أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المعارضة السورية والحيونة المستدامة

رحم الله الصديق عصام الزعيم الذي طالما أحب وردد على مسامعنا عبارة "التنمية المستدامة" والتي تعني أن على برامج التنمية أن تراعي مسألة استمرار الموارد وتجدُّدها وبما يكفي لاستمرار مشاريع التنمية دون انقطاع.. لكنني الآن أستعير الصفة "مستدامة" لأستخدمها بمعنى آخر ولغرض آخر.

ما ذكرني بالتنمية المستدامة وبالراحل الكبير عصام هو أداء المعارضة السورية الهزيل والمنحط، والمثابر على انحطاطه دون انقطاع ودون هوادة منذ بداية الحراك الثوري حتى تاريخه، والذي لم تستطع فداحة المآسي وجسامة المخاطر وضخامة أعداد الضحايا تغيير مساره، والذي اصطلحت على تسميته "الحيونة المستدامة" قاصدا بالتحديد الحيونة المستمرة بدون انقطاع، أو المثابرة على الحيونة مهما كلف الأمر.. 

ليست مشكلة المعارضين في أنهم يخطئون، فالناس خطاؤون، وليست مشكلتهم في أنهم يجهلون أمورا كثيرة، فجميعنا نجهل الكثير، والمعرفة فضاء لا سقف له، كما أن مشكلتهم لا تكمن في نقص وطنيتهم أو شجاعتهم أو مقدراتهم.. بل إن مشكلتهم الرئيسة تكمن في عدم اعترافهم بالخطأ، وربما في عدم قدرتهم على اكتشافه، وفي عدم قدرتهم على المراجعة وإعادة النظر، أي في هذا العقم الفريد من نوعه بين جنس البشر.. وكأن كل هذا الدم والألم ليس كافيا بعد لإعادة النظر بشيء ما! فالكل متشبث برأيه ورؤيته وسلوكه وتحالفاته ومساره الذي بدأه منذ نيف وثلاث سنوات إلى الآن، والكل يملك الحق ويعرف الحقيقة ويفعل الصواب، والجهل والخطأ من سمات الجانب الآخر، وما كل هذا البؤس والسوء الذي حصل ويحصل على الساحة السورية إلا بسبب خطأ الآخرين، كل الآخرين، وسوء تقديرهم وضعف بصيرتهم.. إنها المصيبة التي لا ترقى إليها مصيبة.  

صحيح أننا ابتلينا بنظام سيء، بل الأسوأ عبر التاريخ، وصحيح أننا ابتلينا بدول مارقة تقاطعت مصالحها مع مصلحة النظام وشاركته جريمته دون تحفظ ودون حساب، وصحيح أننا فوجئنا بمجتمع دولي يتنكر بصفاقة لكل ما راكمته البشرية من قيم ومبادئ وقواعد إنسانية وقانونية.. وصحيح أننا ابتلينا بدولة عدوة على حدودنا، اسمها إسرائيل، يحرص الجميع على كسب ودها ومراعاة مصالحها.. كل ذلك صحيح ولا ريب فيه، لكن الصحيح أيضا أن بلوتنا الأكبر ومصيبتنا الأعظم كانت في معارضينا، وأخص منهم أولئك الذين تنطحوا لمواقع القيادة والقرار، وما أكثرهم.
ترقى حيونة المعارضة إلى مرتبة الخيانة إذا نظرنا إليها على مستوى النتائج، فكلاهما، الحيونة والخيانة، يقود إلى نفس النتيجة.. أي الخسارة والهزيمة.

المعارضة، بحيونتها المستمرة، قدمت للنظام كل أسباب البقاء والنجاة، وكل الذرائع اللازمة للاستمرار بالقتل والتدمير، وقدمت لحلفاء النظام كل المبررات التي تلزمهم لتبرير تحالفهم القذر، ولم تقدم للأصدقاء ما يمكّنهم من المساعدة، ورهنت، برعونة عز نظيرها، قراراها ومصير بلدها لقوى الخارج، وحرمت الثورة من القيادة والتوجيه والرعاية والحماية، وتركتها عرضة للضياع والانحراف والابتلاع، وتركت المناطق المحررة لقمة سائغة للقوى المتطرفة التكفيرية، ولكل ذي أجندة ومصلحة لا تشبه مصلحة السوريين ولا تناسب تطلعاتهم، ولم تقدم خطابا مقنعا متوازنا للخارج ولا للداخل، خاصة للمحايدين والمترددين والمتورطين مع النظام، ولم تستطع كسب ود أحد منهم رغم أنها مسلحة بقضية عادلة لا يختلف عليها إثنان، ورغم أن عدوها قاتل همجي لا يختلف عليه إثنان.. 

لم تتمكن تنظيمات المعارضة حتى الآن من ترتيب بيتها ومأسسة نفسها، ولم يُعرف لها برنامجا أو أهدافا أو رؤيا، ولم تتمكن من تجاوز تناقضاتها وخلافاتها ومصالحها الضيقة كرمى لعيون شعب متعب منكوب يهيم على وجهه، ووطن يتلاشى أمام عينيها... إنها ليست سوى دكاكين وبازارات وأسواق نخاسة تفوح منها رائحة الخراء.

إنها قصة العلاقة العضوية بين المعارضة السورية والحيونة.. حيونة مستدامة، لا يعرف لها حل ولا تعرف لها نهاية….
 

من كتاب "زمان الوصل"
(129)    هل أعجبتك المقالة (134)

سمير عودة

2014-04-18

للأمانة الأدبية, مقال له رائحة تشبه الم..... العامة لا يليق بزمان الوصل نشر الفاظ ذات رائحة .... اجتمعت قسرا في ما يسمّى مقال. هل كل الانتان من اجل 50 او 100 دولار؟ سؤال مهم : هل استعمل كاتب المقالة فرشاة ززززز لكتابة المقال ؟ ام انه استحضر الفكرة في الخلاء؟.


ايمن ابوهاشم

2014-04-19

ومن انت حتى تبدي رأيك بالمعارضة وتقيمهم؟ الست من اصحاب فكر الحيونة المستدامة كونك من المعارضة؟ الاجدر تقديم الحلول عوضا عن طرح المشاكل بالفاظ غير لائقة قد تكون ضحالة ثقافتك هل السبب بنضوب الكلمات لديك لتلجأ الى لغة الشارع.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي