أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

معركة الساحل: نيران صديقة تصيب عقول المعارضين!

فُتحت معركة الساحل لأول مرة في آب /أغسطس 2013 ثم توقفت عملياتها فجأة، رغم ما حققته من انهيارات سريعة حينها لجيش الشبيحة، وسقوط سريع لكثير من القرى والمواقع التي لا يسيطر عليها فحسب، بل يعيش وينطلق منها.

قيل الكثير عن أسباب توقف هذه المعركة التي تشكل جزءاً من معركة الثوار على كامل التراب السوري، فمن حديث عن توقف إمدادات السلاح لثوار الساحل، إلى حديث عن وجود قرار دولي مزعوم بوقفها، إلى حديث يائس عن بيع المنطقة برمتها، وبمكونها السني الذي ذاق الويلات إلى النظام وشبيحته وقبض ثمنه، حتى بدا الأمر أشبه بخط على الرمال، لا يدري أحد من خطّه، ولا لماذا لا يتم تجاوزه، وهو خط وهمي تمحو نسمة من ريح!

عودة الهدوء إلى منطقة الساحل بعد علميات سريعة ولاهثة وقصيرة النفس، أعاد لجمهور مؤيدي نظام الأسد، شعوراً بالثقة، ليس بحقهم الطبيعي في الأمان الذي حرم منه سائر السوريين بل بالنظام، فقد كرس المقولة التي كان النظام يشد عصبية مؤيديه من خلالها: نحن نحاصر المناطق الثائرة ونجوعها وندمرها ونقصفها بالبراميل، من أجل أن تبقوا آمنين. صحيح أن أولادكم يقتلون ويأسرون هناك، لكن من أجل ألا تصل هذه المجموعات المسلحة إلى قراكم وجبالكم!
اليوم بفتح جبهة الساحل مرة أخرى... يخسر النظام هذه الورقة، فالنظام لم يستطع أن يمنع توسع رقعة المعارك من الوصول إلى المناطق التي حرص على ألا تصل إليها، لأنها ببساطة مناطق تملك (مناعة) ذاتية ضد الثورة عليه، بدليل أنها لم تخرج منها أي مظاهرات تذكر... أما المناطق التي شاركت بالمظاهرات في بداية الثورة كالرمل الجنوبي والصليبة في اللاذقية، وبانياس والبيضا والحفة وسواها من المناطق السنية، فقد أمكن قمعها وارتكاب مجازر مروعة فيها، أحرقت فيها جثث الأطفال والنساء والمدنيين على مرأى من الجميع، دون ان تتعالى الأصوات للدفاع عن المدنيين في هذه المناطق!
فتحت جبهة الساحل هذه المرة من معبر كسب الحدودي قرب تركيا، وجد النظام في تلك الجغرافيا فرصة للقول أن الثوار تسللوا من الأراضي التركية، للتغطية على هزيمته المرة، أراد أن يقول لمؤيديه: لولا الدعم التركي لما تمكن هؤلاء من الوصول إلى مناطقكم. وفي برنامج (حديث الثورة) على قناة (الجزيرة) الأسبوع الماضي، سعى منذر خدام باستماتة لإثبات هذه النظرية، حتى مع وجود أحد مقاتلي جبهة النصرة مشاركاً في الحوار على الهواء مباشرة. طلب من المذيعة غادة عويس سؤال ضيفها أكثر من مرة: من أين دخلتم؟! أجاب الرجل ببساطة ووضوح: من جبل التركمان. أسقط في يد منذر خدام وهيئة التنسيق التي يمثلها، مع تكراره أكثر من مرة لمقولة: أن هناك قراراً تركياً يلزم التركمان بعدم القتال خارج مناطقهم. أراد أن يبرأ تركمان الساحل السوري، عبر الإيحاء أن تبعيتهم لتركيا، والقول بأن قرارهم ليس سورياً. لكن المقاتل أصر على صدق روايته... فلجأ منذر خدام إلى الاستشهاد بروايات شهود العيان، قبل أن تضيق غادة عويس ذرعاً بهذا الضيف الثقيل الظل، الذي يريد أن يجلس مكانها ليوجه الأسئلة لباقي الضيوف بدل الرد على أسئلتها، كما قالت قبل أن تشكره وتغلق الخط في وجه!

لكن محاولة التشكيك بجدوى معركة الساحل وشرعيتها لم تقف عند منذر خدام وهيئة التنسيق التي يرى الكثيرون أنها تنسق تحت سقف (قائد الوطن)، بل برزت أصوات أخرى من قلب الائتلاف وكتلته الديمقراطية، التي أسسها ميشيل كيلو قبل نحو عام، ليعيد التوازن للائتلاف الذي سيطر عليه الإسلاميون.. فإذا به يدعم الجربا لرئاسة الائتلاف تلبية لرغبة سعودية (غير إسلامية بالضرورة). وقد فاجأ ميشيل كيلو جمهور الثورة في 2/4/20014 بمقاله المنشور في صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية تحت عنوان: (معركة الساحل) ليقول كلاماً، أغرب ما فيه أنه يصدر عن كاتب صاحب حجة، وعن قلم متمرس في شرح أفكاره ببلاغة ووضوح!
في مقاله الذي أثار صدمة واستياء يقول الأستاذ ميشيل بالحرف: " تحفظت في الماضي وأتحفظ اليوم أيضا على ما سمي «معركة الساحل»، واعتقدت دوما أنه ليس من الضروري فتحها في الساحل نفسه، وأنه يمكنها أن تقع في أي مكان غيره من سوريا، بما أن حسمها خارجه لن يترك آثارا كارثية على الثورة وفرص نجاحها كتلك التي يحدثها وقوعها فيه، ولن يقودنا إلى مرحلة نوعية من الاقتتال الداخلي اسمها الحرب الأهلية، التي ستتعاظم فرص حدوثها في حال كان هناك معركة خاصة في الساحل ".

يعتقد السيد كيلو أنه ليس من الضروري فتح معركة الساحل "في الساحل نفسه" بل يذهب إلى فرضية جغرافية وحربية غريبة من نوعها حين يرى أنه: "يمكنها ان تقع في أي مكان غيره من سوريا" فهل يمكن فتح معركة الساحل في درعا أو دير الزور او حلب او ريف إدلب مثلاً؟!
حسناً يا أستاذ مشيل، ثلاث سنوات والمعارك مشتعلة في كل هذه المناطق... فما الذي أثر هذا على معركة الساحل؟! أكثر من ذلك: هل استطاعت هذه المعارك المشتعلة خارج الساحل أن تحمي أطفال بايناس والبيضا، من حرب التطهير التي مورست ضدهم، حتى على مبدأ: (توازن الرعب) لاسمح الله ؟!
يتابع الأستاذ ميشيل تصوره لمآلات معركة الساحل بالقول: " ستكون أولا معركة طويلة ومكلفة إلى حدود يصعب [تصوّر] فظاعتها، ولأن وقوعها سيجعل من السهل على النظام التلاعب بمشاعر الناس، وتأجيج ضغائنهم وأحقادهم، وزجهم من دون كبير عناء في معركته الإجرامية ضد مواطنيهم ".

وهل كانت المعارك في حمص التي دمرت عن بكرة أبيها وحوصرت وجوعت، وقتل عشرات من شبابها وهم يحاولون الحصول على الطحين للمدنيين الجوعى، يسهل تصور فظاعتها بالنسبة لك يا أستاذ ميشيل؟! وهل كان دمار 70% من دير الزور، وحرق وقصف حلب وجامعها الأموي وأسواقها الأثرية التي لاتقدر بثمن بالبراميل المتفجرة... معركة قصيرة وخاطفة وخالية من الفظاعات؟! دلنا على منطقة واحدة لم يخيرها النظام بين الحرية والتدمير... ولم يرد على تواجد الثوار فيها بالفظاعات؟!
حسناً إذا كان هذا النظام الطائفي يفعل ذلك لإيمانه في قرارة أعماقه، ان هؤلاء ليسوا شعبه، وليسوا أبناء عصبته الطائفية، أليس الأولى إحراجه أمام مؤيديه حين يرتكب هذه الفظاعات ضدهم كي لا يترك هذه المناطق بأيدي الثوار؟! ثم أنت تتحدث عن: (تأجيج ضغائنهم وأحقادهم) قاصداً سكان تلك المناطق... بالله عليك؟! هل مجازر كرم الزيتون والحولة والقبير والبيضا التي شارك فيها شبيحة علويون نتجت عن حالة صراع سياسي عقلاني ليس فيها أي ضغائن وأحقاد؟! عندما تصل البلطات والسواطير إلى رؤوس أطفال الحولة والبيضا... فهل هذا تعبير عن شيء آخر غير الأحقاد والضغائن؟!
يتابع الأستاذ ميشيل وأنا أقتطع مقاطع كاملة من مقاله كي لا تبدو المسألة اجتزاءً قسرياً للأفكار: " بقول آخر.. ليس الحسم ولا يجوز أن يكون في المنطقة الساحلية. ومن الضروري أن يمر بمرحلتين؛ أولى تغطي بقية مناطق سوريا، يتم خلالها تقويض قدرات النظام على الاستمرار والحرب، تحمى خلالها المنطقة الساحلية من سياسات وشرور السلطة، ومرحلة ثانية يكون لأهل الساحل فيها دور في الصراع ضد النظام، الذي ستكون علامات هزيمته جلية للعيان، وقادرة على إقناع الموالين منهم له بالانفكاك عنه، وبحتمية مشاركتهم في العمل الوطني ".

إذن على الثوار، ليس فقط ألا يقاتلوا هناك بل أن يحموا المنطقة الساحلية المؤيدة او شبه المؤيدة "من سياسات وشرور السلطة "... وعلى الثورة أن تقاتل حتى الرمق الأخير في كل المناطق، حتى إذا ما ظهرت علامات هزيمة النظام جلية للعيان، أمكن لنا إقناع الموالين بضرورة الانكفاك عنه... وكأن المسألة برمتها هي قفز من السفينة الغارقة في اللحظات الأخيرة لا أكثر ولا أقل؟!!
ما هذا المنطق الذي لا يدانيه منطق؟! ما هذا القلب لطبيعة الأشياء والمسؤولية الوطنية في المشاركة بالثورة؟! ما هذه القدرة الفذة على إقناع من لا يريدون أن يقتنعوا أنها ثورة حق وأمل ناس بالحرية والكرامة، إلا حين تظهر علامات هزيمة النظام جيلة وواضحة للعيان؟!
أليس ما تقوله هو الحرب الأهلية بعينها مع أناس يصرون ألا يروا المسألة إلا بمنظار الاصطفاف مع الجانب الأقوى رغم كل ما ارتكبه من مجازر وقتل وتدمير وكيماوي؟!! لماذا تريد أن تلبس معركة الساحل فقط ثياب الحرب الأهلية... مادمت أنت تعترف أنهم باقون معه حين تلوح علائم هزيمته؟!!

أسئلة لا يجيب عنها مقال حافل بالتناقضات... فالتناقض الأساس هو في جوهر الرؤية، وجوهر الإيمان بالثورة على كامل التراب الوطني... حين يجمع هذا التراب حلم التوق للحرية، ويفرقه هوس عشق الذل والعبودية وتذكارات البوط العسكري الذي تتشرف به الرؤوس والساحات... لأن هذه الساحات خلت من المظاهرات في زمن السلمية!

(114)    هل أعجبتك المقالة (114)

مراقب

2014-04-03

كلام سليم مية بالمية - و عتبنا على ميشيل كيلو ... يظهر انضم لحلف المناع.


علي الفغالي

2014-04-03

أؤيد الأخ صاحب المقال وأنا متابع للثورة السورية العظيمة , وأعتقد أن الاستاذ ميشيل كيلو مع ثوريته وفكره , الا ان هاجس الخوف الطائفي والديني له جذور في بنية فكره وبعض اخوتنا من غير الطوائف ..انها ثورة عظيمة ليست سنية فقط رغم ان السنة هم من عانى من ويلات اجرام النظام أكثر من غيرهم ولكنها ثورة لكل الشعب السوري والعربي أيضا ضد مخطط فارسي متحالف مع مافيا نظام يدعي حماية الاقليات لكسبها فلا تكن منهم يا كيلو وانت صاحب فكر ثوري ..لا تقع في فخ النظام.


saud hashemi

2014-04-03

إن الدعوات لوقف معركة الساحل مشبوهة وتهدئة الساحل أو أي منطقة من مناطق الصراع يصب في صالح النظام. لن يهزم النظام وهو المدجج بالسلاح سوى بإشعال كافة ساحات القتال. فهو الآن مثل البلطجي الذي يستفرد بمن حوله ويرهب الآخرين فيحجمون عن مقارعته لأنه أقوى من كل فرد منهم. النظام يحاول كسب الوقت والاستفراد بكل منطقة على حدة ويقوم بقصف المناطق التي لايستطيع أن يحشد لها لإرهابها ومنعها من الهجوم. وهنا لدي سؤال محير لماذا هدأت جبهة الجنوب ومن وراء هذا الهدوء في الوقت الذي اشتعلت فيه جبهة الساحل؟ هل المقصود إعطاء النظام فرصة كي يحشد لمعركة الساحل؟.


samia

2014-04-04

نرجو ن كل المجاهدين من كل سوريا النفرة الى كسب و جبال الاكراد فورا.


رقاوي

2014-04-04

غريب جدا من السيد ميشيل كيلو هذا التصريح وهو الذي كان صوته الجريْ والواضح ان الثورة السورية ليست طائفية وخاصة الاسلاميين ضد اي فئة من الناس انما ضد النظام وكذلك هي الان في الساحل فما جعله الان يدافع عن الساحل طبعا معركة الساحل ليست ضد طائفة الا من ثبتت عمالته للنظام مهما كانت صفته ومذهبة نامل من الاستاذ كيلو يوضح ماكان قصده من هذا المقال والا سقط من اعيننا نحن قراؤه.


saud hashemi

2014-04-04

إن الدعوات لوقف معركة الساحل مشبوهة وتهدئة الساحل أو أي منطقة من مناطق الصراع يصب في صالح النظام. لن يهزم النظام وهو المدجج بالسلاح سوى بإشعال كافة ساحات القتال. فهو الآن مثل البلطجي الذي يستفرد بمن حوله ويرهب الآخرين فيحجمون عن مقارعته لأنه أقوى من كل فرد منهم. النظام يحاول كسب الوقت والاستفراد بكل منطقة على حدة ويقوم بقصف المناطق التي لايستطيع أن يحشد لها لإرهابها ومنعها من الهجوم. وهنا لدي سؤال محير لماذا هدأت جبهة الجنوب ومن وراء هذا الهدوء في الوقت الذي اشتعلت فيه جبهة الساحل؟ هل المقصود إعطاء النظام فرصة كي يحشد لمعركة الساحل؟.


التعليقات (6)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي