على العائلات والكتائب، وكأن عملية صنع الخبز باتت أخطر بكثير من عمليات نقل السلاح وصنع الذخيرة، فالقوات النظامية ما إن تكتشف مكان الفرن حتى تسارع إلى قصفه كما حدث في منطقة الشيخ ياسين والجبيلة، المحررتين، في الآونة الأخيرة، قصف فرنين وكانت الخسائر كبيرة.

وحدث في تلك الأفران أن عمل طبيب جلدية فيها كخباز، يقول عن تجربته فيها: “ما جرى يضحك ويبكي في نفس الوقت لم يقبل شباب الحي العمل هنا لأن الفرن سيقصف ﻻحقا، معظمهم يفضل الوقوف في الجبهات على العمل في الأفران فأجبرت على العمل هنا وليس الوضع سيئا لأنه يجب أن نوفر الخبز هنا".

فيما تخضع الأفران في مناطق النظام لقوانين غاب خاصة ابتدعها الأمن المسيطر على المنطقة ففي حي"الجورة" في المحافظة نفسها هناك يقف المرء ساعات ليحصل على الخبز فالأولوية للثكنة ورجال الأمن.

شام محمد - زمان الوصل
(434)    هل أعجبتك المقالة (496)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي