أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ومازال العقل السياسي السوري في طور المراهقة... سوسن العريان*


ما إن تبدأ بتصفح مواقع التواصل الإجتماعي من فيس بوك وتويتر وغيرها حتى تظهر لك صورة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مرفوعة في كل صفحة سوري مؤيد للثورة السورية سواء كان أعلامي أم سياسي أم ثوري ،وإن لم تجد الصورة سوف تجد على الاقل سطري مديح أو إطراء تبجل وتقدس شخصية رجب طيب أردوغان وفي نهاية الإطراء ندب واستنكار لعدم وجود مثل تلك الشخصية في الشارع السوري أو بين القيادات السورية المعارضة .
شهدت تركيا في الايام الماضية انتخابات البلدية لمسؤولي البلديات المحلية التي وصفت بأنها معركة وجودية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا فكانت النتيجة فوز الحزب الحاكم بـ 46% من الأصوات مقابل نحو 28% لأقرب منافسيه وذلك في ظل من التوتر السياسي بين حزب العدالة والتنمية الحاكم والأحزاب المعارضة، إضافة الى ملفات الفساد التي في قيد التحقيق و المتهم فيها وبشكل رئيسي بعض من قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وماإن بدأت التوقعات تشير الى فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم حتى انبرى الإعلامين والسياسيين المعارضين لنظام بشار الاسد بلتغني بشخصية اوردغان مختزلين تجربة حزب التنمية والعدالة التي بدأت عام 2002 والتي حققت نجاحاً على صعيد الاستقرار وفى مجال التنمية الاقتصادية والفاعلية السياسية برجل واحد ، وهذا يدل على أن العقل السياسي السوري لم يتغير ولو بقيد أنملة منذ بدأ الثورة السورية ومازال الحكم في بنية عقله مختزل بحكم احادي مطلق يعوِّل عليه النجاح أو الفشل ، فهو يرى بأن التقدم الذي حصدته تركيا في الأعوام الماضية كان بسبب رجب طيب أردوغان فقط وليس بسبب دولة المؤسسات والقوانين والدستور التركي الذي يقر التعددية السياسية وحرية تشكيل الأحزاب على أسس علمانية في النظام السياسي.

لربما نتفهم انصراف الشارع السوري المعارض لرفع صور أردوغان والتهليل له, فقد عاش على مدار أربع عقود وأكثر في ظل حكم ديكتاتوري من عائلة واحدة وحزب واحد كرس في عقله مفاهيم خاطئة حول تمكين المؤسسات وبناء دولة ديمقراطية يختزل نجاحها أو فشلها بفردٍ واحد،ونحن ندرك بأن ثقافة الحكم الاحادي والاستبداد التي ترسخت في عقلولنا نتيجة الفساد المديد لن تتغير بين ليلة وضحاها .
ولكن مالانستطيع فهمه وادراكه هو انصراف السياسيين والاكادميين والاعلاميين الى القيام بالفعل نفسه متناسين دورهم الاساسي في محو تلك الثقافة من خلال التركيز على بنيان الدولة من تعزيز الفصل بين السلطات على أساس التعاون والتوازن وتفعيل الديمقراطية على كافة الأصعدة .

كنت اتمنى أن يخرج علينا أحد السياسيين والباحثين بقراءة نقدية للتجربة التركية في ظل حزب التنمية والعدالة وماهي الايجابيات التي يجب الاستفادة منها في المرحلة الانتقالية مابعد الثورة وماهي السلبيات التي يجب تجنبها .
ألم يأن الآوان للسياسيين والأكاديميين السوريين بأن ينتقلوا من طور المراهقة السياسية والتشتت وعدم اليقين الى موقع أكثر مسؤولية حاملين على عاتقهم تقديم مشروع سياسي متكامل يعمل على بناء دولة ديمقراطية ذات مؤسسات وسيادة قانونية تتسم بالمواطنة والعدل والمساواة معتمدين على الاستقراء والتأمل في تجارب دول أخرى أخذ فيها الانتقال المرحلي مداه المطلوب للتوافق السياسي والإجتماعي والإقتصادي أم أننا نحتاج الى ثلاث سنوات آخرى من الدمار والرهاب والتشريد لكي تشعروا بحجم المسؤولية تجاه الوطن والشعب !!


المسؤول الإعلامي في البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان*


(132)    هل أعجبتك المقالة (126)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي