لأسباب غير معروفة أحيط ضريح وقبر الصحابي الخليفة معاوية بن أبي سفيان في دمشق بالغموض والإهمال في آن معاً، وخلال توالي وزارات أوقاف النظام منذ عام 1970، تحول هذا الضريح إلى خط أحمر يمنع على السوريين زيارته أو الاقتراب منه، كحال كنيس اليهود في جوبر والكنيس في حي اليهود.
وأفاد ناشطون بأن قصر معاوية أو ما كان يعرف بقصر الخضراء والموجود قبالة حائط القبلة في الجامع الأموي في دمشق تم تحويل قسم منه لمراحيض عامة وبشكل مقصود، أما قبر الصحابي معاوية فهو مهمل أصلاً، ولا يمكن الوصول إليه بأي شكل من الأشكال، ويمكن رؤية قبته من بعيد فحسب بل إن وزارة الأوقاف منعت زيارته إلا بموافقة خطية منها -كما يقول الناشط حمدي شميط- لـ "زمان الوصل"، مضيفاً إن ضريح الخليفة الأموي معاوية الذي لا يعرفه الكثيرون يقع في حي القيمرية -جادة النقاشات- خلف الجامع الأموي وعلى بعد ٥٠ مترا بعد مقهى النوفرة، وعبر زقاق ضيق على اليمين يمكن الوصول إلى الضريح الحقيقي (حيث إن لمعاوية عدة مقامات في مقبرة باب الصغير وحي العمارة).
معاوية وحافظ الأسد !
ويردف الناشط حمدي شميط إن الضريح بحالة يرثى لها معماريا نتيجة الإهمال "المقصود"، وذلك لعدم إظهار الصورة المشرقة لمعاوية الذي كان أحد دهاة العرب الأربعة كما هو معروف، وللمفارقة كما يكشف الناشط شميط فإن "حافظ الأسد" كان يعتبر سيرة وحياة معاوية نموذجاً يحتذى ومرجعاً للحكم السياسي، لكن اتهام الشيعة لمعاوية بنبش قبور آل البيت وبأنه أمر بسب الإمام من على المنابر، وهي تهمة باطلة، جعلت النظام السوري يهمل القبر لهذه الدرجة..ويوضح الناشط شميط أن هناك محاولات عدة من غلاة الشيعة للوصول إلى الضريح، وذلك لغايات دنيئة وقد وصلت الوقاحة ببعض العراقيين من كارهي الخليفة معاوية للتبول على جدران ضريحه علماً بأن المياه الآسنة والقاذورات تملأ المكان. ولحسن الحظ أن الضريح محمي بمجموعة بيوت وإلا لكان قد نبش وهدم..وكونه يوجد في منطقة مكتظة ومسكونة فقد تعذر الوصول إليه فهو من الداخل بحاجة لترميم وتنظيف ولم يتم التعدي عليه أبداً.

مقاطعة أمنية !
وحول تفسيره للغموض الذي تعامل به النظام مع هذا الضريح رغم ما يمثله الخليفة معاوية من قيمة رمزية في التاريخ الإسلامي، يقول الناشط حمدي شميط: أهمل هذا الضريح لغايات سياسية وطائفية والغريب أن أي مفتٍ أو وزير أوقاف لم يتجرأ على التحدث في ملف الضريح، فليست وزارة الأوقاف من يعطي التصريح بل هي تخاطب إدارة المخابرات لأجل ذلك وكان هذا الضريح يبدو وكأنه مقاطعة أمنية لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه حتى السياح، وأذكر حينما كنت أرافق أفواجاً من السياح إلى تلك المنطقة لم أكن أجرؤ على الاقتراب من الضريح بل الإشارة إلى قبته من بعيد، لأن دوريات الأمن والمخابرات كانت تمر في المكان بين فترة وأخرى، وأذكر أنني وصلت إلى جداره ذات يوم برفقة مؤلف جزائري نشر كتاباً عن معاوية وعن زياد بن أبيه، وحينما كان أحد من زملائي يقترب من الضريح كان يتعرض للمساءلة لماذا جئت إلى هنا ومن طلب منك ولماذا لم تخبر الأمن، فهذا الضريح كان من ضمن المحرمات مثل زيارة الكنيس في حي اليهود أو كنيس جوبر!
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية