يواجه مرضى سوريون بينهم كبار سن وأطفال في (المركز السوري للاستشفاء) بمدينة أورفة التركية مصيراً مجهولاً بعد أن هدد مالك العقار الذي يشغله المركز بطرد موظفيه ومرضاه إذا لم تُسدد قيمة الآجار السنوي البالغة 5 آلاف دولار خلال 48 ساعة أي لغاية يوم الاثنين القادم، مع العلم أن المركز المذكور مثّل خلال عام من إنشائه تجربة ناجحة بكل المعايير من خلال تقديم الخدمات الصحية والطبية والإغاثية المميزة مجانا، إذ استقبل أكثر من 1000 مريض يعانون السرطان والشيخوخة والسكري، وقامت كوادره الطبية بتركيب 150 طرفاً اصطناعياً لمحتاجيها، علماً أن تكلفة الأطراف بحدود 4000 دولار.
بدأ المركز السوري للاستشفاء كمكان لإيواء الجرحى بسبب الإمكانيات المادية البسيطة، ومنذ حوالي العام أطلق عليه اسم مركز المنطقة الشرقية لخدمة الجرحى والمصابين في الرقة ودير الزور والحسكة وبعد الاتفاقية مع منظمة "أطباء بلا حدود" تم تحويل اسم المشروع إلى (المركز السوري للاستشفاء) ومنذ 8 أشهر بدأ المركز باستقبال كل الحالات المرضية للأطفال والنساء، وخلال هذه الفترة عولج حوالي 1000 مريض بينهم 100 طفل وتم تركيب حوالي 150 طرفاً اصطناعياً بين أقدام وأيدٍ بشكل مجاني كامل.
ورغم أن المبلغ المطلوب الذي عرقل مسيرة المركز لا يكاد يشكل ثمن بطاقة طائرة أو حجز ليومين في فندق لأحد أعضاء الائتلاف السوري غير أن طلب المساعدة قوبل من قبلهم باللامبالاة والإهمال كما تقول مديرة المركز السيدة رفاد العلي لـ "زمان الوصل".
من "الرقة" إلى "أورفة" !
حول بداية المشكلة مع جهات الائتلاف المختلفة وقصة الأبواب الموصدة تقول السيدة رفاد العلي:
عملنا بالاعتماد على أنفسنا وعلى أصحاب الخير طوال عام كامل دون أن نطلب من الائتلاف السوري بهياكله المختلفة من وحدة الدعم والتنسيق ووزارة الصحة ومنتدى رجال الأعمال أية مساعدة نظراً لأن منظمة "أطباء بلا حدود" التي كانت في "تل أبيض" كانت تعالج الأطفال وترسلهم إلى أورفة فنقوم بمتابعتهم طبياً، وإيواء ذويهم، وبعد أحداث الرقة لم يبقَ لهذه المنظمة أي عمل، إذ خرجوا خارج الحدود وتم إغلاق البوابة مما ساهم بصعوبة العمل أكثر بالنسبة لمركزنا بسبب شح الموارد، ما أدى إلى تقلص العمل، ولذلك اضطررنا لأول مرة أن نطلب مساعدة من الائتلاف السوري الذي من اختصاصه مساعدة اللاجئين والجهات الإغاثية، وفوجئنا برفض الائتلاف مساعدتنا رغم أن موظفي وزارة الصحة التي لم يمض على إنشائها سوى شهرين يتقاضى كل واحد منهم راتباً لا يقل عن 2500 دولار ووزير الصحة بالذات يتقاضى 10000 دولار، وفي أورفة –تحديداً- مكتب يطلق عليه مكتب ارتباط طبي مجهول المهام والعمل، ولكن موظفيه يتقاضون رواتب لا تقل عن 5000 دولار لكل موظف.
شاهد ما شفش حاجة !
وتروي السيدة "رفاد العلي" تفاصيل من حكايتها مع الائتلاف وامتناع أعضائه عن مساعدتها قائلة.
ذهبت بداية إلى عضو الائتلاف السيد "بدر جاموس" وما إن شرحت له قصتي حتى بدأ يشكو ويتذمر من ضيق الحال وأن عنده عشر عائلات يقوم بمساعدتها، وكأنني أتيت لآخذ من ماله الخاص، وعندما طالبته بتغطية آجار المركز رفض بشدة وحصل تلاسن بيننا فطردني من مكتبه بعد أن اتهمني بأني "إرهابية" رغم أنني سيدة غير متشددة دينياً، ولم يكتف بذلك بل قام بإرسال خمس دوريات من الأمن التركي إلى المركز لإلقاء القبض علي، وعندما جاء الأمن التركي قال لي أحد ضباطه بالحرف: (أقيمي دعوى ضده وأنا أشهد معك أن البلاغ كاذب، وبالمناسبة أذكر هنا أنني عندما ذهبت إلى عضو الائتلاف بدر جاموس كان الأستاذ (أحمد طعمة) رئيس الحكومة السورية المؤقتة موجوداً لديه في المكتب وشاهداً على كلامي ولكن عندما ذهبت إلى مكتبه لم يتجاوب معي. وتستطرد مديرة المركز قائلة: (اتصلت بعد ذلك بمكتب الجرحى في وزارة الصحة (الدكتور علي)، ففوجئت برده عندما قال لي لو لم تكن الوزارة موجودة، فإلى أين كنت ستذهبين فقلت له كنت ذهبت إلى وحدة الدعم والتنسيق وأنت أصبحتم بديلاً عنها لذلك جئت إليكم.
وذكرت العلي بأن المركز تلقى من الائتلاف 3000 دولار، ولكن هذا المبلغ لم يغط مصاريف المركز ولا الأجرة السنوية له.
غول الإهمال !
وتضيف مديرة المركز السوري للاستشفاء بلهجة مؤثرة: (يصرّ صاحب العقار على إخراجنا يوم الاثنين، وإذا لم نخرج سيأتي بالبوليس التركي، ويرمينا على الحدود رغم أن المركز يضم أطفالاً مشلولين والبعض منهم في أوضاع صحية حرجة.
وتصف السيدة رفاد بعض هذه الحالات التي لم يرحمها "غول الإهمال" قائلة: هناك طفل أجريت له عملية خلع ولادي ويحتاج إلى علاج فيزيائي وآخر كان مشلولاً والآن بدأ يتماثل للشفاء ويخطو خطواته، علماً أن والده مجاهد في "كسب" ووالدته في الرقة وتركا الطفل أمانة لدى المركز، ويوجد في المركز إمرأة وزوجها طاعنان في السن كانا في طور التحضير لعمل جراحي في القلب وهناك رجل معه فتق بالقناة اللبية للنخاع الشوكي. وتضيف السيدة رفاد العلي: إذا كنت أجد عذراً لمالك العقار لأنه صاحب رزق -كما يقال وقد صبر علينا شهراً كاملاً وسامحنا بأجرة شهر على أن يتم إخلاء المبنى يوم الاثنين 14/ 4/ 2014، فإننا لا نعذر أعضاء الائتلاف الذين راجعناهم مراراً وتكراراً وفي كل مرة يقولون لنا إن موضوعكم ما زال قيد الدراسة منذ أكثر من شهر، والغريب -كما تقول السيدة رفاد العلي- أن أعضاء الائتلاف غالباً ما يبدون استعدادهم لمساعدتي في البداية، ثم يتراجعون أو يتهربون علماً أن الكثير منهم طلبوا مني شخصياً الموافقة على تركيب أطراف صناعية لأقاربهم فاستجبت لطلباتهم لدوافع إنسانية، وأحد هؤلاء "علي الجربا" طلب مني تركيب يد صناعية لأحد أبناء عمومته واحتفظ بمحادثات على "فيسبوك" تثبت مطالباتهم هذه، فكيف يطلبون من المركز خدمات ذات منافع شخصية ويمتنعون عن مساعدته في أداء عمله واستمراريته بمهامه الإغاثية والإنسانية.



فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية