أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بمناسبة معركة الساحل.. ماذا بقي من "المعارضة"؟

يذكرني الجدال الحاصل بين من "يريد" فتح واستمرار معركة الساحل وبين من "يريد" إنهاءها، بذلك الجدل الذي استمر طويلا بين من "يريد" عكسرة الثورة ومن "يريد" إبقاءها سلمية.

في كلتا الحالتين كان الجدل عقيما بل وساذجا، لعدة أسباب، أولها أن "الواقع عنيد" وهو في سوريا "عنيد جدا جدا"، ما جعل قرار المنكوبين على الأرض المذبوحين بيد مافيا الأسد "سبّاقا" لاينتظر موافقة فلان أو كيان، ولا حتى رفضه.

سبب آخر يبدو معه الجدل "البيزنطي" الدائر حول معركة الساحل سطحيا، يتمثل في أن أغلب "من يريد" ومن "لايريد"، هم تماما من غير الفاعلين على الأرض، أصحاب الكلمة و"الإرادة" الحقيقية، بغض النظر عن مدى صوابية هذا الإرادة. 

لكن نقطة الضعف الأساسية لدى من يجادلون في معركة الساحل، أن المجادلين –وبعضهم "قادة" فكر ومعارضة- يحاكمون المسألة خارج سياقها، فيصورونها وكأنها "حرق مراحل" تعجل الثوار فيها، بينما هي نتاج تراكم "كمي" أدى إلى تطور "نوعي"، لم يكن هناك مناص منه، كما تقول كل القوانين والنظريات العلمية والاجتماعية.

يجادل الرافضون ويحذرون.. يطرحون مصطلحات الوحدة الوطنية والنظام وسوريا والمعارضة، وكأنها مسلمات، فيما الحقيقة أن هذه المصطلحات باتت بحاجة إلى "إعادة ضبط وتحرير"، في ظل الزلزال الذي تعرض له البلاد والعباد، لا بل إن بعض المصطلحات، لاسيما مصطلح "المعارضة"؛ صار بحاجة إلى إعادة تعريف مع كل منعطف تمر به الثورة، لكثرة ما "تزأبق" هذه المصطلح على أيدي أشخاص، و"تذبذب" تبعا لكلماتهم ومواقفهم.

ماذا بقي من الوحدة الوطنية.. سؤال كبير، تجيبك عليه مناطق مدمرة وممسوحة لأنها من لون واحد، تجاورها مناطق أخرى عامرة لأنها من لون واحدة –كذلك-!

ماذا بقي من النظام؟.. سؤال لايحتاج لإجابة، لأن النظام في سوريا لم يكن موجودا في يوم من الأيام طوال نصف قرن، ولا أعتقد أن أحدا من السوريين –مؤيدين ومعارضين- لم يسمع بعبارة "سوريا الأسد"، التي كشفت عن فحواها بشعار "الأسد أو نحرق البلد". 

ماذا بقي من سوريا، ككيان،؟.. سؤال عميق تجيبك عليه المليشيات المنتشرة في معظم أنحاء البلاد، وحتى في مناطقها الحساسة، ترفع راياتها مختلفة الألوان، تحت سمع النظام وبصره.

ماذا بقي من سوريا، كشعب؟..سؤال تجيب عنه مخيمات اللجوء ومدن النزوح، فلملايين مشرديها ملايين القصص.

ماذا بقي من "المعارضة"؟.. سؤال يحتاج لإجابة متجددة، ربما مع إشراقة كل صباح، أو كل تصريح، أو كل محنة جديدة تمر على "بقايا" هذا الشعب المعذب.

ختاما، أعرف أن أسوأ القرارات هي التي لا تترك لك خيارا، ولكن انعدام الخيارات بالمقابل ضروري في مرحلة ما ليمضي الفرد أو ما تبقى من الشعب المطحون، إلى حيث كان يحاذر المضي من قبل، حين عوّل على وعود وعهود لاتحصى قطعتها كيانات ودول ومسؤولون، ثم تبخرت وكأنها لم تكن.

إيثار عبدالحق - زمان الوصل - خاص
(105)    هل أعجبتك المقالة (113)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي