أثارت مقالة للكاتب السياسي ميشيل كيلو عضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني، ردود فعل متباينة في أوساط الناشطين والمحللين السياسيين الذين رأوا أنها تعبرعن ازدواجية في توجه الائتلاف وتغريد أعضائه (خارج السرب) وخصوصاً أن الائتلاف أيّد ودعم معركة الساحل مادياً ومعنوياً منذ بداية انطلاقها.
وكان كيلو قد نشر في جريدة "الشرق الأوسط" السعودية مقالة بعنوان (معركة الساحل)، أشار فيها الى أن هذه المعركة "ستغرق سوريا كلها في رمال متحركة، وستجرها إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وستقلص كثيرا فرص إضعاف النظام وإسقاطه وقد تقضي على البقية الباقية من شعبنا ووطننا المنكوبين".
الكاتب السياسي عماد غليون قال لـ"زمان الوصل" إن ما كتبه كيلو أول أمس لا يرقى إلى مستوى مقال ويبدو أنه نتيجة موقف أو ردة فعل، وهو أقرب إلى بوستات الفايسبوك من التحليل السياسي.
وأضاف عضو مجلس الشعب السوري المنشق: "كنا نأمل من الأستاذ كيلو أن يكتب شيئاً تحليلياً ناقداً، ويبني نتائج على أسباب معينة، فالأمور التي بناها والنتائج التي توصل إليها بأن معركة الساحل ستذهب إلى حرب أهلية لم تكن مبنية على مقدمات ولم نفهم لماذا وكيف ستنحو المعركة هذا المنحى والخوف من أن تنضوي هذا الأقليات تحت جناح النظام.
ورأى غليون أن هناك أسباباً موجودة في معركة الساحل لم يذكرها كيلو، ومنها تخفيف الضغط على الجبهات الأخرى، ليضطر النظام إلى سحب قواته من الداخل، وهو سبب مشروع باعتقادي ليقوم الثوار بمثل هذه الخطوة ليخففوا سقوط البراميل المتفجرة والقصف المدفعي على المدن الأخرى ليل نهار، وهذا ما بدأ يؤتي ثماره فعلاً.
ومن هنا فمعركة الساحل -بحسب غليون- دفاعية أكثر منها هجومية، ثم إن المبررات التي يسوقها كيلو غير واقعية، إذ لم يثبت أية حالات لانتهاك حقوق الإنسان من قبل الثوار في الساحل بحق الأقليات في كل المعارك التي خاضوها، وعلى العكس فإن النظام عندما كان يدخل إلى أية منطقة كان يرتكب المجازر، فالثوار إذاً يخوضون معركة مع قوات النظام وليس ضد المدنيين. ويوضح غليون أن المبررات التي يسوقها كيلو لا تنسجم مع الواقع، معتبرا أن في مقالته تناقضاً كبيراً ما بين الأهداف السياسية التي يدعو إليها الائتلاف الذي أصدر بياناً أيّد فيه معركة الساحل، وأرسل دعماً مالياً للثوار.
وللمفارقة فإن ميشيل كيلو هو جزء من كتلة أحمد الجربا - أو العكس - الذي زار جبهات القتال في الساحل وأيد مجريات المعركة، فهل تشهد معركة الساحل انقساماً سياسيا من جديد بين صفوف الائتلاف، والسؤال الثاني كما يقول غليون "من أطلق معركة الساحل هل هو الائتلاف أو أركان الجيش الحر أم جهات أخرى؟
واتهم "كل هؤلاء" بأنهم جاؤوا ليركبوا الموجة وادعوا انضمامهم للمعركة ودعمها من أجل القيام بعد ذلك بالسيطرة على المعركة والتحكم بها وإيقافها في وقت معين أو التحكم بإيقاعها.
وهنا نتساءل -يضيف غليون- هل كلام ميشيل كيلو يأتي في سياق التمهيد لتراجع الائتلاف عن خطوته في دعم هذه المعركة أو إيقافها عند حد معين أم يأتي ضمن لعبة توزيع أدوار.
تجديف عكس التيار
المحلل السياسي "عبد الرحمن مطر" يرى بدوره أن موقف كيلو لم يكن مفاجئاً، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أنه يؤيد التسوية السياسية، أي الحلّ السلمي. ولكن يبدو وكأنه تجديف عكس التيار، فالمخاوف التي يتحدث عنها قام النظام بتأصيلها عبر التزامه بالحلّ الأمني والعسكري الذي يلجأ إليه منذ انطلاقة الثورة. ولكن السؤال الأكثر أهمية والذي يثار اليوم –كما يقول مطر- ليس مع مقال ميشيل كيلو ولكن مع بروز وجهات نظر متقاربة أو متطابقة لعدد من مثقفي تيارات اليسار في الثورة السورية، وهو لماذا هذا التحشيد الإعلامي الواسع الموارب الداعي لإيقاف جبهة الساحل تماشياً مع خطى دولية وإقليمية تعمل على ذلك، بما يشكل دعماً للنظام، في الوقت الذي تم فيه التقاعس عن مواجهة النظام في حملاته "مفرطة العنف" حسب التعبير الدولي في مناطق أخرى من سوريا.
كل المناطق السورية مشتعلة، ولايجد طاغية دمشق من يوقفه عن ارتكاب المجازر البشعة يومياً.
وبالمقابل لا يجد السوريون حتى اليوم سوى الصمت، في الوقت الذي لاتفي فيه الدول بالدعم الموعود على الأقل لرفع الحصار عن المناطق الأخرى.
ويستطرد مطر قائًلا: إن الحريق في الساحل السوري –إذا جازت التسمية– هو جزء من حريق البيت السوري ..وليس ثمة تفريق وفقاً لأي معيار طائفي أو مناطقي أو ديني. ولنلاحظ أن جبهة النصرة هي إحدى القوى التي سبق للسيد كيلو أن شملها بدعمه السياسي، فهل ستقودنا الازدواجية والكيل بأكثر من مكيال في قضية وطنية واحدة، إلى أن تصل الثورة السورية إلى أهدافها الأساسية؟ لا نقبل بالقطع استهداف أي مدني، أو معلم ديني وإنساني، في أي مكان، مهما كان الانتماء، ولكن معركة السوريين جميعا ومعا ضد الاستبداد، تتطلب أن نُعلي من معيار الوطنية، على كل المعطيات الأخرى. ويبدو أن السيد كيلو يقترح أن يكون الحل عسكريا وأمنياً وسياسياً بعيداً عن معاقل النظام، حتى ولو استمر في دك المدن والبلدات السورية بدون هوادة.
تدمير الساحل
وبدوره تساءل الناشط "محمد نوار نبهان": لماذا يخاف ميشيل كيلو على تدمير الساحل ولم يخف على تدمير الداخل ألا يعلم "صاحب القلب الكبير" أن 70% على الأقل من مدن الداخل دمرها النظام.
ويضيف نبهان إن كيلو ومجموعته السحرية التي تم إدخالها جبراً على الائتلاف، ليتم تمزيقه وشرذمته أكثر مما هو مشرذم وممزق لم ينفعوا ثورتنا بشيء إيجابي، بل كانوا سبباً في عدة انقسامات بين الثوار والمجاهدين وهم من كانوا وراء قبول جنيف2، فهل سيتم إسقاطهم جميعاً وبشكل فعلي وخاصة أنهم يحاورون الغرب ويعدون بالتنازلات ويوقعون والغرب السافر يسمع لكذبهم ودجلهم، فمتى سيتم إسقاطهم جبرآ كما تم إدخالهم في المعارضة؟.
هل سيشرب كيلو القهوة في دمشق!
أما الناشط "أحمد معروف" فقد وصف رأي ميشيل كيلو -رغم احترامه له- بأنه متناقض بين سطوره، فبرهة يقول عن ميزان القوى، وبرهة يقول عن عدم إكمال معركة الساحل.
وأضاف: كيف يمكن تحقيق ميزان القوى بإيقاف معركة الساحل، فليطلب من النظام بالمقابل عدم قتل الأبرياء كي نتمكن من تقبل فكرة المصالحة الوطنية. ويستدرك معروف قائلاً: أستغرب من ميشيل كيلو الذي بشرنا بأنه سوف يحتسي الشاي بمقهى دمشق بين أيار وحزيران أن يطلب ما طلب، وكأن الثورة ونتاجها حكر على المدن الداخلية وبهذا أخرج ميشيل كيلو سكان الساحل وحيّدهم عن ثورة سوريا، لذلك هو من يبث حقد الحرب الأهلية على الثورة السورية.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية