أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السياسة الكردية..... بين العلل والاستحقاقات...

عقود من الزمن والشعب الكردي في سوريا يناضل من اجل استعادة حقوقه المشروعة كقومية رئيسة وكمكون أصيل من الشعب السوري، وشعاراته بمجملها كانت ولا تزال تتمحور حول انتزاع الاعتراف الدستوري بوجود هذا الشعب على أرضه التاريخية ثم إقرار حقوقه بما يضمن وحدة سوريا أرضاً وشعباً.

وكان الساسة والنشطاء يبذلون الجهود المشكورة في سبيل تحقيق ذلك وإن تطلب مفاوضة رجالات السلطة الأمنية وغير الأمنية، فالغاية إيصال مطالب الشعب الكردي إلى من بيدهم مفاتيح الحل والإنكار، وكانت الأنظار معلقة إلى شيء من التغيير في السياسة العالمية، الذي من دونه كان الجميع تقريباً مقتنعين باستحالة الأتيان بأية حركة سياسية في سوريا، ومثال ذلك "ربيع دمشق وكيفية التعامل معه الحي في الأذهان"، فبقيت الأحوال راكدة لا بل في حالة خمول وتراجع يقارب الموت البطيء، مترافقاً بقنوط ويأس من جدوى العمل السياسي وحتى الحقوقي الإنساني في هذا البلد المكبل بالشمول والمكابل الأمنية القاسية.

ومع هبوب نسائم الربيع من تونس واجتياحها بعضاً من الدول العربية وصولاً إلى سوريا، انتعشت الآمال مرة أخرى، بـإمكانية تحقيق البعض مما كان حلماً بالأمس القريب، لكن القيادة السياسية الكردية المتمثلة في أحزاب حركتها الوطنية، ألتزمت الغموض والضبابية في مواقفها وأرتأت التريث، إلى أن تتضح الأجواء، فلا هي استجابت لدعوة رأس النظام (بشار الأسد) بالتفاوض عبر محافظ الحسكة ولا انخرطت بقرار واضح في الحراك الشبابي الذي اجتاح شوارع المدن والبلدات الكردية بُعيد بواكير الحراك في دمشق ودرعا، وبقيت المظاهرات لا معلقة ولا مطلقة، وكانت مختلطة بين القيادات الحزبية دون قرار حزبي وبين النشطاء الشباب بتوجهاتهم المختلفة، الأمر الذي جعل الشارع الكردي، شارع سجالات وتناقضات، تحوجه قراءة دقيقة لواقع سوريا ومآلات ما يتغلغل فيه، خاصة مع ظهور بوادر الانجراف نحو عسكرة الثورة، لذا ومع إصرار الكرد على تبني الخيار السلمي للثورة فيما بعد، أصبحوا طرفاً ثالثاً من أطراف المعادلة السورية، بحكم تحول الحراك في بقية المناطق غير الكردية إلى اقتتال وحرب، وأصبح تمسك الكرد بحماية مناطقهم وإدارتها وفقاً للظروف والأمكانيات المتوفرة، المكسب الوحيد والأهم والفرصة التاريخية التي قد ترسيهم على بر تحقيق أمانيهم القومية والديقمراطية في هذا البلد الذي أنكر عليهم طيلة سنوات استقلاله التلفظ بتسميته "الكرد" وحُرمت عليه لغته وأبسط حقوقه التي شرعتها كافة الأعراف والقوانين الدولية.

فالفريق الكردي المنتهج لفكرة إدارة مناطقه، وعمله على إنجاح مبدأ التقسيمات الإدارية التي تتيح مشاركة كافة المكونات العرقية والمذهبية والدينية في قيادة البلد، ونجاحه في تجنب مناطقنا الانزلاق إلى أتون الحرب الطائفية إلى الآن، سعياً إلى ترسيخ مبدأ المؤسسات الإدارية في المناطق الكردية، كخطوة صائبة لحل القضية الكردية في سوريا مستقبلاً، يضع جميع الفرقاء السياسيين والمثقفين ورواد المجتمع المدني والأهلي أمام مسؤولية القيام بواجبهم الوطني والقومي والسعي إلى تطوير هذه الإدارة وجعلها حقيقة معاشة وورقة قوة لحل أزمة الشعب السوري ولدسترة حقوق الكرد المشروعة في المستقبل السوري القادم، بما يمكنهم لأول مرة المشاركة في رسم سياسة وطنهم أسوة ببقية المكونات وليس انتظار ما قد يتصدق أو لا يتصدق به غيرهم.....

إدريس نعسان
(127)    هل أعجبتك المقالة (129)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي