أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأخلاق .. زاوية قائمة ... مضر عدس


منذ القديم ظهر الكثير من دعاة الأخلاق منهم من كان ذا رسالة ذاتية تبناها بمفرده و وضع قواعدها بنفسه ، و كانت أرضيّة بحتة تضم العديد من الأخلاق المكملة للحياة الاجتماعية بين البشر مثل أفلاطون و بوذا و غيرهما من الفلاسفة و المعلمين ، و منهم من حمل الرسائل السماوية التي تحتوي على الأخلاق و الشرائع و الطرق المختلفة لعبادة الخالق ، و على مر هذه العصور اختلف الناس بتقبل هذه الرسائل ، فهناك من مال قلبه إلى الإيمان برسالة سماوية و آخرون اختاروا لنفسهم الأخلاق الإنسانية المجردة من الدين . 

إن ناقشنا الدين الإسلامي على سبيل المثال لا الحصر ، نجده خليطاً متعدداً من الأخلاق البشرية و الشرائع التي تحدد العلاقات الإنسانية و الحدود التي تحاسب المختطئ و بالطبع الطريقة التي اختارها الله لعبادته ، و بمقارنته مع رسائل أرضيّة سنجد تشابهاً كبيراً في العلاقات الاجتماعية و اختلافاً في أمور أخرى ، لم تكن الأخلاق التي تحدد العلاقات بين الناس و طرق التعامل بينهم حكراً على الرسل و الرسائل التي وجدت منذ القديم ، و لكن مع مرور الزمن اعتاد الناس أخلاقاً معينة تحدد طبيعة العلاقة ، فالخلوق في مجتمعنا لا يسرق ، و لعدم السرقة وجهان ، وجه يقول صاحبه أنا لا أسرق لأني أخاف الله ربي ، و الآخر يقول أنا لا أسرق لأن لي ضميراً إن سرقت سُرق النوم من عيني .

الخلوق الأول لا يسرق لأنه يخاف الله و لكن علاقته مع الناس فيها نفاق فلولا وجود الله لسرق ، و الخلوق الثاني إن جاع هو و أطفاله لن يبقي و لن يذر ، فلذلك أخلاق الناس زاوية قائمة ، فالضلع الأول الأفقي المكوّن للزاوية القائمة هو أخلاقنا و تعاملنا مع الناس و هي مرتبطة بضميرنا الحي الذي يمنعنا من أذية الآخرين فهو خارج من قلبنا متوجه بأفقيته إلى قلوب الناس ، أما الضلع الثاني العمودي المكوّن للزاوية القائمة فهو علاقتنا مع الخالق عبادتنا و خوفنا منه و أخلاق ديننا ، فهو خارج من رأسنا متّجه إلى السماء ، يشكل هذان الضلعان الزاوية القائمة ، فلو كانت الأخلاق الأفقية هي من تحكمنا فقط فالنتيجة ( إن ساء زماننا ساءت أخلاقنا ) ، و بالمقابل إن كانت الأخلاق العمودية من تحكمنا لوحدها فقد أصبحنا منعزلين عن المجتمع كالعابد في صومعته ، و هكذا تُقاس الأخلاق فكلما اقتربت الزاوية إلى القائمة كانت حياتنا تقترب من الكمال البشري ، و هكذا ما يؤكده الدين الإسلامي من أنه متغير مع تغير الزمن ، فلو كان ثابتاً ناشفاً لأصبح المسلم عامودي الخلق ، ولكن تغير الدين تلاءم مع زماننا لتحافظ القائمة على قوامها .

(138)    هل أعجبتك المقالة (126)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي