أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

التخلي عن المبادئ ... انس الشبك


الحروب في مجملها كالسياسة التي ترتبط بها قلما تجد المعايير الأخلاقية سبيلا لها وإن وجدت فالأمم التي تتسم بحروبها بالأخلاقية تحقق مبتغاها من الحروب بسرعة كبيرة وتختصر الزمن والدم والمال ويتبنى خصومها بسرعة كبيرة مثلها وقيمها الأمر الذي قد لا يتحقق عبر التهجير والاحلال والاستيطان خير مثال حروب المسلمين التي حققت أكبر فتوحات بأقل الخسائر عبر التاريخ الإنساني .
لا شك أن العرب والمسلمين الشعب الأقل عنفا عبر تاريخ الشعوب فلقد فتحوا ما يقرب من مساحة الاتحاد السوفييتي السابق و عدد الضحايا لا يكاد يذكر سوى بعض معارك فارس التي هلك فيها الكثير منهم والسبب في كل مرة وقوعهم ضحية آلاتهم الحربية أنفسهم واستحكاماتهم مثل ما حدث في معركة نهاوند . من يشكك في هذا فليسأل عن فتح مصر بمساحة مليون كيلومتر و سكان ثمانية ملايين وكيف كان جيش عمرو بن العاص فقط8000.
لم يسجل لدى المسلمين أي رحيل لسكان الأمصار المفتوحة أو أي تدهور اقتصادي أو اضمحلال مدن
بل تعايش الفاتحون مع السكان وتصاهروا وكونوا كتلة واحدة خلال عدة عقود فقط ,لذلك لم تتصارع الآرامية لغة الحضارة الانسانية مع العربية ولم تتصادم المسيحية بالاسلام بل تم الأمر بسلاسة عبر عدة قرون لتصبح مناطقنا على هي عليه الآن.
أما المغول فأعمالهم لا تحتاج إلى شرح ..لكنهم للإنصاف أهون من الاوروبيين فالمغول لم يسأصلوا أي أمة كما أن مجموع ضحاياهم ثلاثون مليونا وهم في غزوهم لمناطقنا كانوا حلفاء الأوروبيين في الحملة الصليبية الصفراء حسب تسمية الاوروبيين وقتئذ وبموجب معاهدة بين لويس التاسع وكيوك حفيد جنكيز خان, أما الأوروبيون فمن بعضهم فقط بين بروتستانت وكاثوليك و فاشية و ليبرالية قتل مئتا مليون انقرض فيها العديد من القوميات الأوروبية فضلا عن غير الاوروبيين كالهنود الحمر وتتار القرم و الموريسكيين و الشركس وهم وحدهم مئة مليون.
الغرب رغم كل هذا يدعي حصرية قيم العدالة لنفسه و أنه هو مخترع التسامح وحقوق الانسان رغم هذا التاريخ الدامي ..وكأنه يريد تحميل فاتورته عبر القرون الماضية لكل من يريد التحرر من الظلم . هذا من باب حسن الظن, أما غير ذلك فهم يعتبرون هذه القيم وسيلة للتعالي وانتقاص الآخرين فقط دون أي رغبة بنقلها إليهم بل على العكس الكفاح على إبعاد الآخرين عنها . ذلك لان قيم الحرية في الغرب نابعة من مصالح وليس من مبدأ ودين كما كان الحال عندنا وكما ثارت شعوبنا تطلب , وبالتالي سيتخلون عن هذه القيم في أي وقت يرون أنهم لم يعودوا بحاجة لها.
وإلا ما تفسير أن يتخذ قرارا بأن هناك بقعة يجب تكون نعيما و كل ما حولها يكون أسوأ من الجحيم ألا وهي إسرائيل إلا أن عدالة الغرب وحقوق الإنسان وما إلى ذلك هي مجرد بضاعة للاستهلاك المحلي والتصدير المدروس بدقة بالغة. مبادئ ويلسون الـ14التي زاود فيها على الرب بحسب الفرنسيين إذ أن له عشر وصايا فقط تنص إحداها على أن الاتفاقيات تكون علنية ها هم يقلبون الدنيا رأسا على عقب في سبيل تفاهمات سرية مع أشخاص يكنون لهم أسوأ مشاعر الاحتقار وأعني الأسد و ملالي أيران.
يقال إن اللبيب من الإشارة يفهم .. ونحن فهما من الغرب أننا ومليون شهيد لا نشكل شيئا مقارنة مع ثلاثمائة مليون دفعها الغرب في سبيل مبادئ قرر الآن التخلي عنها.

(108)    هل أعجبتك المقالة (113)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي